مصر: تهديد بملاحقة محامين لنشرهم تحقيقات "أمن الدولة"
Arab
1 day ago
share
كشفت مصادر قانونية وحقوقية مطلعة، لـ"العربي الجديد"، أن النيابة العامة في مصر أجرت خلال الأيام الماضية اتصالات مباشرة مع عدد كبير من المحامين الذين يتولون الدفاع عن متهمين في قضايا ذات طابع سياسي، محذّرة إياهم من الاستمرار في نشر تفاصيل أو تعليقات عبر صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي تتعلق بسير التحقيقات أو جلسات المحاكمة، خصوصاً أمام نيابة أمن الدولة العليا. وقالت المصادر إن التحذيرات شملت محامين معروفين بترافعهم في القضايا المتعلقة بحرية الرأي والتعبير والانتماء السياسي، وإن الاتصالات صدرت من مسؤولين قانونيين تابعين لمكتب النائب العام، وبعضها من أعضاء في النيابة ذاتها، في إطار ما وصفوه بـ"التنبيه العام بعدم مخالفة أحكام القانون أو التأثير على سير العدالة". اتصالات بأكثر من 50 محامياً وبحسب المعلومات، التي حصل عليها "العربي الجديد"، فإن الاتصالات شملت أكثر من 50 محامياً على الأقل، بعضهم من العاملين في منظمات حقوقية، وآخرون مستقلون معروفون بنشرهم المنتظم لتفاصيل ما يجري داخل نيابة أمن الدولة العليا، سواء من خلال تحديثات قصيرة عن جلسات التحقيق مع المتهمين، أو عن قرارات الحبس والتجديد، أو حتى أوضاع المحتجزين. وأكدت المصادر أن نبرة التحذير في الاتصالات كانت واضحة وحاسمة، حيث أبلغ المحامون بأن "أي نشر لمعلومات تخص القضايا قيد التحقيق أو المحاكمة دون تصريح رسمي يعد خرقاً للقانون ويعرّض صاحبه للمساءلة القانونية"، في إشارة إلى القوانين المنظمة للإعلام وللنشر الإلكتروني. محامٍ: ما جرى يمثل سابقة مقلقة لأنه يحدّ من حق الدفاع في التعبير وقال أحد المحامين الذين تلقوا التحذير، وطلب عدم ذكر اسمه، إن المكالمة التي تلقاها من أحد وكلاء النيابة تضمنت تنبيهاً مباشراً بعدم نشر أي معلومة تتعلق بقضايا أمن الدولة على "فيسبوك" أو "تويتر"، وأن النشر في هذا السياق "يُعدّ تدخلاً في أعمال القضاء أو محاولة للتأثير في الرأي العام"، مؤكداً أن مضمون التحذير كان "مفهوماً على أنه تهديد ضمني بالملاحقة". وأوضح أن كثيراً من زملائه تلقوا تحذيرات مشابهة، وبعضهم أُبلغ بأن النيابة تتابع بدقة ما يُنشر على الصفحات الشخصية للمحامين، وأن هناك رصداً شاملاً لكل ما يتصل بسير التحقيقات أو بتعاملات المحامين مع الجهات القضائية. حالة قلق بالأوساط القانونية في مصر وأثارت هذه التحذيرات حالة من القلق في الأوساط القانونية في مصر، خصوصاً بين المحامين الذين يعتمدون على صفحاتهم الشخصية في توثيق ما يحدث خلال جلسات التحقيق، أو عرض ما يرونه تجاوزات قانونية في بعض القضايا. وقال أحد أعضاء نقابة المحامين، لـ"العربي الجديد"، إن ما جرى "يمثل سابقة مقلقة، لأنه يحدّ من حق الدفاع في التعبير، ويُضيق مساحة الشفافية حول القضايا العامة"، مضيفاً أن "النشر الذي يقوم به المحامون لا يتضمن عادة أسراراً تحقيقية، بل يعكس فقط ما يُسمح لهم بالاطلاع عليه قانوناً".   مصادر قانونية: بعض المحامين قرروا بالفعل تجميد نشاطهم على مواقع التواصل الاجتماعي وأشار إلى أن النقابة لم تتلق حتى الآن إخطاراً رسمياً من النيابة العامة بشأن هذه التحذيرات، لكنها تدرس الموقف تحسباً لتطور الأزمة أو صدور قرارات أكثر تشدداً خلال الفترة المقبلة، خصوصاً في ظل حساسية القضايا التي تنظر فيها نيابة أمن الدولة العليا، والمتعلقة بالمعارضين السياسيين أو نشطاء الرأي. ورأى مراقبون أن هذه الخطوة تأتي في سياق أوسع من محاولات ضبط الخطاب العام حول القضايا السياسية داخل مصر، في وقت تزداد فيه حدة الانتقادات الحقوقية لتوسع نطاق المحاكمات أمام دوائر الإرهاب ونيابة أمن الدولة العليا، فضلاً عن استمرار حبس عدد من النشطاء والصحافيين. وأشار محللون قانونيون إلى أن النيابة العامة في مصر تسعى من خلال هذه التحذيرات إلى منع تسريب تفاصيل القضايا الحساسة إلى الرأي العام أو وسائل الإعلام الدولية، خصوصاً أن بعض منشورات المحامين كانت تُتداول على نطاق واسع وتتحول إلى مصادر للمعلومات في تقارير المنظمات الحقوقية الأجنبية. وفي المقابل، اعتبر محامون وحقوقيون أن حق الدفاع في إطلاع المجتمع على ما يجري داخل أروقة القضاء جزء من الشفافية المطلوبة، وأن التضييق على هذا الحق يُعدّ تراجعاً عن مسار الإصلاح القضائي الذي طالما وعدت به الدولة، خصوصاً في ظل دعوات رسمية متكررة لـ"حوار وطني شامل". ورجّحت مصادر قانونية أن تشهد المرحلة المقبلة مزيداً من الملاحقات بحق المحامين والنشطاء الذين يواصلون النشر عن القضايا السياسية، لا سيما بعد أن جرى تنبيههم بشكل مباشر. وأضافت أن بعض المحامين قرروا بالفعل تجميد نشاطهم على مواقع التواصل الاجتماعي خشية الملاحقة، بينما قرر آخرون الاستمرار في النشر "ضمن الحدود القانونية"، وفق تعبيرهم. وتبقى الأسئلة معلّقة حول ما إذا كانت هذه التحذيرات إجراء عابراً مرتبطاً بتطورات آنية في بعض القضايا، أم بداية لتوجه رسمي جديد للسيطرة على المعلومات المتداولة حول عمل نيابة أمن الدولة العليا، التي تمثل الجهة الأكثر حساسية في المشهد القضائي المصري خلال السنوات الأخيرة.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows