مساعٍ يبلوماسية لاسترداد آثار مصرية مهربة بعد مصادرتها في أميركا
Arab
4 days ago
share
أكّد أمين عام هيئة الآثار المصرية السابق مصطفى وزيري، حق مصر في مطالبة السلطات الأميركية، باسترداد كل الآثار المصرية التي جرى ضبطها مؤخراً أو التي خرجت من البلاد عن طريق التهريب، سواء كانت مسجلة بالمتاحف أم التي حصل المهربون عليها بطرق غير مشروعة. وقال وزيري إن استرداد الآثار المسروقة والمنهوبة حق لا يسقط بالتقادم، وفقاً للقانون الدولي وقرارات منظمة يونسكو لحفظ الآثار والتراث العالمية. وجاءت تعليقات وزيري، في مقابلة مع "العربي الجديد"، عقب إعلان السلطات الأميركية مصادرتها 14 قطعة أثرية مصرية نادرة، بعد أن جرى تهريبها بصورة غير مشروعة من مصر إلى الولايات المتحدة، وعدم مطالبة الحكومة المصرية، باستردادها خلال فترة التحقيق التي استمرت عدة أشهر. وفي قائمة المصادرات، تمثال جنازي من الحجر الجيري يعود إلى عصر الدولة القديمة، تقدّر قيمته السوقية بنحو 6 ملايين دولار. صدر قرار المصادرة عن محكمة فيدرالية بولاية ماريلاند، في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد سلسلة من التحقيقات المطولة شاركت فيها وزارة العدل الأميركية، وجهاز تحقيقات الأمن الداخلي، وهيئة الجمارك وحماية الحدود، إلى جانب مركز الاستهداف الوطني التابع للجمارك. وأشار بيان المصادرة الموقع من وزارة العدل الأميركية، اطلع "العربي الجديد" على تفاصيله، تنوع القطع الأثرية بين تمائم مصرية قديمة وتماثيل حجرية صغيرة، وإناء أثري، وتمثال جنازي ضخم، مشيراً إلى أنه يُعتقد أن مصدر هذه الآثار يعود إلى مواقع أثرية حساسة في مصر مثل منطقة سقارة أو هضبة الجيزة، ما يضفي عليها قيمة تاريخية وحضارية استثنائية إلى جانب قيمتها المادية. وتقدر قيمة التمثال الجنازي من الحجر الجيري وحده بستة ملايين دولار، وهو ما يعادل نحو نصف القيمة الإجمالية لبقية القطع مجتمعة، بحسب خبراء آثار استندت إليهم الوثائق القضائية، التي وصفته بأنه يمثل شخصية رفيعة المكانة في المجتمع المصري القديم، وكان يستخدم في طقوس الدفن. وذكر البيان الأميركي أن الحكم بمصادرة الآثار المصرية جاء من قبل المدعي العام بالوكالة في ولاية ماريلاند كيلي أو. هايز، والوكيل الخاص المسؤول عن مكتب التحقيقات في الأمن الداخلي بمدينة بالتيمور إيفان كامبانيلا، والمدير التنفيذي لمركز الاستهداف الوطني التابع للجمارك الأميركية ستيفن مالوني، وذلك ضمن تعاون مشترك بين الأجهزة الأمنية والقضائية المختصة بمحاربة تهريب القطع الأثرية وحماية التراث الثقافي العالمي من التدمير والاتجار غير المشروع. وعثرت السلطات على القطع المهربة من مصر، في أثناء محاولات إدخالها عبر مطارات أميركية دولية، حيث تمكن ضباط الجمارك من اعتراضها بعد تتبع شحنات مشبوهة كانت قادمة من الخارج ومتجهة إلى جامع مقتنيات في ولاية ماريلاند. وبرّرت السلطات الأميركية قرار المصادرة، في 30 سبتمبر، بأن محكمة الولاية أقرت ذلك استناداً إلى أن القطع الأثرية هرّبت من دون مستندات ملكية أو تراخيص تصدير معتمدة من السلطات المصرية، ما يجعل دخولها إلى الأراضي الأميركية انتهاكاً للقوانين الفيدرالية، خصوصاً قوانين مكافحة تهريب الآثار والاتجار غير المشروع بالتراث الثقافي. وأجرى "العربي الجديد" اتصالات بمكتب وزير السياحة لطلب التعليق على قرار السلطات الأميركية بمصادرة آثار مصرية من دون جدوى. وأوضح أمين عام هيئة الآثار المصرية السابق مصطفى وزيري، أن قرار المصادرة إجراءٌ مؤقتٌ من قبل السلطات الأميركية، سيجري على إثره التواصل مع الجهات المعنية في مصر، عبر السلك الدبلوماسي، لتبادل المعلومات، وإبلاغ النائب العام المصري لمتابعة الإجراءات القانونية، التي تستهدف استعادة تلك الآثار، التي ثبت من التحقيقات أنها مصرية الأصل. وأشار وزيري إلى أن هذه الحالة ليست الأولى من نوعها، وتتكرّر مع كل حالة سرقة لأثر سواء كان مسجلاً لدى هيئة الآثار وأحد المتاحف، أم جرى تهريبه إلى الخارج بعد اكتشافه بطرق غير مشروعة، مؤكداً أنه يحق للدولة أن تطالب باسترداد الآثار المهربة، خاصةً تلك التي خرجت من البلاد بعد عام 1970، وفقاً لاتفاقات حماية الآثار المنظمة من قبل "يونسكو". بحسب خبراء قانونيين في قضايا الآثار، استطلع " العربي الجديد" آراءهم، تستطيع مصر عبر وزارة الخارجية ووزارة السياحة والآثار أن تتقدم بطلب رسمي إلى السلطات الأميركية لاسترداد القطع، مستندة إلى اتفاقية "يونسكو" لعام 1970 الخاصة بحظر ومنع استيراد وتصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة، لافتين إلى نجاح القاهرة في استرداد آلاف القطع الأثرية خلال العقد الأخير من الولايات المتحدة ودول أوروبية، لكن الأمر قد يتطلب إجراءات قضائية إضافية لإثبات ملكية مصر لتلك القطع بشكل مباشر. وأشار الخبراء إلى أنّ هذه ليست المرة الأولى التي تُضبط فيها آثار مصرية في الولايات المتحدة، ففي 2011، صادرت الجمارك الأميركية عشرات القطع المصرية التي تعود إلى عصور مختلفة، وفي 2019، استعادت مصر تابوتاً ذهبياً فاخراً كان معروضاً في متحف المتروبوليتان للفنون في نيويورك بعد أن ثبت تهريبه خلال أحداث 2011. وفي 2023، ضبطت السلطات الأميركية مجموعة من التماثيل المصرية الصغيرة والتمائم الجنازية في نيويورك، كانت قد وصلت عبر شبكات تهريب عابرة للقارات. وجاء الضبط الأخير خريف 2025، الذي شمل التمثال الجنازي الضخم وغيره من القطع، ليؤكد أن الولايات المتحدة ما تزال إحدى الوجهات الأساسية للمهربين بسبب وجود سوق ضخم لتجارة التحف والآثار النادرة، ذات القيمة السوقية العالي مثل التماثيل والتمائم المصرية التي تحظى بطلب كبير في السوق السوداء بسبب ندرتها ورمزيتها، مع زيادة عمليات التنقيب غير المشروع والتهريب من المواقع الأثرية المصرية.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows