العدوان الإسرائيلي يرفع كلفة المخاطر في الخليج
Arab
6 days ago
share
يسلط العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة ودول المنطقة لنحو عامين مع اقتراب ذكرى طوفان الأقصى الذي انطلق يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، الضوء على انعكاسات ذلك اقتصادياً على دول الخليج في ظل مؤشرات "صدمة" لمناخ الأعمال والاستثمار في المنطقة. فبعد أن كان الخليج، رغم انخراطه الدبلوماسي والاقتصادي، بمنأى نسبياً عن عمليات الاستهداف العسكري المباشر، جاء تعرض الدوحة لعدوان إسرائيلي في 9 سبتمبر/أيلول الماضي، ليزيد المخاوف الاقتصادية على الأسواق الخليجية ومناخ الاستقرار اللازم للأعمال، بحسب تقدير نشره معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى. إعادة تقييم يؤكد الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي، لـ "العربي الجديد"، أن استهداف عواصم عربية يحول الصدمات الأمنية إلى تكاليف تمويلية مستدامة تمس قطاعات الطيران والسياحة والمشاريع السيادية، مشيراً إلى أن الوضع الراهن يعيد طرح سؤال جوهري مفاده: ما مدى سيادة هذه المراكز المالية؟ ولماذا أصبحت عواصم الخليج أهدافاً مباشرة؟ الإجابة الاقتصادية تكمن، بحسب ما يرى الشوبكي، في حجم الكتلة الاقتصادية الخارجية لدول الخليج، والذي يتجاوز 2.2 تريليون دولار، إذ إن أي اهتزاز في ثقة المستثمرين ينعكس فوراً على تكلفة رأس المال وعلى إصدارات السندات وطروحات الشركات وتكاليف التأمين، فالخليج لم يعد مجرد مركز نفطي، بل أصبح أحد أكبر المراكز المالية العالمية، ما يجعل تدفقات رؤوس الأموال حساسة لأي حدث أمني مهما كان محدوداً. وفي قطاع الغاز تظل قطر لاعباً محورياً، ليس لكونها مصدراً رائداً فقط، بل لأنها أكبر مالك لأسطول ناقلات الغاز الطبيعي المسال، وتشكل قراراتها التسويقية مرجعاً لتسعير السوق العالمي، ولذا يبين الشوبكي أن أي تهديد مباشر لها يرفع علاوة المخاطر على الشحن والتأمين والعقود الآجلة، وهو ما يمتد ليشمل النفط أيضاً الذي يمثل نحو 30% من العرض العالمي ويصدر عبر الممرات الاستراتيجية نفسها. ويلفت الشوبكي إلى أن الأثر الأول للهجوم على الدوحة ظهر فوراً في أسواق الأسهم، لكنه كان محدوداً ومتحكماً فيه، ما يدل على أن الضرر حتى الآن سياسي ومعنوي وليس بنيوياً، وهذا يعطي مجالاً للرد السياسي، وهو ما نجحت فيه الدوحة عبر عملية سياسية انتهت باعتذار صريح من إسرائيل لقطر، بحسب تقديره. لكن الخطر الحقيقي يكمن، بحسب الشوبكي، في رفع تكاليف التأمين على الطيران والشحن وتوسيع هوامش الإقراض للمشاريع السيادية وشبه السيادية، وسيؤدي إلى تأجيل أو تعليق طروحات استثمارية حساسة في العقارات والسياحة والتكنولوجيا نتيجة البيئة غير المعتادة في منطقة الخليج، وفي حال استمرار الاضطرابات السياسية والعسكرية في المنطقة العربية. استجابة الخليج وعن استجابة دول الخليج لآثار العدوان الإسرائيلي، يرى الشوبكي ضرورة التزام هذه الاستجابة بثلاثة محاور، أولها إرسال رسائل طمأنة موحدة من الهيئات المالية والطاقة تؤكد استمرارية الأعمال. ويضيف الشوبكي أن توسيع الضمانات السيادية وشبه السيادية لخفض هوامش الاقتراض على المشروعات ذات الأولوية يمثل المحور الثاني لاستعادة التسعيرة الطبيعية. أما المحور الثالث، فيتمثل بحسب الشوبكي، في بناء مظلة تأمينية خليجية جماعية للطيران والشحن والفعاليات الكبرى لتقليص المخاطر الفردية. وضمن هذه المظلة، يرى الشوبكي ضرورة التركيز الإعلامي على سلامة المرافق النفطية والغازية، وتعزيز تعاقدات طويلة الأجل تضمن استقرار الإمدادات، خاصة في الغاز المسال، لتبقى عاملاً عازلاً ضد التقلبات السياسية. لكن الأهم، كما يرى الشوبكي، هو تحويل الاعتداء إلى كلفة سياسية تتحملها إسرائيل عبر القنوات القانونية الدولية بالتوازي مع أدوات ضغط دبلوماسي منسق عربياً وإسلامياً، من دون تجاهل للبعد الاستراتيجي الأوسع، إذ يجب على الخليج تعميق الروابط الاستثمارية والتمويلية مع آسيا الهند والصين، وتوسيع بدائل الممرات اللوجستية لحفظ سلاسل التوريد في حال تصاعدت المخاطر الإقليمية. 3 ضغوط رئيسية في السياق، يشير عميد كلية إدارة الأعمال بالجامعة الأميركية للتكنولوجيا في لبنان، بيار الخوري، لـ "العربي الجديد"، إلى أن اقتصادات دول الخليج واجهت، منذ اندلاع الحرب على غزة في خريف 2023، ضغوطاً متزايدة عبر ثلاث قنوات رئيسية، هي: اضطراب سلاسل الشحن في البحر الأحمر، وتبدل ثقة المستثمرين، وتراجع بعض الإيرادات غير النفطية مثل السياحة والخدمات. فالهجمات على الملاحة دفعت العديد من السفن إلى الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح، ما زاد زمن الرحلات وكلفتها، ورفع أقساط التأمين بشكل حاد، ما انعكس مباشرة على الموانئ السعودية المطلة على البحر الأحمر، حيث تراجعت حركة الشحن بنسب كبيرة، بحسب الخوري، لافتاً إلى أن هذا الاضطراب لم يقتصر على التجارة، بل أدى إلى تضخم في تكاليف الاستيراد، بينما ظل الإنتاج النفطي والغازي في الخليج بمنأى عن أي استهداف مباشر. وعلى صعيد الاستثمارات والقطاعات غير النفطية، أظهرت اقتصادات الخليج مرونة لافتة، بحسب تقدير الخوري، فالسياحة والخدمات والصناعة التحويلية واصلت النمو بفضل برامج التنويع والاستثمارات الداخلية الضخمة، ما ساعد على تعويض جزء من الخسائر، غير أن حالة عدم اليقين ظلت قائمة، ما أدى إلى تأجيل بعض المشاريع الأجنبية الكبرى، وزيادة اعتماد الحكومات على الدعم المالي والتأميني لتخفيف آثار الأزمة. وبعد نحو عامين من الحرب، يرى الخوري أن أكبر الخسائر تركزت في قطاعي الشحن والتأمين، وفقدان الإيرادات المرتبطة بالموانئ البحرية، بينما بقيت القطاعات غير النفطية أكثر صلابة مما كان متوقعاً، معتبراً أن القصف الإسرائيلي في الدوحة شكل نقطة توتر إضافية، لكنها لم تتحول إلى أزمة اقتصادية كبرى.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows