نصيحة ــ بهدلة لتوم برّاك
Arab
1 week ago
share
مذهلٌ أن يُملي جاهل الدروس والأوامر على حكومة لبنانية تضمّ من بين وزرائها اثنين يكاد وزن عقليهما ومؤلفاتهما وشهاداتهما وإسهاماتهما في دنيا الدبلوماسية والأكاديميا يفوق وزن جسد توم برّاك، موضوع هذه الأسطر. محبطٌ أن نعيش في كوكب يثرثر فيه متعجرف مثله عمّا لا يفقه على مسامع حكومة نواف سلام التي تضمّ طارق متري وغسّان سلامة، فبؤس القدر أن تكون صفة توم برّاك وسيطاً ودبلوماسياً، هي صفة طارق متري وغسّان سلامة نفسها وسيطين سابقين ودبلوماسيين في أصعب الأمكنة، كليبيا والعراق وميانمار. هذان مثل هذا؟ فعلاً؟ وما الذي أوصل توم برّاك إلى منصبه عن عمر 78 عاماً سفيراً للولايات المتحدة لدى تركيا ثم وسيطاً خاصّاً بسورية وبلبنان، غير علاقة الشراكة والمصالح المالية التي تجمعه مع معلمه دونالد ترامب؟ ما هي مؤهلاته غير العقارية التي تبرّر تسلّمه مسؤوليات دبلوماسية حساسة كهذه، وهو مالك شركة كان اسمها Colony Capital وصار بعد سجنه في 2021، digital bridge group للتطوير العقاري، المهنة التي تشعر في زمن ترامب وأنت تلفظها أنها تنتمي إلى عائلة مهن "صانع المحتوى" و"المؤثر" و"الناشط"، مثيرة للريبة في أقل تقدير؟ السيرة المهنية على الموقع الإلكتروني للسفارة الأميركية في تركيا لهذا السجين بتهم فساد تتفاخر بأنه "تمكّن من خلال أعماله العقارية أن ينسج علاقاته السياسية في الشرق الأوسط". كيف لا والفساد مفخرة في زمن ترامب. كذلك لا يخجل كاتب النبذة من شرح كيف أن الخبرة العقارية لصاحب وصف سلوك الصحافيين اللبنانيين بالحيواني "تسمح له بإدارة شؤونٍ معقّدةٍ في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا". أوليست السياسة فنّاً من فنون البزنس في عصر أسوأ من أنجبت أميركا؟ أرفع منصب رسمي تسلمه برّاك، المحامي السابق لشركات مالية، كان عام 1982، نائباً لوكيل وزارة الداخلية في عهد رونالد ريغان، وثاني منصب عام 2016 رئيساً للجنة تنصيب ترامب رئيساً في ولايته الأولى، أي مدير مسرح تقريباً. طبعاً لا تذكر سيرته الرسمية أنه سُجن عام 2021 بتهم فساد (ممارسة الضغط lobbying غير المشروع لمصلحة الحكومة الإماراتية من أجل تغيير المواقف السياسية الخارجية لحملة ترامب الأولى وإدارته)، وأنه لم يخرج من السجن إلا بعفو من معلمه، ولكنها في المقابل تصرّ على إخبارنا بأنه كاثوليكي. طلب المعذرة واجب من القرّاء، فالمرء يكون في وارد الكتابة عن تصريحات توم برّاك الكاذبة والجاهلة بالتاريخ والمحمّلة بادّعاءات أكبر من أن يفهم الرجل معناها وأبعادها، فيجد نفسه تلقائياً في صدد مناقشة من يكون هذا الإنسان وماضيه وانعدام كفاءته، حاله كحال جميع أركان إدارةٍ أميركية وجودها قد يكون دليلاً على أن نهاية الكوكب اقتربت. أما وأننا محكومون بوجود توم برّاك، فإنّنا مضطرّون أيضاً إلى أن نسمع تخريفاته وأن نتذوّق شوربة تصريحاته واختياره كلمات كبيرة لا يعرف معناها ويملأ فيها نقصاً عميقاً في معارفه وفي شخصيته. وإلا كيف يُفهم قوله إن منطقة الشرق الأوسط تتكون حصراً من قبائل وقرى وإنها لم تشهد سلاماً منذ مئة عام، لذلك فهو لا يثق بأحد في الشرق الأوسط، بما في ذلك إسرائيل؟ لماذا يعود موسمياً إلى نغمة "سايكس بيكو" والاستعمار، وهو على الأرجح لا يعرف معنى سايكس بيكو ولا ما كان قبله، ثم يختلق أرقاماً توحي بأنه فهيم، مثل استحالة "توحيد 27 دولة مختلفة في المنطقة، تضم 110 مجموعات عرقية"، فما هي هذه الدول الـ27 ومن أين أتى بالمجموعات الـ110 تحديداً، وأي 27 وقفاً لإطلاق النار لم ينجح أي منها في المنطقة؟ خيراً حصل أن أتت النصيحة ــ البهدلة لهذا الجاهل من غسّان سلامة في مقابلة على تلفزيون العربي وأخرى على قناة الجديد المحلية: ملخّص التقريع الدبلوماسي: قلّل من التصريحات، لأنّك كلما تحدثت "تخبّص"، ثم لا تجزم بمعرفتك في التاريخ، لأنك لا تعرفه. توقف عن الكلام عن لبنان والمنطقة قبل أن تأخذ ثلاث أو أربع ساعات دروس في التاريخ.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows