شراكات استثمارية تعزز التعاون الاقتصادي بين الدوحة ومسقط
Arab
1 week ago
share
أكثر من 87 فرصة استثمارية عرضتها هيئة "استثمر في عُمان" على المستثمرين القطريين خلال زيارة وفد اقتصادي رفيع المستوى من سلطنة عُمان إلى الدوحة في سبتمبر/ أيلول الجاري، برئاسة وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار قيس بن محمد اليوسف، سلطت الضوء على تعزيز عميق للشراكة الاقتصادية بين البلدين بشكل استثنائي وانعكاسه على عموم المواطنين فيهما. فالمسؤولون القطريون في القطاع الحكومي، إضافة إلى ممثلي القطاع الخاص من غرفة قطر ورابطة رجال الأعمال القطريين، أبدوا اهتماما خاصا بالفرص العمانية، التي توزعت على قطاعات متنوعة مثل الثروة السمكية والصناعات الغذائية والدوائية والتكنولوجيا والمعادن والطاقة المتجددة والسياحة والزراعة، ما يعكس تنوع الاقتصاد العُماني ورهانه على جذب رؤوس الأموال الخليجية، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء العمانية. وبلغ حجم التبادل التجاري بين قطر وسلطنة عُمان نحو 6.2 مليارات ريال قطري في عام 2024 مقارنة بـ5.3 مليارات ريال في عام 2023، مسجلاً نمواً بنسبة 17%. حسب بيانات غرفة تجارة قطر، التي سجلت عمل أكثر من 480 شركة عُمانية في داخل السوق القطرية. فالشراكة الاقتصادية بين عمان وقطر دخلت بالفعل مرحلة جديدة من العمق والتكامل، مع توسع دائرة المستفيدين لتشمل قطاعات يشعر المواطن العادي بأثرها، مثل الصناعات الغذائية، التكنولوجيا، اللوجستيات، والطاقة المتجددة، حسب تقرير نشرته منصة غرفة قطر. وفي ما يتعلق بتسهيل عمل الشباب والعمالة المؤقتة عبر الحدود، فقد شهدت الأسابيع الأخيرة نقاشات حكومية موسعة حول ملفات التنقل العملي للشباب والخريجين، بما يشمل السعي لإنشاء برامج تدريب مشتركة وتطوير الحاضنات الريادية والانخراط في منتديات التنمية الشبابية الحديثة، حسب تقرير نشرته "عمان أوبزرفر"، مشيرة إلى أن الاتفاقيات تضمنت برامج تنفيذية للتعاون في قطاعات الشباب والرياضة وبرامج تطوير الكفاءات، ما يعكس وجود نية رسمية لتوفير مسارات أكثر مرونة للعمالة المؤقتة ورواد الأعمال بين البلدين. فالتعاون الاقتصادي بين البلدين لم يعد قاصرا على المؤسسات الكبرى، بل يشمل إطلاق وترويج مشاريع مشتركة صغيرة ومتوسطة في القطاعين الحيويين مثل الصناعات الدوائية، والأسماك، والمنتجات الزراعية، وهذا ما يساهم في خفض الحواجز الإجرائية أمام صغار المنتجين العمانيين ويعزز فرصهم للارتقاء والتصدير المباشر للدوحة، بحسب تقدير غرفة قطر. ومن شأن هذه الديناميكية أن ستنعكس بصورة إيجابية وملموسة على المستهلكين والمنتجين في البلدين، وتساهم في توطيد الأمن الغذائي وتوسيع خيارات التوظيف، خاصة لدى فئة الشباب والعاملين المؤقتين في القطاعات التقليدية والجديدة، بحسب تقرير "عمان أوبزرفر". التجارة والاستثمارات بين الدوحة ومسقط وفي هذا الإطار، يؤكد الخبير الاقتصادي العُماني، مؤسس البوابة الذكية للاستثمار والاستشارات يوسف بن حمد البلوشي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن العلاقات الاقتصادية بين سلطنة عمان ودولة قطر تشهد زخما متزايدا يُقاس بتطور ملحوظ في حجم التجارة المتبادلة ونمو الاستثمارات المشتركة وتوافق استراتيجي في مسارات التحول الاقتصادي. فكلا البلدين يمران، حسب تقدير البلوشي، بمرحلة انتقالية استراتيجيا، إذ تنفذ سلطنة عمان رؤية 2040، وقطر تمضي في رؤيتها الوطنية 2030، وكلتاهما تسعى إلى تقليل الاعتماد على النفط والغاز، وبناء اقتصادات مستدامة تعتمد على التنويع، والاستثمار في الصناعة والابتكار والموارد البشرية. وبفضل موقعها الجغرافي المتميز على المحيط الهندي، وبُعدها عن المضائق الضيقة مثل هرمز، تمتلك سلطنة عمان ميزة تنافسية تتيح لرجال الأعمال القطريين وصناعات الغاز والطاقة القطرية الوصول إلى أسواق آسيا وأفريقيا دون التعرض للضغوط الجيوسياسية المرتبطة بعبور الممرات الاستراتيجية المهددة، حسبما يرى البلوشي. ومن شأن ذلك أن يفتح، حسب البلوشي، مجالا استراتيجيا للتعاون في مجالات النقل اللوجستي وتخزين وتوزيع الغاز الطبيعي المسال وتطوير مراكز إقليمية للطاقة النظيفة تخدم السوق الآسيوي مباشرة وتُقلل مخاطر الاعتماد على طرق الشحن المعرضة للتعطيل. كما أن قطر، باعتبارها تمثل أحد أكبر منتجي الغاز المسال عالميا، تبحث عن شراكات لتوسيع سلاسل توريدها خارج الممرات التقليدية، وهو ما يراه البلوشي متوافقا مع حاجة سلطنة عمان إلى تطوير قدراتها الصناعية في قطاع الطاقة، وتحويلها من مستورد للطاقة إلى مركز إقليمي للتحويل والتخزين والتصدير. ويلفت البلوشي، في هذا الصدد، إلى أن ملف البحث عن العمل يعد من أولويات سلطنة عمان في هذه المرحلة، حيث تزداد أعداد الخريجين العمانيين الباحثين عن فرص وظيفية مناسبة، ويمكن لهذه الفئة أن تجد سوقا مفتوحة في الدوحة، خاصة في قطاعات البنوك والرعاية الصحية والطاقة والخدمات المتقدمة، سواء في المهن المتوسطة أو العالية المهارة. ويوضح البلوشي أن الشراكة العمانية القطرية في هذا الملف ليست مجرد تبادل للعمال، بل تكامل اقتصادي - اجتماعي يعزز الترابط بين المجتمعين وينقل المعرفة ويبني رأس مال بشري مشترك، ويعد حجر أساس لأي شراكة مستدامة. بوابة استراتيجية في هذا السياق، يشير الخبير الاقتصادي القطري عبد الله الخاطر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن الشراكة بين قطر وعمان تشكل بوابة استراتيجية لتكامل اقتصادي لا يقتصر على التجارة، بل يمتد ليشمل البنية التحتية، والطاقة، والموارد، واللوجستيات، وسلاسل التوريد الإقليمية، معتبرا أن هذا التكامل يفتح فرصا حقيقية لدعم المستثمرين وتمكين الشباب وتوسيع قاعدة المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتعزيز قدرات الأسواق في كلا البلدين، ما يُعزز مرونة الاقتصادين أمام التحديات الجيوسياسية. ويوضح الخاطر أن موانئ عمان، خاصة ميناء الدقم، تمثل نقطة تفريغ استراتيجية يمكنها خفض تكاليف النقل وتسريع زمن التسليم بالنسبة للبضائع القطرية، ورفع كفاءة سلاسل التوريد للاقتصاد الخليجي ككل، لافتا إلى أن الدراسة الجادة في هذا المجال تُظهر إمكانية تحويل الدقم إلى محور لوجستي يخدم قطر وجميع دول الخليج، ويقلل الاعتماد على الممرات المائية الضيقة المعرضة للخطر. ففي قطاع المياه، تمتلك عمان موارد مائية كبيرة، ما يفتح المجال، حسبما يرى الخاطر، لمشاريع نقل المياه العذبة عبر أنابيب، كما يتم نقل النفط، لدعم الزراعة والصناعة في قطر وتقليل الاعتماد على التحلية، وهو ما يُخفف الأعباء البيئية والمالية، ويعزز الاستدامة. كما أن التكامل العماني القطري يمكن أن يشمل التعاون في قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة وتبادل الكوادر المؤهلة ونقل الخبرات التقنية، وهو ما يراه الخاطر معززا للابتكار المحلي ورافعا لمستوى الإنتاجية في قطاعات الطاقة النظيفة والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية والذكاء الاصطناعي، حيث تمتلك قطر الطلب والتمويل، وتمتلك عمان الموارد والقدرات. ويصف الخاطر هذا التكامل بأنه "حصن استراتيجي" للمنطقة، موضحا أن موانئ عمان وشبكة الخطوط البرية التي بدأتها المملكة العربية السعودية مرشحة لاستكمال ما تقوم به قطر عبر ربطها بخطوط سكك حديدية ومطارات متطورة ومحطات لوجستية مشتركة، لتشكل شبكة موحدة تربط آسيا بأفريقيا وأوروبا.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows