
Arab
مع انطلاق العام الدراسي الجديد في سورية أخيراً، أصدرت وزارة التربية والتعليم تعميماً يقضي بمنع الأناشيد والشعارات في كلّ المدارس العامة والخاصة حتى إشعار آخر؛ إلى حين اعتماد نشيد وطني وشعار رسمي للوزارة وفقاً للأصول الدستورية والقانونية. وأثار القرار، الذي تبع مداولات المجلس الأعلى للتربية والتعليم التي جرت أمس الأحد في 28 سبتمبر/ أيلول الجاري، تساؤلات حول روتين مدارس سورية اليومي، خصوصاً في الطابور الصباحي والفعاليات الثقافية والرياضية.
وأوضحت وزارة التربية والتعليم، في تعميمها، أنّ "التوقّف عن ترديد الأناشيد والشعارات ليس إجراءً عشوائياً، بل يهدف إلى توحيد الرموز الوطنية قبل اعتمادها رسمياً"، وهو "يُلزم المدارس بمراقبة الالتزام به وإبلاغ الوزارة عن أيّ مخالفة". وقد أشارت مصادر تربوية لـ"العربي الجديد" إلى أنّ الهدف الأساسي هو ضمان مطابقة أيّ رمز رسمي للدستور والقانون، وتفادي أيّ ارتباطات سياسية سابقة، بما يضمن أن تعكس الأناشيد والشعارات هوية الدولة الحالية.
وقالت مديرة إحدى مدارس دمشق باسمة حداد لـ"العربي الجديد" إنّ التعميم "أحدث مفاجأة في المدرسة، خصوصاً في ما يتعلّق بالطابور الصباحي والفعاليات الأسبوعية المعتادة". أضافت: "على الرغم من أنّ القرار يهدف إلى توحيد الرموز الرسمية قبل اعتمادها، فإنّنا في حاجة إلى توضيح بشان المدّة المتوقعة لإقرار النشيد والشعار الجديدَين". وأشارت حداد إلى أنّ "إدارة المدرسة ستعمل على تعويض ذلك من خلال أنشطة مثل الإذاعة المدرسية والتمارين الصباحية التي لا تستدعي بثّ أناشيد أو شعارات"، مشدّدة على أنّ "الهدف هو الحفاظ على انتظام اليوم الدراسي وعدم التأثير على العملية التعليمية".
من جهتها، لفتت المدرّسة سلمى فاضل، التي تعمل في التعليم منذ أكثر من عشرين عاماً، إلى أنّ "ثمّة بعداً تاريخياً للقرار"، شارحةً لـ"العربي الجديد" أنّ "الأناشيد والشعارات التي كانت تُردَّد سابقاً مرتبطة بحزب البعث الذي حكم سورية سنوات طويلة"، بالتالي، لا جدوى منها حالياً.
ويترقّب الجميع النشيد والشعار الرسميَّين الجديدَين، علماً أنّ العام الدراسي 2025-2026 انطلق في سورية مع التحاق أكثر من أربعة ملايين تلميذ وتلميذة بالمدارس. وقد أشار مدرّسون إلى أنّ قرار المنع يمثّل فرصة لإعادة صياغة الرموز الوطنية في المدارس بطريقة تعكس الواقع الجديد للدولة.
قرار وزاري يعيد مئات الأطفال إلى مدارس سورية
من جهة أخرى، اتّخذت وزارة التربية والتعليم في سورية خطوة مع بداية العام الدراسي الجديد، وُصفت بـ"المهمة"، لتعاملها مع التلاميذ السوريين العائدين من الخارج، وذلك من خلال توجيه رسمي لمديريات التربية يقضي بالموافقة على تسجيل هؤلاء الأطفال فوراً ومن دون تأخير، حتى لو كانت ملفّاتهم ناقصة، على أن تُستكمَل لاحقاً. ويأتي هذا القرار، الصادر عن وزير التربية والتعليم محمد عبد الرحمن تركو، ليخفّف من معاناة الأسر العائدة إلى الوطن في ظروف صعبة، ويمنع ضياع عام دراسي على أطفالها.
وتنصّ التعليمات في القرار على الاكتفاء بإبراز وليّ أمر التلميذ وثيقة نجاح موقّعة ومختومة من المدرسة السابقة في بلد الاغتراب، ليُسجَّل مباشرة في الصف المناسب. أمّا الأطفال الذين لا يحملون أيّ وثائق، فتخضعهم وزارة التربية والتعليم لاختبار "سبر" من أجل تحديد مستواهم التعليمي وفقاً لسنّهم ومعارفهم، الأمر الذي يتيح لهم متابعة تعليمهم من دون انقطاع.
يُذكر أنّ مئات العائلات السورية عادت في الأشهر الأخيرة إلى الوطن آتيةً من لبنان والأردن ودول أخرى، ومعها آلاف الأطفال في مراحل التعليم المختلفة. وبالتالي، فإنّ القرار الجديد يأتي لتلبية حاجة ملحّة واحتواء هذا التدفّق وضمان استقرار العملية التعليمية.
وأوضح مدير التربية في دمشق أيمن ياسين لـ"العربي الجديد" أنّ "التوجيهات الجديدة أتت استجابةً لمطالب الأهالي والكوادر التربوية في مختلف المحافظات"، موضحاً أنّ الهدف من ذلك هو "منع أيّ انقطاع في المسار التعليمي للتلاميذ العائدين من الخارج". أضاف: "ندرك أنّ عائلات كثيرة تعود في ظروف صعبة، وقد لا تتمكّن من استكمال ملفات أبنائها على الفور، لذلك أُصدرت التعليمات للمدارس بتسجيل التلاميذ شرطياً، لأنّ الأولوية هي لالتحاق الطفل بمقعده الدراسي في الوقت المناسب، ثم تأتّي المعاملات الإدارية لاحقاً".
وأوضح ياسين أنّ "لجان السبر حلّ بديل في حال فقدان التلميذ الوثيقة التي تثبت مستواه، بما يضمن تقييمه بطريقة عادلة وفقاً لسنّه ومستواه الدراسي"، مشدّداً أنّ "المديرية تتابع هذه الحالات مباشرةً لتلافي أيّ تأخير". وكانت وزارة التربية والتعليم في سورية قد بيّنت أنّ هذه الإجراءات ليست استثنائية فحسب، بل هي جزء من خطّة أوسع لإعادة دمج التلاميذ العائدين في المجتمع التعليمي السوري، عبر تسهيلات تشمل المناهج والدعم النفسي، منعاً لأيّ فجوة تعليمية أو اجتماعية يمكن أن تعرقل اندماجهم من جديد.

Related News

يوميات الإبادة... مئة كاتب وفنان غزّي
alaraby ALjadeed
4 minutes ago