
Arab
قالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، اليوم الجمعة، إنّ تحليل صور للأقمار الصناعية أظهر أنّ إيران زادت من أعمال البناء تحت الأرض في منطقة "كوه كولانغ غاز لا (جبل الفأس)"، جنوب منشأة نطنز النووية، خلال الأشهر التي تلت قصف الولايات المتحدة وإسرائيل لمنشآتها النووية الرئيسية، في يونيو/حزيران الماضي، مما يُشير إلى أنّ طهران لم تُوقف العمل بشكلٍ كاملٍ في برنامجها النووي، وربما أنها تُعيد بناءه بحذر. وأشارت الصحيفة إلى أنه يجري حفر نفق عميق، منذ 2020، في سلسلة جبال زاغروس على بعد ميل تقريباً جنوب منشأة نطنز، التي كانت هدفاً لضربات جوية أميركية في 22 يونيو.
على عمق 100 متر
ولا يزال الغرض من الموقع الجديد غير واضح، ولم يسبق للمفتشين النوويين الدوليين زيارة الموقع. وصرّح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، بأنّ طهران رفضت الإجابة بشأنه في وقت سابق من هذا العام. وكانت إيران قد قالت في عام 2020، عندما أعلنت خططها للمنشأة، إنها ستضم مصنعاً لإنتاج أجهزة طرد مركزي (آلات سريعة الدوران لتخصيب اليورانيوم)، لتحلّ محل موقع دُمر في وقت سابق من ذلك العام فيما وصفته طهران بعمل تخريبي.
ويقدر المحللون الذين راقبوا بناءه أنّ القاعات الواقعة تحت "جبل الفأس" تصل إلى عمق ما بين 260 و330 قدماً (80 إلى 100 متر تقريباً)، أي إنها تقع على عمق أكبر من تلك الموجودة في منشأة فوردو الإيرانية، التي استهدفتها أيضاً الطائرات الأميركية بقنابل ضخمة خارقة للتحصينات. وتمتد البصمة الأرضية للموقع على مساحة ميل مربع تقريباً من سفح الجبل، مع وجود مدخلين لأنفاق على الجانبين الشرقي والغربي. وبدأ بناء الأنفاق في ديسمبر/ كانون الأول 2020، وفقاً لمحلل في شركة الأقمار الصناعية "ماكسار"، لكن أبعاد الموقع وعمقه أثارا شكوكاً بين المحللين حول استخدامه لأغراض أخرى؛ إما بوصفها منشأة سرّية جديدة لتخصيب اليورانيوم، وإما موقع تخزين آمناً لمخزونات إيران من اليورانيوم شبه الصالح للاستخدام في الأسلحة.
🇮🇱🇮🇷 Washington Post: Iran hat den Ausbau einer geheimnisvollen unterirdischen Anlage in den Monaten nach den Angriffen der USA und Israels auf seine Nuklearanlagen intensiviert. Dort treiben iranische Ingenieure Tunnel tief in das Zagros-Gebirge. pic.twitter.com/WV2E2aKkIS
— 🔰MilitärNews (@MilitaerNews) September 26, 2025
ونقلت "واشنطن بوست" عن مسؤول في البيت الأبيض قوله: "ستواصل الإدارة مراقبة أي محاولة من جانب إيران لإعادة بناء برنامجها النووي. وكما قال الرئيس (دونالد) ترامب، لن يُسمح لإيران أبداً بالحصول على سلاح نووي". ووفقاً لتقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كانت إيران جمعت ما يقرب من 900 رطل (نحو 400 كغ) من اليورانيوم المُخصب بنسبة نقاء 60%، وهي خطوة قصيرة تفصلها عن نسبة 90% اللازمة لتشغيل سلاح نووي، وبقي مصير وموقع هذا المخزون غير واضحين بعد الهجوم الإسرائيلي والأميركي في يونيو، مما يثير مخاوف من أن إيران قد تستخدمه، مع مرور الوقت، لتجميع مكونات جهاز نووي سرّاً، بحسب الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ الموقع الجديد يهدف، على ما يبدو، إلى أن يكون محصناً ضد أي هجوم أو تسلل محتمل في المستقبل. وقال جيفري لويس، الخبير في الشؤون النووية ومنع الانتشار النووي في مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار: "بعد الهجوم، ربما قررت إيران توسيع المنشأة لنقل أنشطة إضافية تحت الأرض". ووفقاً لثلاثة خبراء في الأنشطة النووية الإيرانية راجعوا صور الأقمار الصناعية، بناءً على طلب الصحيفة، تهدف الأعمال الجارية في الموقع إلى: صنع محيط أمني مغلق، وتعزيز تحصينات مدخل النفق. واستدل الخبراء من كميات المواد المستخرجة إلى استمرار الحفر والبناء تحت الأرض. كما رصدت صور الأقمار الصناعية الحديثة وجود معدات ثقيلة ومركبات بناء.
وقال جوزيف رودجرز، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، الذي أصدر تقريراً في أغسطس/ آب الماضي يُشير إلى النشاط في "جبل الفأس" إنّ "وجود شاحنات قلابة ومقطورات ومعدات ثقيلة أخرى... يُشير إلى استمرار بناء المنشأة وتوسيعها تحت الأرض". ومنذ نهاية يونيو الماضي، شُيّد نحو 4000 قدم (نحو 1200 متر) من الجدار الأمني، ما يعني اقتراب اكتمال بناء السياج الأمني بالكامل، كما تم تمهيد طريق في محيط المكان.
وكانت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية قد توصلتا في 9 سبتمبر/ أيلول الجاري إلى اتفاق، وقال غروسي إنّ الاتفاق سيسمح للمفتشين بالوصول إلى جميع المواقع النووية الإيرانية ويلزمها بالإبلاغ عن أماكن وجود موادها النووية. لكن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قال، اليوم الجمعة، إنّ الاتفاق سيظل سارياً فقط إذا لم يتم اتخاذ أي إجراءات عدائية ضد بلاده، بما في ذلك أي تحرّك لإعادة فرض العقوبات عليها.
وقال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، في مقابلة أُجريت معه في إيران، الاثنين الماضي، مع برنامج "فرونت لاين" على قناة "بي بي إس"، إنه في حال تطبيق العقوبات على إيران "سننهي مشاركتنا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية". وعندما سُئل عما إذا كانت الضربات الأميركية الإسرائيلية قد حفزت نشاطاً جديداً لإيران، وما إذا كان لديه أي تعليق بشأن موقع "جبل الفأس"، أجاب لاريجاني: "لا، لا شيء. لم نتخلَّ عن أي من هذه المواقع. ولكن في المستقبل، قد تستمر في العمل كما هي عليه حالياً أو تُغلق".
إيران تعيد بناء مواقع إنتاج الصواريخ أيضاً
وكانت وكالة أسوشييتد برس قد أفادت، في وقت سابق هذا الأسبوع، بأنّ إيران بدأت، أيضاً، بإعادة بناء مواقع إنتاج الصواريخ التي استهدفتها إسرائيل في ضربات يونيو، نقلاً عن صور أقمار صناعية. وأوضحت الوكالة في تقرير أنّ الصور تُظهر أعمال بناء في قاعدتين لتصنيع الوقود الصلب في بارشين وشاهرود، مضيفاً أن إيران لا تزال تفتقر، على ما يبدو، إلى الخلاطات الضخمة اللازمة لإنتاج وقود الأسلحة.
وخلص تقرير صادر عن معهد العلوم والأمن الدولي، صدر في 8 سبتمبر الجاري، إلى أن الهجمات الأميركية والإسرائيلية دمرت أو عطّلت جميع أجهزة الطرد المركزي الإيرانية، البالغ عددها حوالي 22 ألف جهاز، في منشآت فوردو ونطنز وأصفهان. وذكر التقرير، الذي استند جزئياً إلى بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية: "لأول مرة منذ أكثر من 15 عاماً، لا تملك إيران أي مسار محدد لإنتاج اليورانيوم الصالح للاستخدام في صنع الأسلحة... في مصانع أجهزة الطرد المركزي الخاصة بها".
ويقول المحللون إن أسرع طريق لإيران نحو امتلاك قنبلة نووية سيشمل على الأرجح زيادة تخصيب مخزونها من اليورانيوم بنسبة نقاء 60%، بافتراض قدرتها على الوصول إلى هذه المواد. وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير، صدر في 3 سبتمبر، إنها لا تعرف موقع هذا المخزون. وقال غروسي لبرنامج "بي بي إس نيوز آور"، الاثنين، إن وكالته تعتقد أن المواد مدفونة تحت الأرض.
وأقرت كيلسي دافنبورت، مديرة سياسة منع الانتشار النووي في جمعية الحد من الأسلحة، بأن الضرر الذي لحق بالمنشآت النووية الإيرانية كان جسيماً. لكنها قالت إنه من الخطأ افتراض أن طهران ستسعى ببساطة إلى إعادة بناء جميع المنشآت التي استهدفها الهجوم الإسرائيلي بالحجم نفسه والنطاق عينه، وأضافت: "الحقيقة هي أن إيران لا تحتاج إلى أي شيء بهذا الحجم"، وقد تحاول بناء سلاح نووي عميق تحت الأرض إذا ركزت على السرية بدلاً من السرعة، موضحة: "لا تزال إيران تمتلك القدرة على إعادة البناء بسرعة معقولة إذا قررت ذلك".

Related News

يوميات الإبادة... مئة كاتب وفنان غزّي
alaraby ALjadeed
10 minutes ago