
Arab
أعلن مصنع سيارات "فيات الجزائر" الواقع في مدينة طفراوي بمحافظة وهران (غرب العاصمة) تجاوزه سقف إنتاج 50 ألف مركبة منذ انطلاقته، ما يعني اقترابه من الهدف الذي سطّره بالوصول إلى 60 ألف مركبة بنهاية عام 2025. وجاء في بيان للمصنع أن: "هذا الإنجاز يعكس وتيرة التصاعد في قدرات الموقع الصناعي الذي تم تدشينه في ديسمبر/كانون الأول 2023، ومساهمته الفعلية في تطوير شعبة صناعة السيارات بالجزائر". وأكد المصنع التابع لمجموعة صناعة السيارات (الفرنسية - الإيطالية - الأميركية) ستيلانتيس في البيان، أنه بعد أن أنتجت "فيات الجزائر" 17 ألف سيارة خلال سنة 2024، تعكف حالياً على التخطيط لبلوغ 60 ألف وحدة في 2025 و90 ألف وحدة في 2026.
وأرجع المصنع ما وصفه بالنجاح إلى التزام 1784 موظفاً من "الكفاءات الجزائرية التي استفادت من أكثر من 432 ألف ساعة تكوين، تم تنظيم جزء كبير منها بالشراكة مع المعهد الجزائري المتخصص في التكوين المهني ببلدية بلقايد (محافظة وهران)". وأشار إلى أنهم يستقبلون المتدربين من ستة مراكز تكوين أخرى في منطقة وهران، يخضعون بانتظام لدورات تدريبية تطبيقية في مختلف التخصصات المرتبطة بصناعة السيارات. وخلص بيان المصنع إلى التأكيد أن "هذا الإنجاز يعزز مكانة موقع طفراوي كمركز صناعي إقليمي تابع لمجموعة ستيلانتيس، ويجدد التأكيد على التزام المجموعة طويل المدى تجاه تطوير صناعة السيارات في الجزائر".
وكانت مجموعة ستيلانتيس قد أعلنت يوم 4 سبتمبر/أيلول 2025 بدء إنتاج سيارتها الجديدة "فيات غراند باندا" في مصنعها بطفراوي في خطوة وصفت بالتحول الاستراتيجي في السوق الجزائرية. وأكدت الشركة أن المشروع جاء بعد اتفاق أُبرم مع السلطات الجزائرية في مارس/آذار 2023، ويستهدف إنتاج 90 ألفاً في 2026، مع رفع الإدماج المحلي من 20% حالياً إلى 30% العام المقبل، واستثمار يتجاوز 200 مليون يورو لتطوير البنية التصنيعية.
ورغم أن مصنع طفراوي شهد منذ 2023 تجميع آلاف السيارات من طرازات مثل "فيات 500" و"فيات تيبو"، لكن ذلك كان في إطار مرحلة انتقالية محدودة اعتمدت على استيراد مجموعات قطع شبه جاهزة، ولم يُعتبر إنتاجاً صناعياً كاملاً. أما إعلان سبتمبر/أيلول 2025 فيمثل الانطلاقة الرسمية لخط إنتاج صناعي متكامل خاص بـ "فيات غراند باندا"، مع تحديد نسب إدماج وأهداف إنتاجية واضحة، ما يمنح المشروع صفة القاعدة الصناعية الفعلية في الجزائر.
أزمة في فرنسا
وجاء الإعلان في ظل توتر متصاعد بين الجزائر وباريس، حيث تعاني العلاقات الثنائية جموداً حادّاً انعكس على المشاريع الاقتصادية المشتركة. وبالنظر إلى الحساسية السياسية تجاه العلامات الفرنسية بيجو وسيتروين، اختارت أن تركز على العلامة الإيطالية فيات التي لا تحمل الرمزية نفسها في الوعي السياسي الجزائري، وهو ما سمح للمجموعة بالحصول على الضوء الأخضر لمباشرة الإنتاج. وقال سمير شرفان، المدير التنفيذي لستيلانتيس في الشرق الأوسط وأفريقيا إن "دعم السيادة الصناعية للجزائر في صلب استراتيجيتنا"، في تأكيد الطابع السياسي والاقتصادي للمشروع.
وفي فرنسا، نقلت وسائل إعلامها المحلية أن مجموعة ستيلانتيس ستعلّق الإنتاج في مصنع بواسي بضاحية باريس لمدة ثلاثة أسابيع من 13 إلى 31 أكتوبر/تشرين الأول 2025. وبررت الشركة القرار بـ"التكيف مع السياق الصناعي لنهاية السنة"، غير أن النقابات اعتبرت ذلك مؤشراً خطيراً على خطة انسحاب تدريجي. ونقلت صحيفة لاتريبون الفرنسية عن النقابي جان بيير ميرسييه قوله إن "القرار غير مسبوق في بواسي"، مؤكداً أن الإدارة "سرّعت خطة إغلاق المصنع"، خاصة مع اقتراب موعد وقف إنتاج طراز "أوبل موكا" في 2028 من دون بديل معلن.
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية هذا الأسبوع أن ستيلانتيس قررت أيضاً تعليق إنتاجها لسيارة "فيات باندا" خلال الفترة من 29 سبتمبر/أيلول إلى 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، والسيارة ألفا روميو تونالي حتى 10 أكتوبر/تشرين الثاني، بمصنعها في بوميجليانو بالقرب من نابولي ومن ثم منح 3800 عامل إجازة إجبارية. ويعكس هذا التباين المفارقة التي تعيشها المجموعة: ففي الوقت الذي تراهن فيه ستيلانتيس على الجزائر بوصفها منصة صناعية واعدة تدعم طموحاتها في شمال أفريقيا، يخيّم الغموض على مستقبل مواقعها الفرنسية، التي كانت يوماً ما من رموز الصناعة الأوروبية. وبين الانطلاقة الجزائرية والتعثر الفرنسي، يبدو أن موازين صناعة السيارات باتت تميل نحو الجنوب (الجزائر والمغرب) حيث الفرص، فيما تتراجع القلاع التقليدية في الشمال تحت ضغط السياسة والتكاليف.

Related News

يوميات الإبادة... مئة كاتب وفنان غزّي
alaraby ALjadeed
2 minutes ago