خيارات "طالبان" بمواجهة رغبة ترامب السيطرة على قاعدة باغرام
Arab
1 week ago
share
طرح تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكثر من مرة عزم بلاده السيطرة على قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان، وتحذيره من أنه في حال لم تُعد "طالبان" القاعدة لمن أنشأها (أي الولايات المتحدة بحسبه) فإن أموراً سيئة ستحصل، تساؤلات عن مستقبل العلاقة بين واشنطن وكابول، خصوصاً في ظل رفض الحركة بشكل قاطع التجاوب مع رغبة الرئيس الأميركي. في السياق، رفض أكثر من مسؤول أفغاني طلب ترامب، منهم قائد الجيش الجنرال فصيح الله فطرت، ونائب المتحدث باسم الحركة حمد الله فطرت، ووزير الخارجية الملا أمير خان متقي. وقال وزير الخارجية إن "الولايات المتحدة حتى لو اعترفت بحكومة طالبان، وقامت أيضاً بإعادة إعمار أفغانستان من أقصاها إلى أقصاها لن نعطي شبراً واحداً من أراضي أفغانستان إليها ولا إلى أي دولة أخرى"، مضيفاً "رفضنا ذلك خلال مفاوضات الدوحة، وبعد الوصول إلى سدة الحكم في كابول، نحن مستعدون للتعامل السياسي والاقتصادي، ولكن الحضور العسكري خط أحمر". العلاقة الأميركية ـ الأفغانية وبينما يؤكد الكثير من قيادات "طالبان" وأنصارها وكذلك من المراقبين والناس في أفغانستان، أنه في الوقت الراهن لا ترغب الولايات المتحدة أن توتر علاقاتها مع "طالبان"، وليست تصريحات ترامب سوى سعي لممارسة الضغط، قد يكون الهدف من ورائها تقليل نفوذ الصين والروس أو محاولة لإخضاع "طالبان" إلى مطالب واشنطن، منها الإفراج عن السجناء وقضايا سياسية وتعاون استخباراتي، فإن معلومات تشير إلى تقدم في المفاوضات بين الطرفين. وأشار مصدر في الخارجية الأفغانية، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنه خلال الزيارة الأخيرة لمندوب ترامب لشؤون المعتقلين آدم بولر والمندوب الأميركي السابق لأفغانستان زلمي خليل زاد إلى كابول في 13 سبتمبر/أيلول الحالي، تم النقاش حول العديد من القضايا وهناك تقدم فيها، منها قضية الإفراج عن المعتقلين، وإمكانية فتح السفارة الأميركية في كابول، وتسليم السفارة الأفغانية في واشنطن إلى "طالبان"، مع العمل على خطة للتعاون الاقتصادي. وأضاف أن تصريحات ترامب كانت صادمة ولكنها لم تؤخذ على محمل الجد، لأن القنوات مفتوحة مع واشنطن. لكن المصدر أشار إلى أن هذا لا يعني أن تصريحات ترامب ليست مهمة، بل هي فعلاً مهمة لطالبان؛ لأنها على الأقل تضع المواطن الأفغاني والرأي العام في حالة من الشك، وهي محاولة لخلط الأوراق، لذا كان الرد صارماً، وهو موقف "طالبان" الحقيقي حيال الوجود العسكري، وإن كانت القنوات مفتوحة مع واشنطن، سواء كانت بشكل مباشر أو عبر مكتب الدوحة. إسماعيل وزيري: لا يوجد ما قد يجبر واشنطن على الوجود العسكري في كابول من جهته، أوضح المحلل الأمني الأفغاني إسماعيل وزيري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن إمكانية سيطرة أميركا على قاعدة باغرام غير واردة في الوقت الحالي، لأن "طالبان" لن تسمح بذلك، وواشنطن لا ترغب في فرض ذلك بالقوة حالياً، لأنها لا تريد أن توتر علاقاتها مع "طالبان" من دون وجود مسوغات واقعية، وهي ثلاثة: أن تشكل أراضي أفغانستان تهديداً للمصالح الأميركية في المنطقة والعالم، وهو ليس موجوداً البتة. كذلك لا توجد في أفغانستان جماعات مسلحة أخرى مثل "داعش" و"القاعدة" تهدد مصالح أميركا وحلفائها، وتقوم طالبان بالقضاء على "داعش"، ولا تسمح لأي جماعة مسلحة أن تستخدم الأراضي الأفغانية ضد المصالح الأميركية. وأشار وزيري إلى أن نفوذ الصين والروس في أفغانستان، لم يصل إلى درجة يستدعي فيها من الولايات المتحدة أن تسعى إلى الوجود العسكري، حتى ولو كان على حساب علاقاتها مع "طالبان". الحركة تولي اهتماماً بعلاقاتها مع الروس والصين، وهي تفعل ذلك أيضاً مع أميركا، وهناك رغبة شديدة في تحسين العلاقة مع واشنطن. وتابع: من هنا لا يوجد ما قد يجبر واشنطن على الوجود العسكري في كابول، لكن ذلك لا يعني أنها لا ترغب في ذلك، لكنها لا تريد الوصول إلى ذلك بالقوة، لأنها لا تريد ولا تتحمل أن تجعل "طالبان" عدوة لها. وكشف أن الأمور من تحت الطاولة ليست كما يقال أمام وسائل الإعلام، فهناك تعامل استخباراتي وتقدم في المفاوضات بين الطرفين. وحول خيارات "طالبان" تجاه الموقف الأميركي بشأن قاعدة باغرام، قال الأكاديمي الأفغاني عبد الصمد كاروان لـ"العربي الجديد"، إن "القضية ليست بالبساطة التي نراها، خصوصاً بعد النظر بدقة في التغيرات التي شهدتها المنطقة، لذا على طالبان أن تأخذ تلك التصريحات بشكل جدي، لأن الولايات المتحدة يمكنها أن تغير مواقفها متى شاءت من أجل الحفاظ على مصالحها، من هنا على كابول أن تكون على استعداد للتعامل مع التطورات". ولفت إلى أن من الخيارات في يد "طالبان" التشديد في الموقف وعدم المرونة حيال المعتقلين الأميركيين، كما أن واشنطن تسعى لأن تفتح صفحة جديدة من العلاقات السياسية بشروطها هي، ويمكن لـ"طالبان" أن تستخدم تلك الورقة. وأضاف: "أميركا بحاجة إلى الوجود السياسي وهي لا تستطيع أن تتنازل عن هذه النقطة من أجل الحصول على الوجود العسكري؛ بالتالي طالبان يمكن أن تستخدم تلك البطاقة وتتشدد فيها". وأشار كاروان إلى أن "من أهم الأوراق في يد طالبان إذا استمرت الولايات المتحدة في رغبتها بالحصول على قاعدة باغرام وإذا كانت فعلاً تلك سياسة الدولة العميقة في الولايات المتحدة، يمكن لطالبان أن تستخدم ورقة التقرب من الصين وروسيا وإيران، وهذا ما لا تتحمّله واشنطن. كما أنها لا تستطيع في الوقت الحالي أن تدخل أفغانستان بقوة السلاح، فهي ستتنازل عن رغبتها في الحصول على قاعدة باغرام في الوقت الحالي، أو على الأقل تقتصر على التصريحات". بالإضافة إلى ذلك، رأى الأكاديمي الأفغاني أن "بإمكان طالبان استخدام المنصات الإعلامية العالمية ضد رغبة ترامب في الحصول على قاعدة باغرام ونعرف جيداً أن الأخير لا يتحمل ذلك، خصوصاً أن نفوذه تدهور بسبب الإبادة الجماعية في غزة، كما أنها فرصة جيدة لأن تثبت طالبان وطنيتها وأن السيادة خط أحمر". عبد الصمد كاروان: على طالبان أن تأخذ تصريحات ترامب بشكل جدي أبعد من باغرام بعيداً عن التفسيرات المختلفة لتصريحات ترامب، رحب معارضون لـ"طالبان" بتصريحات الرئيس الأميركي، واعتبروها بارقة أمل للقضاء على الحركة. على سبيل المثال قالت نائبة وزير الدفاع الأفغانية في الحكومة السابقة منيرة يوسفي إن "التخلص من طالبان الظالمة لا يمكن إلا بعد أن ينفذ ترامب تهديده، ونحن نرحب به". كذلك قال مكتب نائب الرئيس الأفغاني السابق الجنرال عبد الرشيد دوستم، أن دوستم وأنصاره "مستعدون للعب دور في القضاء على طالبان، وأنهم لا يؤيدون فقط رغبة واشنطن في السيطرة على قاعدة باغرام بل أيضاً القضاء على سيطرة طالبان على كل أفغانستان". لكن في مقابل ذلك ثمة من عارض الفكرة تماماً. على سبيل المثال قال نائب زعيم الجمعية الإسلامية، محمد فرهاد عظیمي، وهو حاكم سابق لولاية بلخ ومن أشد المعارضين لـ"طالبان"، في بيان، إنه يعارض كل أنواع السيطرة على أي بقعة من الأرض من قبل أي جهة أو دولة كانت. وشدّد على أنه يعارض "طالبان" في معظم سياساتها، ولكنه يقول يرى أن "طالبان" لن تساوم على الأراضي الأفغانية، ولن تبيعها مهما كان الثمن. كذلك قالت أرين يون، النائبة السابقة في البرلمان، وهي من النساء المؤثرات في أفغانستان في حديث لها مع وسائل الإعلام إن "أميركا لن تصل إلى مبتغاها، لأن "طالبان تموت ولا تساوم على شبر واحد من أراضي أفغانستان". وفي تعليق له على موضوع قاعدة باغرام الجوية، اعتبر المحلل السياسي الأفغاني عبد القهار بيمان، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "ما من شك في أن سياسات طالبان قاسية ويمكن للكثيرين أن يعارضوها، ولكن تأييد الموقف الأميركي حيال قاعدة باغرام ليست خطوة ضد طالبان بل هو عمل ضد الوطن، وكل من يرحب بها، يعرفون أن وجودهم مرهون بالوجود الأجنبي، والشعب لن يقبلهم هذه المرة، حتى ولو جاؤوا على الدبابات الأميركية". وأكد أن "الوطنية في أفغانستان قوية جداً بين أبناء البلاد، لذا هم يؤيدون موقف طالبان مهما اختلفوا معها في أمور أخرى، سوى الشريحة الصغيرة، التي لا يعول عليها أصلاً، كدوستم وغيره".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows