
تراجعت واردات الصين من النفط والغاز الطبيعي المسال والفحم من الولايات المتحدة إلى الصفر خلال يونيو/حزيران 2025، للمرة الأولى منذ قرابة ثلاث سنوات، في مؤشر جديد على تعمق الفجوة التجارية بين بكين وواشنطن قبل استئناف مفاوضات حاسمة مرتقبة بين الطرفين. وبحسب بيانات صادرة عن الجمارك الصينية أمس الخميس، فإن الشحنات الأميركية من النفط الخام إلى الصين توقفت بالكامل خلال الشهر الماضي، بعدما بلغت نحو 800 مليون دولار في يونيو 2024، ما يعكس، وفقاً لـ"بلومبيرغ"، تغيراً استراتيجياً في سياسة بكين تجاه تنويع مصادرها بعيداً عن الولايات المتحدة.
وقالت نائبة رئيس قسم أسواق السلع في شركة ريستاد إنرجي النرويجية لين يي إن التراجع "لا يرتبط بعوامل التكلفة والمسافة فقط، بل يعكس أيضاً رداً مدروساً على استمرار العقوبات الأميركية والتوترات السياسية والتجارية مع الصين"، مضيفة أن "بكين ترسل رسالة واضحة بأنها لن تخضع للضغوط الأحادية. وتخضع صادرات الطاقة الأميركية إلى الصين، منذ فبراير/شباط الماضي، لرسوم جمركية تتراوح بين 10% و15%، ما جعل من الصعب على الشركات الصينية الاستمرار في الشراء بكفاءة اقتصادية، وهو ما دفع العديد من الشركات إلى إعادة توجيه الشحنات الأميركية نحو أوروبا وآسيا بأسعار أعلى.
وفي الوقت نفسه، سجلت واردات الصين من الغاز الطبيعي الأميركي صفراً للشهر الرابع على التوالي، بينما تراجعت مشترياتها من الفحم الأميركي إلى بضع مئات من الدولارات فقط، مقارنة بـ90 مليون دولار في يونيو 2024، بحسب بيانات "تريد داتا مونيتور".
وكانت الصين قد التزمت، بموجب اتفاق المرحلة الأولى التجاري الذي جرى توقيعه في 2020 أثناء ولاية ترامب الأولى، بشراء كميات أكبر من السلع والطاقة الأميركية. لكن جائحة كورونا وانخفاض الطلب العالمي أعاقا تنفيذ هذه الالتزامات، ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، عاد التوتر بقوة إلى المشهد.
وتأتي هذه التحولات في التوقيت الذي أعلن فيه وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أنه سيلتقي نظيره الصيني في استوكهولم الأسبوع المقبل، في جولة ثالثة من محادثات حاسمة تهدف إلى تمديد التهدئة الجمركية قبل انقضائها في 12 أغسطس/آب المقبل.
وقال بيسنت إن جدول أعمال المحادثات المقبلة سيشمل أيضاً مشتريات الصين من النفط الروسي والإيراني الخاضع للعقوبات الأميركية، وسط تهديدات واشنطن بفرض رسوم ضخمة على الدول المستوردة للطاقة الروسية، وهو ما يشكل مخاطرة كبرى لبكين، لكنه قد يتحول إلى حافز غير مباشر لزيادة وارداتها من الطاقة الأميركية مجدداً.
في السياق نفسه، باتت الصين تعتمد بشكل أكبر على السعودية وروسيا مصدرين رئيسيين للنفط، فيما تراجعت الولايات المتحدة إلى خارج قائمة العشرة الكبار لموردي الخام إلى الصين. وتعزز موسكو مكانتها مصدراً رئيسياً للغاز بأسعار منخفضة منذ غزوها أوكرانيا، ما زاد من صعوبة منافسة الغاز الأميركي. أما على مستوى الواردات الزراعية، فقد تراجعت مشتريات الصين من الذرة والصويا الأميركية أيضاً إلى مستويات صفرية للموسم المقبل 2025-2026، بحسب بيانات وزارة الزراعة الأميركية.

أخبار ذات صلة.
