
تُنظَّم في المغرب حملات لمراقبة جودة المواد الغذائية وسلامتها في المطاعم ومحال الوجبات السريعة، خلال فصل الصيف. وقد أدّى ذلك إلى إغلاق عدد من المؤسسات التي رُصدت فيها مخالفات تهدّد صحة المستهلكين. وتأتي هذه الحملات في سياق تعزيز التدخّلات الوقائية مع إقبال المواطنين والسيّاح على مثل هذه المؤسسات في العطلة الصيفية، كذلك تهدف إلى حماية صحة المستهلك وسلامته، بالإضافة إلى ضمان احترام أصحاب المطاعم ومحال الوجبات السريعة معايير النظافة وجودة المواد الغذائية.
وتشمل العمليات الميدانية للحملات مراقبة ظروف التخزين، وصلاحية المواد المستخدمة، ونظافة الأدوات والمعدّات، بالإضافة إلى مدى احترام الشروط الصحية للعاملين في داخل هذه المؤسسات التي تقدّم الطعام لزبائنها. وكانت مدن عدّة في المغرب قد شهدت في خلال الأسابيع الأخيرة تزايداً في حالات التسمّم الغذائي، وسط ارتفاع درجات الحرارة والإقبال الكبير على الوجبات السريعة، الأمر الذي أثار قلق الجهات الصحية والمواطنين على حدّ سواء، ودفع فعاليات مدنية إلى المطالبة بتشديد المراقبة على المطاعم ومحال الوجبات السريعة. وقد سُجّلت مخالفات أخيراً في حقّ مؤسسات لم تلتزم بالمعايير المعمول بها، واتُّخذت في حقّها الإجراءات القانونية اللازمة من تنبيهات وإغلاقات مؤقتة وحجز مواد فاسدة.
وفي مدينة مرتيل السياحية شمالي المغرب على سبيل المثال، أدّت حملة منفّذة إلى إغلاق مؤسستَين بعد ضبط لحوم فاسدة وغير صالحة للاستهلاك، وكذلك كميات من المواد الغذائية الأخرى منتهية الصلاحية، إلى جانب كمية كبيرة من زيوت الطهي المستعملة التي كانت معدّة لإعادة البيع لمتاجر عشوائية وعربات بيع الأطعمة غير المرخّصة.
ويمثّل التسمّم الغذائي في المغرب 17% من حالات التسمّم إجمالاً التي تتراوح سنوياً ما بين ألف حالة و1600، فيما يُضطرّ إلى دخول المستشفى ما نسبته 30 إلى 45% من مجمل الحالات، وفقاً لبيانات مصلحة علم الأوبئة والصحة العامة التابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية المغربية.
ويقول الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية الطيب حمضي إنّ "طرق تخزين الأطعمة وتهيئتها واستهلاكها في ظلّ غياب المراقبة تزيد من احتمالات التسمّم الغذائي في خلال فصل الصيف". ويوضح حمضي، في حديث إلى "العربي الجديد"، أنّ "عدم احترام سلسلة التبريد التي يجب أن تخضع لها الأغذية والمواد الاستهلاكية، وكذلك انتشار الأطعمة السريعة من سندويشات ووجبات باردة، أمران يساهمان في زيادة التعرّض للتسمّم"، محذّراً في هذا الإطار من "مخاطر العمل في مجال المطاعم من دون احترام شروط السلامة الصحية والنظافة من قبل الكلّ في فصل الصيف".
ويشدّد حمضي على ضرورة أنّ "تراقب الدولة عمليات التخزين والنقل وإخضاعها للشروط القانونية والصحية، فضلاً عن تجنّب تناول الأطعمة المعروضة في الشوارع قدر الإمكان، خصوصاً في فصل الصيف، للوقاية من مخاطر التسمّم الغذائي".
ولدى المغرب ترسانة قانونية خاصة بالسلامة الغذائية، أبرزها القانون رقم 28.07 الذي يعرّف أحد فصوله الخطر بأنّه "كلّ عنصر بيولوجي (حيوي) أو كيميائي أو فيزيائي موجود في منتج غذائي، كالأكسدة والتعفّن والتلوّث، أو أيّ حالة أخرى مشابهة يمكن أن تؤثّر سلباً في الصحة". وتحدّد المادة الـ14 من القانون ذاته المنتج المضرّ بالصحة بأنّه "كلّ منتج له آثار سامة فورية أو محتملة على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد في صحة الفرد، أو يسبّب حساسية صحية مفرطة، أو أيّ شكل آخر من الحساسية التي يمكن الكشف عنها، والتي تصيب فرداً أو فئة معيّنة من الأفراد الموجّه إليهم المنتج المعنيّ".
ويعاقب القانون بالحبس من شهرَين إلى ستّة أشهر وبغرامة مالية "كلّ من عرض أو قدّم في السوق الداخلية أو استورد أو صدّر أيّ منتج غذائي يشكّل خطراً على حياة أو صحة الإنسان أو الحيوان"، ويعاقب بغرامة مالية قدرها 20 ألف درهم مغربي (نحو 2.200 دولار أميركي) "كلّ من لم يسحب كلّ منتج غذائي من السوق الوطنية خلال الأجل الذي تحدّده السلطات المتخصصة".
تجدر الإشارة إلى أنّ التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات في المغرب، وهو أعلى هيئة رقابية في مجال تدبير المرافق العمومية، الصادر في سبتمبر/ أيلول 2019، كان قد تسبّب في صدمة كبيرة لدى الرأي العام، لما تضمّنه من معطيات خطرة حول نتائج فحوص قامت بها الهيئة الرسمية المكلّفة مراقبة جودة الأغذية المتداولة في الأسواق المغربية، مبيّناً أنّ المغرب "لا يتوفّر على رؤية واضحة أو سياسة عمومية في مجال السلامة الصحية للمنتجات الغذائية". وبالإضافة إلى ضعف المراقبة محلياً، سجّل التقرير سهولة اختراق بعض النقاط الحدودية، وصعوبة المراقبة بسبب تهريب الحيوانات الحيّة والأدوية البيطرية ومبيدات الآفات الزراعية، وكذلك دخول أنواع كثيرة من المواد الغذائية مجهولة المصدر.

أخبار ذات صلة.
