
تُسجَّل مخاوف في المغرب من اندلاع حرائق غابات في مناطق عديدة من البلاد، بالتزامن مع إصدار المديرية العامة للأرصاد الجوية (حكومية) نشرة إنذارية بشأن تسجيل موجة حرّ مع رياح "الشركي"، ابتداءً من اليوم الاثنين وحتى يوم الجمعة المقبل، مع حرارة تتراوح ما بين 33 درجة مئوية و46 في عدد من المناطق.
وكان المغرب قد تعرّض في عام 2022 لموجة حر شديدة، سجلت في خلالها درجات حرارة قياسية هي الأعلى منذ عام 1925، إذ تراوحت الحرارة ما بين 46 درجة مئوية و49.3 في الوسط والجنوب، الأمر الذي أدّى إلى نشوب حرائق غابات غير مسبوقة أتت على آلاف الهكتارات وتسبّبت في خسائر في الأرواح.
ويشهد المغرب سنوياً حرائق في غاباته التي تغطّي نحو 12% من مساحته الإجمالية، وكذلك في واحات النخيل الواقعة في جنوبه الشرقي. وبحسب الوكالة الوطنية للمياه والغابات (حكومية) تُعَدّ الغابات في المغرب فضاءً طبيعياً مفتوحاً يتعرّض لضغوط كثيرة تؤثّر سلباً على أدواره الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، إذ إنّ الضغوط تزيد من مخاطر اندلاع الحرائق، لا سيّما أنّ الغابات المغربية تتميّز بقابلية اشتعال مرتفعة في فصل الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض رطوبة الهواء وشدّة الرياح الجافة والساخنة.
وأصدرت المديرية العامة للأرصاد الجوية في المغرب نشرتها الإنذارية الجديدة، اليوم الاثنين، في حين أنّ البلاد تشهد منذ يوم الجمعة الماضي وحتّى اليوم الاثنين موجة حرّ استثنائية، اتّسمت بشدّة غير معتادة واتّساع جغرافي كبير. وبلغت موجة الحرّ ذروتها أوّل من أمس السبت وأمس الأحد، فتجاوزت درجات الحرارة المعدّلات الموسمية بكثير في عدد من المناطق.
ومن أجل استباق حرائق الغابات على الصعيد الوطني، كشفت الوكالة الوطنية للمياه والغابات في المغرب خرائط تنبّؤ تحدّد بدقّة المناطق الحساسة والمعرّضة لخطر اندلاع حرائق الغابات، ابتداءً من 27 يونيو/ حزيران الجاري حتى الرابع من يوليو/ تموز المقبل، وذلك بعد تحليل البيانات المتعلقة خصوصاً بنوعية الغطاء الغابي وقابليته للاشتعال والاحتراق وكذلك التوقعات المناخية والظروف الطبوغرافية للمناطق.
وفي النشرة الإنذارية التي أصدرتها الوكالة الوطنية المياه والغابات، اليوم، حُدّدت الأقاليم بحسب درجة الخطورة؛ درجة خطورة قصوى في كلّ من وزان، والعرائش، وشفشاون، وتازة، وتاونات، والحسيمة، والقنيطرة، وبني ملال، وأزيلال، والصخيرات، وتمارة، وسلا، والرباط، والخميسات.
ويقول رئيس جمعية "المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ" الخبير البيئي مصطفى بنرامل إنّ "المغرب يشهد في السنوات الأخيرة موجات حرّ متزايدة لجهة الشدّة والتواتر، تُعزى إلى عوامل أبرزها تمركز الكتل الهوائية الحارّة الآتية من الصحراء الكبرى والتأثيرات المباشرة لتغيّر المناخ العالمي"، ويلفت الخبير لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الفترة ما بين 27 يونيو و27 يوليو تُعَدّ من أكثر فترات السنة جفافاً، الأمر الذي ينذر بارتفاع مخاطر اندلاع حرائق في غابات المغرب ويثير مخاوف كثيرة، نظراً إلى الأنشطة البشرية الكثيفة التي تعرفها البلاد نتيجة حركة السكان المحلية القروية أو السياحة الإيكولوجية في المتنزهات الغابية، وما قد يرافق ذلك من إهمال إطفاء النيران وإلقاء أعقاب السجائر (كيفما اتّفق) بالإضافة إلى الإحراق المتعمّد".
وكانت اللجنة المديرية للوقاية ومكافحة حرائق الغابات التابعة للوكالة الوطنية للمياه والغابات في المغرب قد كشفت، في منتصف مايو/ أيار الماضي، عن خطة استباقية بتكلفة 16مليون دولار أميركي لتفادي اندلاع الحرائق وحماية الغطاء النباتي والغابات، في حين أعلنت الوكالة الوطنية للمياه والغابات توفير وسائل للحدّ من اندلاع الحرائق من خلال تعزيز دوريات المراقبة للرصد والإنذار المبكر، فضلاً عن استراتيجية التدخّل المبكّر وحملات التوعية وإصدار النشرات والبيانات التحذيرية بشأن مخاطر حرائق الغابات.
ويرى بنرامل أنّ "الإجراءات الاستباقية التي لجأت إليها الوكالة الوطنية للمياه والغابات تبقى إجراءات محمودة أعطت أكلها على أرض الواقع من خلال انخفاض عدد الحرائق في خلال السنتَين الماضيتَين"، مشدّداً على "أهمية إجراءات من قبيل وضع خرائط التنبّؤ بشأن المناطق المهدّدة بالحرائق والاعتماد على الذكاء الاصطناعي والمؤشرات المناخية من قبيل سرعة الرياح ودرجة الحرارة".
وبحسب الخبير المغربي، فإنّ "خرائط التنبّؤ بحرائق الغابات تحظى بتقدير لما لها من فوائد في ما يخصّ تحديد المناطق الأكثر خطراً، الأمر الذي يجعل السلطات المعنية مثل وزارة الداخلية والوقاية المدنية والوكالة الوطنية للمياه والغابات والدرك الملكي والأمن الوطني والقوات المساعدة على أهبّة الاستعداد بحسب نوع الخطر"، لكنّ بنرامل يبيّن أنّ "على الرغم من الاحتياطات والإجراءات الاستباقية، لوحظ نشوب حرائق غابات، أخيراً، في كلّ من طنجة والعرائش والقنيطرة ومناطق أخرى من البلاد"، لافتاً إلى "ضرورة توعية الموطنين بخطورة الحرائق وبأهمية الغابات بالنسبة إلى كوكب الأرض للحدّ من تغيّر المناخ".

Related News



