التراجع عن خطط التقشف يربك ميزانية بريطانيا... وريفز في مأزق
Arab
5 hours ago
share

تواجه الحكومة البريطانية اختباراً مالياً وسياسياً مزدوجاً، بعد سلسلة من التراجعات المفاجئة عن سياسات تقشفية رئيسية، كانت تهدف لتوفير هامش مريح في الموازنة العامة. وأفادت وكالة بلومبيرغ، في تقرير اليوم الجمعة، بأن وزيرة الخزانة رايتشل ريفز أصبحت في وضع بالغ الهشاشة، بعد أن ألغى رئيس الوزراء كير ستارمر خطتَين ماليتَين رئيسيتَين اقترحتهما وزارتها، ما كلف الميزانية ما يقرب من ستة مليارات جنيه إسترليني خلال أسابيع قليلة فقط.

وتعود أبرز هذه التراجعات إلى الضغط النيابي من داخل حزب العمال نفسه، إذ قاد أكثر من 120 نائباً تمرداً داخلياً ضد خطط تقليص إعانات ذوي الاحتياجات الخاصة، التي كانت تهدف لتوفير 4.8 مليارات جنيه. كما ألغي قرار آخر بشأن إيقاف "دفعة الوقود الشتوية" لملايين من الأسر المتقاعدة، ما أضاف 1.25 مليار جنيه من الأعباء إلى الموازنة، وفق تقديرات مؤسسة "ريزوليوشن" للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية. وبذلك، فقدت وزيرة الخزانة ريفز أكثر من نصف هامش الأمان المالي البالغ 9.9 مليارات جنيه الذي كانت تعتمد عليه في ضبط عجز الميزانية دون اللجوء إلى رفع الضرائب، وهو ما تعهدت به مراراً في لقاءاتها مع المستثمرين والمؤسسات المالية.

غضب ضدّ ريفز

ورغم أن التراجعات جاءت بقرار من رئيس الوزراء، إلّا أن الغضب داخل صفوف حزب العمال توجه مباشرة نحو وزيرة الخزانة. ووفق استطلاع نشره موقع "LabourList"، فإن 40% من أعضاء الحزب طالبوا باستبدال ريفز، في إشارة إلى اتساع الفجوة بين القيادة الاقتصادية للحكومة وقواعدها الشعبية. ويرى مراقبون أنّ هذا التراجع لا يعكس أزمة في الانضباط المالي فحسب، بل يعكس ارتباكاً سياسياً داخل الحكومة بشأن هوية حزب العمال بين نهج السوق ونهج دولة الرفاه. وقد حذر الخبير الاقتصادي سايمون فرينش، وفق بلومبيرغ، من أن استمرار ستارمر في إجهاض خطط ريفز سيضع الأخيرة أمام خيار صعب: الاستقالة أو الاستسلام لضغوط متناقضة تفقد منصبها قيمته.

وفي ظل التزام حكومي بعدم زيادة ضرائب الدخل أو القيمة المضافة أو التأمين الوطني للموظفين، تصبح خيارات سد العجز شبه معدومة، كما أن فرض زيادة بقيمة 26 مليار جنيه إسترليني على أرباب العمل، والذي دخل حيز التنفيذ في إبريل/نيسان الماضي، تسبب في توتر مع قطاع الأعمال، وأثار انتقادات حتّى من محافظ بنك إنكلترا أندرو بيلي، الذي اعتبره سبباً في تراجع نمو الأجور وارتفاع الأسعار. ونقلت "بلومبيرغ" عن خبراء في الأسواق المالية تحذيرهم من أن "افتراض إمكانية سد العجز بزيادة الضرائب قد يتآكل تحت الضغط السياسي"، ما يعني أن البدائل تضيق، وأن السيناريو الأقرب هو ميزانية خريفية تتضمن إجراءات ضريبية اضطرارية.

القشة التي قد تقطع الخيط الأخير

وبحسب تقديرات معهد الدراسات المالية (IFS)، فإنّ الحكومة قد تلجأ لاحقاً إلى إلغاء السقف الذي وضعه المحافظون سابقاً على إعانات الأطفال، وهو إجراء من شأنه أن يضيف 2.5 مليار جنيه سنوياً على الأقل إلى الالتزامات المالية. وإن جرى ذلك، فسيكون بمثابة القشة التي قد تقطع الخيط الأخير الذي يبقي القواعد المالية لريفز قائمة. وقبل يومين دعت شيفون هافيلاند، المديرة العامة لاتحاد غرف التجارة البريطانية، وزيرة الخزانة رايتشل ريفز إلى الكفّ عن فرض ضرائب جديدة على الشركات، مؤكّدة أن أي زيادة ضريبية إضافية "ستؤدي إلى إبطاء الاقتصاد وتقويض النمو". وقالت هافيلاند في مقابلة مع "بلومبيرغ" عشية المؤتمر السنوي للاتحاد: "رسالتنا إلى الحكومة واضحة: لا مزيد من الضرائب على قطاع الأعمال. المزيد من الضرائب يعني اقتصاداً أبطأ، واستثمارات أقل، ودورة انكماشية لن نخرج منها بسهولة". 

ودعت هافيلاند في ختام تصريحاتها إلى إعادة تقييم قواعد السياسة المالية الحالية لتكون أكثر مرونة في مواجهة الصدمات الجيوسياسية، وقالت: "هل تستطيع القواعد المالية امتصاص التغيرات الدراماتيكية التي يشهدها العالم؟ ربما حان الوقت لإعادة التفكير فيها". ورغم الانتقادات، أشادت هافيلاند ببعض المبادرات الاقتصادية لحكومة كير ستارمر، مثل صفقة تخفيف الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة، وتقدم المفاوضات التجارية مع الهند، وتعزيز الروابط مع الاتحاد الأوروبي، لكنّها شدّدت على أنّ "الثقة لا تزال هشة، وهناك حاجة ملحة لمزيد من الخطوات الجادة لدعم بيئة الأعمال".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows