
تتعرّض حملة زهران ممداني عضو الجمعية التشريعية لولاية نيويورك والبالغ 33 عاماً، والمرشح في الانتخابات لمنصب عمدة مدينة نيويورك عن الحزب الديمقراطي، لحملات عدائية وإسلاموفوبية (هو أول مسلم يرشح لهذا المنصب) يطلقها اليمين الأميركي المتطرف، بالإضافة إلى وسائل إعلام مؤيدة لإسرائيل، في محاولة لتشويه صورته والنيل من فرص فوزه. يأتي ذلك في ظل دعم ممداني الفلسطينيين وانتقاده سياسات إسرائيل، خصوصاً في ظل حرب الإبادة المتواصلة على قطاع غزة.
كيف تناول الإعلام اليميني الأميركي والإسرائيلي فوز زهران ممداني في الانتخابات التمهيدية؟
في وسائل الإعلام اليمينية الأميركية، تركزت الهجمات على تصوير زهران ممداني خطراً يهدد أمن المدينة والبلاد، حيث تصدر عناوين في صحيفة نيويورك بوست، من قبيل "جيم كريمر، مذيع سي إن بي سي يمزح بأن أثرياء نيويورك قد يُطلَق عليهم النار إذا أصبح ممداني عمدة" و"انعطافة يسارية! الرئيس ترامب يصف مرشح عمدة مدينة نيويورك بالشيوعي، بينما يناقش الديمقراطيون مستقبله".
من جانبها، اختارت شبكة فوكس نيوز اليمينية النبش في تاريخ تصريحات زهران ممداني ونشر مقطع له يتعهّد فيه باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إذا زار المدينة، إذ قال: "لو كنت عمدة، ستعتقل مدينة نيويورك بنيامين نتنياهو. هذه مدينة تتوافق قيمنا فيها مع القانون الدولي. حان الوقت لأن تكون أفعالنا كذلك". ونقلت الشبكة عن منظمة كاناري ميشن الصهيونية أن "ممداني يحضر بانتظام الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في مدينة نيويورك، وأنه شارك في الاحتجاجات ضد إسرائيل بعد أيام من الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023...".
بدورها، أطلقت وسائل الإعلام الإسرائيلية حملات تحريضية ضد زهران ممداني مستغلة فوزه المفاجئ في الانتخابات التمهيدية، ووصفته بـ"المعادي لإسرائيل"، مع إبراز تضامنه مع الفلسطينيين. صحيفة تايمز أوف إسرائيل عنونت: "ممداني يرفض التخلي عن معتقداته رغم فوزه المفاجئ". ومع ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن ممداني ما زال يحصل على دعم نسبي من اليهود، مستقطباً 14–20% من أصواتهم، وأكدت مشاركته في حوارات مع مؤسسات يهودية محلية ضمن برنامجه لمكافحة معاداة السامية. فيما أورد موقع إسرائيل ناشيونال نيوز احتفال ناشطين مناهضين لإسرائيل بفوزه، مثل محمد الكرد، داعين إلى "عولمة الانتفاضة" بعد فوزه في الانتخابات التمهيدية. الموقع نفسه نقل عن القنصل العام السابق لإسرائيل في نيويورك، أساف زامير، وصفه ممداني بـ"مغني راب يكره الصهيونية" و"غير مناسب للمنصب بسبب جعل تطبيع العنف جزءاً من برنامجه". كذلك أظهرت صحيفة جويش برس مخاوف الجالية اليهودية في نيويورك من مواقفه، رغم مشاركة كثير من اليهود في تظاهرات التضامن مع الفلسطينيين، في محاولة صهيونية مستمرة لترهيب المحتجين والمتضامنين. وزعم موقع Ynetnews أن فوز ممداني أثار قلق الجالية اليهودية، مشيراً إلى اعتباره "تهديداً وجودياً، وأن هناك جهوداً لمنع ما وصفوه بـ"نزوح جماعي يهودي" من المدينة. وتعرّض ممداني لهجمات مستمرة بسبب خلفيته الدينية، فربط خصومه المسلمين بأعمال إرهابية محتملة، وذهب بعضهم إلى التنبؤ بوقوع "حادث شبيه بأحداث 11 سبتمبر" تحت قيادته. وقد تلقّى المرشح تهديدات بالقتل شملت رسائل مسيئة وصوتية، وعبارات مثل "المسلم الصالح الوحيد هو المسلم الميت"، كما أفاد بأن التهديدات طاولت مقربين منه.
موجة منشورات معادية للملسمين
تعكس هذه الهجمات التنسيق بين ناشطين من القاعدة الشعبية وشخصيات سياسية بارزة، مثل نائب رئيس موظفي البيت الأبيض السابق ستيفن ميلر والنائبة إليز ستيفانيك ونجل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذين تصدروا الهجوم. مثلاً، كتبت الناشطة اليمينية المتطرفة لورا لومير على منصة إكس: "هناك هجوم آخر مثل 11 سبتمبر سيحدث في نيويورك تحت قيادة ممداني"، فيما وصفت عضوة مجلس مدينة نيويورك فيكي بالادينو ممداني بأنه "إرهابي جهادي معروف" و"شيوعي" في مقابلة إذاعية، مطالبة بترحيله. دونالد ترامب جونيور أعاد نشر منشور يقول: "أنا كبير بما يكفي لأتذكر وقت تحمل سكان نيويورك هجوم 11 سبتمبر بدلاً من التصويت له. سقطت مدينة نيويورك". ونشرت النائبة مارجوري تايلور غرين صورة مولدة بالذكاء الاصطناعي لتمثال الحرية مغطى ببرقع، فيما أعرب المعلق المحافظ مات والش عن أسفه لأن نيويورك التي تشتهر بجالياتها المهاجرة لم تعد "مدينة أميركية" لأن 40% من سكانها ولدوا خارج الولايات المتحدة. وواجه ممداني تمييزاً واضحاً خلال الحملة، فركّزت الأسئلة الإعلامية على موقفه من القضية الفلسطينية، فيما مُنح منافسوه مرونة أكبر في الإجابة. وهذه الهجمات ليست مجرد نقد سياسي عادي، بل تمثل حملة ممنهجة من الإسلاموفوبيا تستهدف إقصاء أول مرشح مسلم للمنصب من الحياة السياسية العلنية في أكبر مدينة أميركية.
في مقابل ذلك، عبّر ممداني عن أمله في بناء مدينة شاملة تعكس قيم التعايش والعدالة قائلاً: "لقد تحدثت مع العديد من المسلمي
