تايوان قلقة من التورط الأميركي في الشرق الأوسط
Arab
2 hours ago
share

يبدو أن دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، أثار مخاوف في تايوان من الانسحاب الأميركي التدريجي من المنطقة، خصوصاً بعد تحريك حاملات طائرات أميركية قبل أيام إلى الشرق الأوسط. وأفادت وسائل إعلام تايوانية، الثلاثاء الماضي، بأنّ أي حرب طويلة الأمد مع إيران، في حال لم ينجح إعلان وقف إطلاق النار، قد تؤدي إلى تحويل الإمدادات العسكرية الأميركية والانتباه عن منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ونقلت تحذيرات محللين عسكريين من أن أي حرب أميركية في الشرق الأوسط قد تترك قواتها المسلحة منهكة للغاية إذ لا تتمكن من الرد بسرعة على أزمة مضيق تايوان، وذلك بعد أن شنت الولايات المتحدة ضربات دقيقة متعددة على منشآت نووية في إيران في نهاية الأسبوع الماضي.

مخاوف تايوان

وفي حين سارع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى وصف العملية بأنها "هجوم ناجح للغاية"، حذّر مشرّعون في تايبيه من أن الاهتمام الأميركي قد يتحول بعيداً عن مضيق تايوان. وكان مصدر قلقهم الأساسي هو أن الولايات المتحدة، المنخرطة بالفعل في دعم أوكرانيا، ستكون لديها موارد عسكرية أقل ونطاق سياسي أقل للرد السريع إذا تحركت الصين ضد تايوان وتسعى إلى ضمها بالقوة العسكرية إذا لزم الأمر. وقال هؤلاء إذا وجدت أميركا نفسها تدير صراعين كبيرين في وقت واحد، فيتعين علينا أن نسأل: ما مقدار الموارد التي يمكنها توفيرها لنا بشكل واقعي، وهل ينبغي لبكين أن تختار تلك اللحظة للتحرك؟ وأضافوا بأنه على الرغم من أن إدارة ترامب سحبت دعمها لأوكرانيا في وقت سابق من هذا العام، فإن الدعم لإسرائيل في مواجهة التهديدات الإيرانية قد يأخذ الأولوية الآن، مع تأثيرات متتالية على الإمدادات لتايوان. هذا وكانت إيران ردت، الاثنين الماضي، على الضربات الأميركية لمنشآتها النووية بإطلاق ستة صواريخ على الأقل على قاعدة العديد الأميركية في قطر، لكن الدوحة أعلنت إحباط الهجوم. كما خيّم شبح إغلاق مضيق هرمز، شريان الشحن الحيوي، على الصراع. وقال المرشد الإيراني علي خامنئي إنه سيطلب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تقديم دعم إضافي. وفجر الثلاثاء، ادعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن إسرائيل وإيران توصلتا إلى وقف إطلاق نار شامل وكامل. لكن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي صرّح بأنه لن يكون هناك وقف للأعمال العدائية ما لم توقف إسرائيل هجماتها، بينما صرّحت إسرائيل بعد ساعات من إعلان ترامب أن إيران أطلقت صواريخ باتجاهها.


جو فانغ: هناك حاجة لتايوان لإنشاء تحالفات أمنية في المنطقة مع كوريا الجنوبية واليابان والفيليبين

في تعليقه على مخاوف تايوان، قال جو فانغ، الباحث الزميل في جامعة آسيا (تايوان)، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الإدارات الأميركية المتعاقبة ظلت ملتزمة خطابياً بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ باعتبارها أولوية في سياستها الخارجية، ولكن المستجدات الأخيرة المرتبطة بالصراع الدائر في الشرق الأوسط، وضعت هذا الالتزام على المحك. وبات هذا الأمر يثير قلقاً حقيقياً بشأن فعالية المظلة الأمنية الأميركية، ومدى استعداد بكين لاستغلال هذه الثغرات من أجل الانقضاض على الجزيرة. وأضاف فانغ أنه لا شك في أن تايوان تعتمد على الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، وهو بمثابة حصن منيع ضد أي هجمات صينية محتملة، لكن قد تجد الولايات المتحدة نفسها متورطة في حرب معقدة بعد استهداف قواعدها العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، وهذا يفسر قيام وزارة الدفاع الأميركية بتحويل مجموعة حاملة طائرات هجومية من منطقة المحيطين الهندي والهادئ إلى الشرق الأوسط، في خطوة تعد الرابعة من نوعها لقوات البحرية الأميركية في أقل من عام واحد.

وهو أمر أثار الكثير من علامات الاستفهام في تايبيه. أشار فانغ إلى أن هناك حاجة ماسة إلى إنشاء تحالفات أمنية مستقلة بين الحلفاء في المنطقة بما في ذلك كوريا الجنوبية واليابان والفيليبين التي لديها نزاعات بحرية مع الصين، لأن الاعتماد بالمطلق على مظلة الدفاع الأميركية يبقى رهن تأثير اللوبي الصهيوني على صنّاع القرار في أروقة البيت الأبيض، وهذا ما تجسد في دخول واشنطن على خط المواجهة مع طهران بالرغم من أنها كانت قاب قوسين أو أدنى من التوصل إلى اتفاق معها بشأن برنامجها النووي.

من جهته، اعتبر المختص في الشأن الآسيوي في معهد فودان للدراسات والأبحاث في الصين، جينغ وي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تحويل التركيز الأميركي باتجاه الشرق الأوسط، هو درس قاس لتايبيه والقوى الانفصالية التي راهنت على خط الدفاع الأميركي. وأضاف أن قادة الجزيرة في حيرة من أمرهم منذ تخلي الولايات المتحدة عن حليفتها أوكرانيا، وتوبيخ الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (في البيت الأبيض في 28 فبراير/شباط الماضي)، والآن يتكرر الأمر مع سحب مجموعة حاملة الطائرات الأميركية من منطقة المحيطين، وهذا يؤكد، وفقاً له، بأن واشنطن لا تقيم وزناً للحلفاء وتتعامل معهم باعتبارهم بيادق لا أكثر المنافسة الصراع التقليدي مع الصين.

وعن فرص بكين في استغلال الفراغ الأميركي للانقضاض على تايوان، أوضح جينغ وي، أن الصين لا تبني خططها الاستراتيجية بناء على مواقف الدول الأخرى، مشيراً إلى أن المناورات العسكرية الصينية في مضيق تايوان وفي محيط الجزيرة لم تتوقف ولم تتراجع وتيرتها قبل وبعد الأحداث في الشرق الأوسط. وأضاف بأن بكين لديها خطوط حمراء في مسألة تايوان، يُعتبر تجاوزها في أي لحظة، إيذاناً باستخدام القوة لاستعادة الجزيرة وتوحيدها مع البر الرئيسي الصيني. وكانت المتحدثة باسم مكتب شؤون تايوان تشو فنجليان، قد أفادت في إحاطة صحافية، الأربعاء الماضي، بأن "تايوان جزء من الصين. لا يوجد غزو يمكن الحديث عنه". ونقلت وكالة رويترز تعليقها رداً على سؤال حول تدريبات صينية "تعزز الاستعدادات لهجوم" على تايوان.


جينغ وي: تحويل التركيز الأميركي باتجاه الشرق الأوسط، هو درس قاس لتايبيه

استعدادات ومناورات في تايبيه

بدورهما، كشف مسؤولان أمنيان لوكالة رويترز، بأن تايوان ستصدر لمواطنيها توجيهات جديدة بشأن الغارات الجوية الأسبوع المقبل، لتسير على خطى أوكرانيا وإسرائيل، حال اضطرارها لمواجهة هجوم عسكري صيني. وأوضح أحدهما: "تدرس تايوان جيداً الأوضاع في أوكرانيا وإسرائيل". كذلك، جاء في وثائق التخطيط الحكومية التي اطلعت عليها "رويترز" أن السلطات ستعمل على تحديث التعليمات بشأن ما يتعين على الناس فعله، عند إصدار تحذيرات من الغارات الجوية، بما في ذلك هؤلاء الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى الملاجئ في الوقت المناسب أو الذين يقودون السيارات.

وذكرت وزارة الدفاع التايوانية، الأربعاء الماضي، أنها ستُجري مناورات "هان كوانغ" السنوية في الفترة بين التاسع من يوليو/تموز المقبل و18 منه، على أن تشمل أكبر عملية تعبئة على الإطلاق لجنود الاحتياط للمناورات السنوية. وقال وزير الدفاع ويلينغتون كو في كلمة أمام البرلمان، إنه سيتم استدعاء ما يصل إلى 22 ألف جندي احتياطي للمشاركة في المناورات، في زيادة كبيرة عن مناورات العام الماضي، التي تضمنت مشاركة من 14647 جندياً تايوانياً. يشار أن الصين تعتبر تايوان جزءاً من أراضيها، وتسعى إلى ضمها ولو بالقوة إذا لزم الأمر. وبالرغم من أن معظم الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، لم تعترف بتايوان، فقد عارضت واشنطن سابقاً أي تغيير أحادي الجانب في الوضع الراهن، وأبدت التزامها بالدفاع عن الجزيرة، فضلاً عن أن الولايات المتحدة هي أيضاً المورد الرئيسي للأسلحة إلى تايوان.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows