
كشفت صحيفة هآرتس العبرية، اليوم الثلاثاء، عن أن معتقلاً "مجهول الهوية" من قطاع غزة (يبلغ من العمر نحو 40 عاماً)، استُشهد من جراء "سقوطه" من مكان مرتفع داخل منشأة تابعة لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، بينما كانت يداه مكبلتين. وتعود الحادثة إلى شهر يناير/كانون الثاني 2024، وتم التكم على هويته، وسط مزاعم إسرائيلية بأنه "سقط أثناء محاولته الهروب من المنشأة التي كان يخضع فيها للتحقيق، وكان مكبل اليدين في تلك اللحظة"، فيما رفض "الشاباك" التعليق على هذه المعلومات.
وكشف تشريح الجثة، عن نتائج تتماشى مع سقوط من مكان مرتفع، كما أظهر علامات تشير إلى أن المعتقل كان مكبّل اليدين لفترة طويلة. وزعمت وزارة القضاء الإسرائيلية، أن التحقيق في سبب الوفاة قد انتهى، ولم يُعثر على شبهة جنائية، رغم أن الوفاة حصلت أثناء احتجازه لدى الاحتلال. ويثير هذا الأمر شكوكاً حول ملابسات القضية وتفاصيلها، بينما اعتبرت الصحيفة العبرية أنه "يشير على الأقل إلى إهمال من مسؤولي الشاباك".
ومنذ بداية حرب الإبادة على قطاع غزة، سُجّلت على الأقل ست حالات "وفاة" لفلسطينيين أثناء التحقيق معهم لدى "الشاباك". ونقلت الصحيفة مزاعم وحدة فحص شكاوى المعتقلين الخاضعين للتحقيقات (مبتان)، مشيرة إلى أنه في ثلاث حالات لم يُعثر على شبهة جنائية ضد محققي الشاباك، وفي الحالة الرابعة قررت المحكمة وقف التحقيق، وإغلاق الملف، بعدما تم التوصل لسبب الوفاة. ولا تزال هناك حالتان قيد الفحص. كما ذكرت الوحدة أنه في جميع الحالات، "تم طلب رأي من المعهد الوطني للطب الشرعي، وأُجريت تحقيقات إضافية".
وبشكل عام، لا يعلن الشاباك عن المعتقلين الذين استشهدوا أثناء احتجازه إياهم. ومنذ بداية الحرب، كانت حالات استشهاد المعتقلين من غزة داخل السجون أو مراكز الاحتجاز العسكرية محاطة بالغموض ونقص الشفافية. وفي ديسمبر الماضي، نشرت الصحيفة نفسها، أن إحدى الحالات التي تم فحصها، وقررت السلطات عدم فتح تحقيق جنائي في شأنها، كانت وفاة مدير مستشفى النساء في بيت لاهيا، شمالي قطاع غزة، إياد رنتيسي الذي استُشهد في سجن شيكما بعد ستة أيام من اعتقاله في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي. ولم تبلغ السلطات الإسرائيلية عائلة رنتيسي بوفاته، واكتشفت ذلك بعد نشر خبر في الصحيفة.
وأظهر التحقيق في وفاته وجود كدمات على جسده، مما عزز الشكوك بتعرضه للعنف. وأشير إلى أن السبب الرسمي لوفاة رنتيسي، الذي كان يعاني من مشاكل صحية، هو نوبة قلبية، لكن التحقيق أثار الشكوك بأن الإصابات ربما ساهمت في وفاته. وعلى الرغم من أنه تقرر عدم فتح تحقيق جنائي ضد محققي الشاباك، تم تحويل نتائج الفحص إلى وحدة التحقيقات مع السجانين في الشرطة، لفحص الادعاءات التي أثيرت ضد عناصر في مصلحة السجون.
وفي السياق، أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، ونادي الأسير الفلسطيني، أول من أمس الأحد، أن هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية أبلغتهما باستشهاد المعتقل الإداري أحمد سعيد صالح طزازعة (20 عاماً) من جنين شمالي الضفة الغربية، في سجن "مجدو" الإسرائيلي. وبحسب بيان صادر عن الهيئة والنادي، فقد كان الشهيد طزازعة معتقلاً منذ 6 مايو/أيار 2025، وذلك دون توفر تفاصيل دقيقة حول ظروف استشهاده، ليُضاف اسمه إلى سجل شهداء الحركة الأسيرة الذين ارتقوا نتيجة للجرائم المنظمة التي تمارسها إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي بشكل غير مسبوق منذ بدء الإبادة الجماعية المستمرة، وأبرزها: التعذيب، والجرائم الطبية، والتجويع.
وأكدت الهيئة والنادي أن سجن "مجدو"، الذي كان طزازعة محتجزاً فيه، شكّل واحداً من أبرز السجون التي سُجلت فيها جرائم جسيمة، لا سيما مع استمرار انتشار مرض الجرب (السكابيوس)، الذي حوّلته إدارة السجون إلى أداة واضحة لقتل المزيد من الأسرى. ولفتت الهيئة والنادي إلى أنه، ومع استشهاد المعتقل طزازعة، يرتفع عدد الشهداء بين صفوف الأسرى والمعتقلين منذ بدء الإبادة إلى 76 شهيداً، وهم فقط من عُرفت هوياتهم، في ظل استمرار جريمة الاختفاء القسري. وشددت المؤسستان على أن تصاعد وتيرة استشهاد الأسرى والمعتقلين بشكل غير مسبوق، يؤكد مجدداً أن منظومة سجون الاحتلال ماضية في تنفيذ سياسة القتل البطيء بحقهم، "فلم يعد يمر شهر دون أن نستقبل اسماً جديداً لشهيد من الحركة الأسيرة"، بحسب البيان.

أخبار ذات صلة.




