
دانت دول ومنظمات عربية وإقليمية بالإضافة إلى تركيا، الأحد، اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، المسجد الأقصى في القدس المحتلة برفقة مستوطنين وتحت حماية الشرطة الإسرائيلية. وصباح الأحد، جدد بن غفير، زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، اقتحامه المسجد الأقصى في القدس المحتلة. وقاد بن غفير صلاة تلمودية في باحات المسجد، بذكرى ما يسمونه "خراب الهيكل"، وبثت وسائل إعلام عبرية، بينها صحيفة يسرائيل هيوم والقناة السابعة، مقاطع مصورة لعملية الاقتحام. وسبق ذلك، اقتحام مئات المستوطنين المسجد لأقصى حيث أدوا صلوات تلمودية، على مرأى من الشرطة التي تؤمِّن الاقتحامات، ويسيطر عليها بن غفير ضمن صلاحياته.
الرئاسة الفلسطينية: إرهاب المستوطنين تصعيد خطير
واعتبرت الرئاسة الفلسطينية الأحد، اقتحام المسجد الأقصى، واعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة تصعيداً خطيراً "يعكس إرهاباً منظماً بحماية تل أبيب". وقال متحدث الرئاسة نبيل أبو ردينة في بيان نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية إنّ "إرهاب المستوطنين (الإسرائيليين) المتواصل في الضفة الغربية، واعتداءاتهم الاستفزازية على المسجد الأقصى، تصعيد خطير، يأتي استكمالاً لحرب الإبادة والتجويع التي يتعرض لها شعبنا في قطاع غزة".
وأضاف أن "هذا تصعيد مدان ومرفوض، ويعكس إرهابا منظما بحماية سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) ودعمها، بهدف إفشال جميع الجهود العربية والدولية الرامية إلى تحقيق وقف إطلاق النار (في غزة)، وعودة الاستقرار والهدوء إلى المنطقة". وأكد أن "السلام الحقيقي والدائم يتم من خلال الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلالـ وتجسيد قيام دولته الفلسطينية المستقلة".
الأردن: خرق فاضح للقانون الدولي
إلى ذلك، دان بيان للخارجية الأردنية اقتحام بن غفير الجديد للمسجد، تحت حماية الشرطة الإسرائيلية، مؤكداً أنه "لا سيادة لإسرائيل على المسجد الأقصى". وجددت الوزارة رفضها "تسهيل شرطة الاحتلال الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى من قِبَل المستوطنين المتطرفين". وشددت على أن ذلك يمثل "انتهاكاً صارخاً للوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى، ومحاولة لتقسيمه زمانياً ومكانياً، وتدنيساً لحرمته"، محذرة من "عواقب استمرار هذه الانتهاكات المستفزة واللا شرعية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس".
السعودية: تأجيج للصراع في المنطقة
بدورها، أعربت الخارجية السعودية في بيان عن "إدانة المملكة بأشد العبارات الممارسات الاستفزازية المتكررة من قبل مسؤولي حكومة الاحتلال الإسرائيلي بحق المسجد الأقصى المبارك". وقالت وزارة الخارجية السعودية، الأحد، إن الممارسات الإسرائيلية الاستفزازية بحق المسجد الأقصى تقوض فرص السلام وتؤجج الصراع في المنطقة. وشددت السعودية على مطالبتها المتواصلة للمجتمع الدولي "بوقف ممارسات الاحتلال الإسرائيلي المخالفة للقوانين والأعراف الدولية والتي تقوض جهود السلام بالمنطقة".
تركيا: حماية أمن المسجد الأقصى مسؤولية جماعية
في السياق، دانت وزارة الخارجية التركية بأشد العبارات، الأحد، اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، المسجد الأقصى برفقة مستوطنين. وأكدت الخارجية التركية، في بيان، أنّ حماية أمن المسجد الأقصى والهوية المقدسة للقدس ليست مسؤولية إقليمية فحسب، بل مسؤولية جماعية للضمير الإنساني.
وجاء في البيان: "هذه الاستفزازات الممنهجة والدعوات الأخيرة للضم من قبل إسرائيل، تستهدف أسس حل الدولتين، وتُلحق ضررًا بالغا بآمال السلام". وجددت الخارجية التركية، دعوتها لوقف فوري لإطلاق النار، وإحلال سلام دائم قائم على حل الدولتين، في مواجهة ممارسات إسرائيل المزعزعة للاستقرار في فلسطين والمنطقة. وأضافت: "نُدين بأشد العبارات اقتحام بعض الوزراء الإسرائيليين للمسجد الأقصى اليوم، بحماية الشرطة الإسرائيلية وبمشاركة مجموعات من المستوطنين الإسرائيليين".
حماس: سلوك إجرامي يهدد للسلم الدولي
من جانبها، قالت حركة حماس إن اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى برفقة مستوطنين، بالتزامن مع استمرار حرب الإبادة والتجويع على قطاع غزة، "سلوك إجرامي يهدد السلم والأمن الإقليمي والدولي". وأضافت الحركة في بيان أن "ما شهدته باحات المسجد الأقصى من اقتحامات واسعة لقطعان المستوطنين، وفي مقدمتهم بن غفير وعضو كنيست الاحتلال المتطرف عميت هالفي، يمثل جريمة متصاعدة بحق المسجد الأقصى". وشددت على أن "هذا السلوك الإجرامي يهدد بشكل مباشر السلم والأمن الإقليمي والدولي، ما يستوجب موقفا جادا من المجتمع الدولي والأمم المتحدة لردع الاحتلال ومحاسبته على جرائمه".
"التعاون الإسلامي": على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته
من جهتها، دانت منظمة التعاون الإسلامي، بشدة اقتحام بن غفير والمستوطنين، باحات المسجد الأقصى المبارك. وحملت المنظمةُ في بيان، حكومةَ الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن تبعات هذه الاعتداءات الممنهجة، التي تُشكّل استفزازًا لمشاعر المسلمين في جميع أنحاء العالم، وتهديدًا خطيرًا للأمن والاستقرار في المنطقة. ودعت المنظمةُ المجتمعَ الدولي إلى تحمّل مسؤولياته، والعمل الفوري على وقف هذه الانتهاكات الجسيمة، وضمان الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس المحتلة.
وسبق لبن غفير أن اقتحم الأقصى مرات عديدة، مما أثار انتقادات وغضبا فلسطينيا وعربيا. ويؤكد الفلسطينيون أن إسرائيل تكثف جرائمها لتهويد القدس الشرقية، بما فيها المسجد الأقصى، وطمس هويتها العربية والإسلامية. وهم يتمسكون بالقدس الشرقية عاصمةً لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية، التي لا تعترف باحتلال إسرائيل المدينة عام 1967 ولا بضمها في 1980.
ويأتي اقتحام بن غفير الجديد للأقصى في وقت تشن فيه إسرائيل بدعم أميركي حرب إبادة جماعية في غزة منذ 7 أكتوبر 2023، خلفت أكثر من 209 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين. وبموازاة حرب الإبادة في غزة، صعد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 1012 فلسطينيا، وإصابة نحو 7 آلاف، إضافة إلى اعتقال أكثر من 18 ألفا، وفق معطيات رسمية فلسطينية.
(الأناضول، قنا، العربي الجديد)
