مصر: حكم بإعدام سفاح المعمورة
عربي
منذ 4 ساعات
مشاركة

أصدرت محكمة جنايات الإسكندرية في مصر، اليوم الأحد، حكمها بإعدام المحامي نصر الدين السيد، المعروف إعلامياً بلقب "سفاح المعمورة"، وذلك بعد تصديق مفتي الجمهورية على الحكم، والتأكد من سلامة قواه العقلية والنفسية وقت ارتكاب جرائمه التي هزت الرأي العام المصري، وأفزعت مدينة الإسكندرية بأسرها.

وجاء الحكم، وهو حكم أول درجة، بالإعدام شنقاً، بعد أن كانت المحكمة قد أحالت أوراق المحامي المتهم في جلسة سابقة إلى فضيلة مفتي الجمهورية لأخذ الرأي الشرعي بشأن تنفيذ الإعدام، وهو الرأي الذي ورد اليوم مؤيداً للحكم، لتصدر المحكمة قرارها النهائي برئاسة المستشار محمود عيسى سراج الدين، رئيس المحكمة.

وصدر الحكم عقب سلسلة من التحقيقات المعقدة والفحوص الطبية المطولة، بعدما أمرت المحكمة، في وقت سابق، بإيداع المتهم مستشفى العباسية للصحة النفسية والعصبية لمدة خمسة عشر يوماً قابلة للتمديد، لعرضه على لجنة طبية ثلاثية متخصصة، تتولى فحص حالته النفسية والعقلية بدقة.

وفي تقريرها الرسمي المؤرخ في 28 يونيو/حزيران الماضي، أكدت اللجنة أن المتهم يتمتع بكامل قواه العقلية وقت ارتكاب الجرائم، ولا يعاني من أي اضطراب نفسي من شأنه أن يفقده الإدراك أو التمييز، مما دعم أهليته للمحاكمة الجنائية الكاملة، وأتاح للمحكمة إحالة أوراقه للمفتي، ثم إصدار حكمها بإعدامه.

تُعد قضية "سفاح المعمورة" واحدة من أكثر القضايا الجنائية بشاعة في تاريخ مدينة الإسكندرية خلال العقد الأخير، لما انطوت عليه من وحشية، وتعدد في الجرائم، ودوافع نفسية ومادية معقّدة، وخرق صارخ لميثاق المهنة القانونية التي كان ينتمي إليها المتهم.

التحقيقات كشفت أن نصر الدين السيد، البالغ من العمر 52 عاماً، والذي يعمل محامياً، ارتكب ثلاث جرائم قتل عمد مع سبق الإصرار، ذهب ضحيتها كل من زوجته العرفية واثنين من موكليه. وقد ارتكبت الجرائم في أوقات متفرقة امتدت لعدة سنوات، مستخدماً أساليب دفن احترافية داخل شقق مستأجرة بإحكام بالغ، ما تسبب في تأخر اكتشاف الجرائم لفترات طويلة، وكاد أن يُفلت من العقاب لولا الصدفة وسلسلة من البلاغات المتكررة.

الضحية الأولى كانت زوجته العرفية "م. ف. ث"، وهي ربة منزل، نشبت بينها وبين المتهم خلافات حادة انتهت بجريمة قتل مروعة داخل شقة في منطقة المعمورة. قام بعدها المتهم بدفن الجثة تحت بلاط الشقة، محاولاً إخفاء الجريمة كلياً عن الأنظار. الضحية الثانية كانت موكلته "ت. ع. ر"، والتي كانت تطالبه برد أموالها التي استولى عليها، فقرر التخلص منها بالطريقة نفسها، ودفنها بجوار جثة زوجته داخل ذات الشقة.

أما الضحية الثالثة، فكان المهندس "م. إ. م"، الذي كانت تربطه بالمتهم علاقة عمل. وكان قد اختفى منذ أكثر من ثلاث سنوات، ولم يُكشف عن مصيره إلا بعد العثور على جثمانه مدفوناً داخل شقة أخرى مستأجرة بمنطقة العصافرة، على بعد عدة كيلومترات من مسرح الجريمتين السابقتين.

وتنوعت أساليب القتل بين الخنق والضرب بآلات حادة، بحسب ما أظهرته التحقيقات والمعاينات. وكان المتهم، بعد كل جريمة، يعمد إلى دفن الجثث داخل الشقق بعد فرش طبقات من الأسمنت والرمال بهدف طمس الروائح، ما صعّب اكتشاف الجرائم، خاصة في ظل عدم ارتباطه الوثيق بالجيران أو الوسط المحيط.

وبحسب تحريات الأجهزة الأمنية، كان المتهم يستغل مكانته القانونية كمحام، وعلاقاته الشخصية بالضحايا، لارتكاب جرائمه في سياقات تراوحت بين الدوافع المالية، والرغبة في إسكات مطالبات أو تسوية خلافات بطرق دامية. وكان، بعد كل جريمة، يستولي على أموال أو ممتلكات المجني عليهم، ما أضفى على الوقائع طابعاً إجرامياً مركباً يجمع بين القتل العمد والاحتيال والاستيلاء غير المشروع.

ورغم أن الجرائم لم تكتشف لسنوات، فإن نقطة التحول جاءت عندما سمع الجيران في منطقة المعمورة أصوات صراخ لامرأة داخل إحدى الشقق، ما دفعهم لإبلاغ الشرطة، التي حضرت على الفور واقتحمت الشقة لتكتشف وجود جثتين مدفونتين تحت البلاط. ومن هنا بدأ خيط الجرائم يسحب واحداً تلو الآخر، ليتبيّن لاحقاً وجود جريمة ثالثة في شقة أخرى، ما شكل صدمة بالغة لدى الرأي العام.

مع كل كشف جديد، تصاعدت حالة الهلع والغضب في الشارع السكندري، وتحولت القضية إلى حديث وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وسط تساؤلات لا تهدأ حول الدوافع، وإمكانية إفلات المتهم من العقاب لو لم تتدخل المصادفات. وازدادت التساؤلات حدة بعد ملاحظة سلوك المتهم المضطرب في جلسات المحاكمة الأولى، حيث بدا تائهاً ومهزوزاً، ما دفع المحكمة لتكليف فريق طبي بتقييم قواه العقلية.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية