عدّاء تونسي يقطع مسافة 500 كيلومتر دعماً لأطفال غزة
Arab
4 days ago
share
اجتاز العدّاء التونسي محمد البراطلي مسافة أكثر من 500 كيلومتر مشياً، من شمال البلاد إلى جنوبها، بهدف جمع التبرعات نصرة لأطفال غزة. على وقع الإبادة الجماعية المستمرة لأهالي قطاع غزة وسياسة التجويع والتهجير التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي، قرّر العدّاء التونسي محمد البراطلي (38 عاماً) أن يساند الغزيّين في محنتهم على طريقته الخاصة، حيث اختار المشي أكثر من 500 كيلومتر بهدف جمع التبرعات لصالح أطفال غزة الذين فقدوا أسرهم، وأصيبوا من جراء العدوان المتواصل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. بدأت رحلة البراطلي، التي دامت 11 يوماً، من مدينة بنزرت أقصى شمال تونس، حيث خاض تجربة السير على القدمين بمعدل 51 كيلومتراً يومياً. ويقول لـ"العربي الجديد": "لم يكن أي شيء اعتباطياً في رحلتي، أردت أن أقطع يومياً 51 كيلومتراً، وهو طول حدود قطاع غزة مع الكيان الصهيوني، وأن تكون رفيقتي في الرحلة عربة أطفال صغيرة يرفرف فوقها العَلمان الفلسطيني والتونسي والكوفية الفلسطينية". ويضيف العدّاء التونسي: "أسميتها آلاء، في إشارة إلى الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار، التي فقدت أبناءها التسعة في غارة إسرائيلية على بيتها، لما تمثله هذه الطبيبة من أيقونة للصبر والتضحية التي يتكبّدها أهالي القطاع دفاعاً عن أرضهم وأرزاقهم، وحقهم بالحياة والعيش الكريم والآمن". ويتابع: "لم تكن الرحلة من شمال تونس إلى جنوبها سهلة، بسبب العوامل الطبيعية المتقلبة وصعوبة الطريق في بعض الأحيان، غير أنني طوال المسافة كنتُ أستحضر عذابات أهالي غزة وألم النزوح والتهجير المتواصلَين تحت القصف والتهديد". ويشير إلى أنه على امتداد الرحلة، حظي بدعمٍ كبير من المواطنين الذين قدّموا له الطعام والشراب وشتّى أنواع المساعدة، وعرضوا عليه المَبيت في بعض المحطات التي توقف فيها. غير أنه، بحسب قوله، اختار عند كل محطة استراحة أن ينصب خيمته في العراء، ويشارك الغزيّين الذين فقدوا منازلهم وأملاكهم وأرزاقهم، مرارة الواقع الأليم والجحيم الذي يعيشونه وسط انعدام أي شعور بالاستقرار والأمان. ويؤكد البراطلي أن كل مشاعر التعب والذعر ووحشة الطريق كانت تحفّزه على المضي قُدماً في رسالته، وتمنحه طاقة إضافية لمواصلة رحلته وتحقيق غايته الإنسانية، وبالتالي جمع أكبر قدر ممكن من التبرعات لفائدة أطفال غزة. ويقول: "لم تفارقني صور الشيوخ والأطفال والأمهات والعائلات وهم يحملون ما تبقّى من أمتعتهم ويُجبرون على النزوح نحو مصير مجهول، كانت تلك المشاهد تؤلمني وتعتصر قلبي، لكنها كانت تمنحني القدرة على مواصلة الدرب الطويل، رغم التعب والإرهاق". كانت الطريق بالنسبة لمحمد مسافة لا تُقاس بعدد الكيلومترات، بقدر ما تُقاس بقدرته على اختبار إنسانيته، وفقاً لقوله. ويتابع: "حاولتُ في كل المحطات التي توقفت فيها أن أحفّز المواطنين على التبرّع، والمساهمة في إنقاذ أطفال غزة، وقد لمستُ لدى المواطنين التونسيّين صدًى إيجابياً، وتعاطفاً كبيراً مع القضية الفلسطينية، ومع أهالي غزة الذين يعانون الحرب والإبادة والحصار". ويكشف البراطلي أن الجمعية التونسية لقرى الأطفال "إس أو إس" منحته صفة السفير، وذلك في إطار المبادرة التي أطلقتها بهدف جمع التبرعات لصالح الحملة الوطنية والدولية تحت شعار "أنقذوا أطفال فلسطين". ومؤخراً، أعلنت الجمعية حصولها على ترخيص حكومي يسمح لها بجمع التبرعات لفائدة قرى أطفال فلسطين، على امتداد ثلاثة أشهر متتالية، إذ تسعى خلال هذه الفترة إلى جمع مساعدات مالية بقيمة 50 مليون دينار تونسي (نحو 17 مليون دولار أميركي). وأفادت الجمعية بأنّ المبلغ المُراد جمعه حُدّد بناء على الاحتياجات التي وردتها من الجمعية الفلسطينية لقرى الأطفال "إس أو إس" من خلال مراسلة رسمية وجّهتها إلى الجمعية التونسية لكفالة 120 ألف طفل فلسطيني فاقد للسند (لا معيل لهم). ويشدد البراطلي على أن المبادرات المجتمعية والإنسانية على اختلافها يمكن أن تخفف من معاناة أطفال غزة، وأن تدعم روح التضامن مع الفئات المستضعفة أينما وُجدت. وعلى الرغم من انتهاء رحلة محمد ووصوله إلى نقطة النهاية في محافظة توزر (جنوب غربي تونس)، يقول البراطلي إنه سيواصل المشوار سفيراً لمبادرة قرى الأطفال، من أجل جمع أكبر قدر ممكن من التبرعات التي تُحفظ في حساب مصرفي مخصّص لهذا الغرض. وفي حين خاض البراطلي، وهو العدّاء المتخصّص بالمسافات الطويلة، العديد من مسابقات الركض لصالح مبادرات خيرية، غير أنه يصف تجربته الأخيرة دعماً لأطفال غزة بأنها التجربة الإنسانية الأقرب إلى قلبه، والتي ستبقى محفورة في ذاكرته ووجدانه.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows