
تشير بيانات حديثة إلى أن المستهلكين الأميركيين بدأوا يفقدون زخمهم، مع تراجع ملحوظ في الإنفاق على السلع والخدمات مرتفعة الكلفة، مما يعكس استمرار تباطؤ الطلب الذي ظهر منذ الربع الأول من العام الجاري. وسجّل الإنفاق الاستهلاكي المعدّل حسب التضخم في الشهر الماضي أكبر انخفاض له منذ يناير/كانون الثاني، فيما شهد سوق العقارات تراجعًا واضحًا مع هبوط مبيعات المنازل الجديدة بنسبة هي الأعلى منذ ثلاث سنوات. وفي ظل هذه المؤشرات، أكد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أنهم لا يرون ضرورة ملحة لخفض أسعار الفائدة في الوقت الراهن.
أما في منطقة اليورو، فلم يشهد النشاط الاقتصادي سوى نمو طفيف، وسط حالة من الضبابية المستمرة بسبب الرسوم الجمركية الأميركية والتوترات الجيوسياسية. وفي الصين، تواصل أرباح الشركات الصناعية التراجع بفعل ضغوط انكماشية متزايدة. فيما يلي أبرز ما تضمنته الرسوم البيانية التي نشرتها "بلومبرغ" هذا الأسبوع حول آخر تطورات الاقتصاد العالمي والأسواق والجغرافيا السياسية:
الولايات المتحدة
تراجع الإنفاق الاستهلاكي: سجّل إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة خلال مايو/أيار أكبر انخفاض له منذ مطلع العام، ما يعكس تنامي القلق بشأن السياسات الاقتصادية التي تنتهجها إدارة ترامب. ويُظهر هذا التراجع استمرار ضعف الطلب الأسري، لا سيما في قطاع الخدمات، بعد ربع سنوي يُعد الأضعف من حيث الاستهلاك الشخصي منذ بداية جائحة كورونا.
تشدد ملحوظ في موقف الاحتياطي الفيدرالي: أعرب عدد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع عن حاجتهم لمزيد من الوقت لتقييم تأثير الرسوم الجمركية على التضخم، مؤكدين أهمية الحذر قبل اتخاذ قرارات تتعلق بأسعار الفائدة. ورغم هذا التشدد، لمح الحاكمان كريستوفر والر وميشيل بومان إلى إمكانية خفض الفائدة في اجتماع البنك المزمع عقده في 29 و30 يوليو/تموز، في حال بقي التضخم تحت السيطرة.
أكبر تراجع في مبيعات المنازل الجديدة منذ 2022: تراجعت مبيعات المنازل الجديدة بنسبة 13.7% في مايو/أيار، وهو أكبر انخفاض تسجله منذ ثلاث سنوات، ما يعكس فشل الحوافز المقدمة من المطورين العقاريين في تجاوز أزمة القدرة على تحمّل تكاليف الشراء. ويأتي ذلك في ظل تراكم المعروض من الوحدات السكنية، وتفاقم الضغوط الاقتصادية الناتجة عن أسعار الفائدة المرتفعة التي تقترب من 7%، وارتفاع أسعار مواد البناء بسبب الرسوم، إلى جانب تباطؤ سوق العمل.
أوروبا
نظرة متفائلة في ألمانيا: عبّرت الشركات الألمانية عن أعلى مستويات التفاؤل الاقتصادي منذ أكثر من عامين، مدفوعة بتوقعات بزيادة وشيكة في الإنفاق العام. ويأتي هذا التفاؤل رغم استمرار المخاوف من تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية، والحروب المستمرة في الشرق الأوسط وأوكرانيا، التي لا تزال تلقي بظلالها على المشهد الاقتصادي.
نمو محدود في القطاع الخاص بمنطقة اليورو: شهد القطاع الخاص في منطقة اليورو نموًا طفيفًا في يونيو/حزيران، إذ بقيت الشركات في حالة من الحذر وعدم اليقين، نتيجة التذبذب في السياسات التجارية الأميركية والتوترات الجيوسياسية، مما حدّ من القدرة على التخطيط والتوسع.
تضخم أسعار السلع الغذائية في بريطانيا: تواصل أسعار المواد الغذائية الأساسية في المملكة المتحدة ارتفاعها بوتيرة متسارعة، حيث شهدت أسعار منتجات مثل الحليب والزبدة والشوكولاتة قفزة تقارب 20% خلال مايو/أيار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ويثير هذا التضخم مخاوف من تعثر بنك إنجلترا في تنفيذ مسار تخفيض أسعار الفائدة، وسط ضغوط قد تُبقي على معدلات التضخم مرتفعة.
آسيا
انكماش أرباح الشركات الصناعية في الصين: سجلت أرباح الشركات الصناعية الصينية انخفاضًا بنسبة 9.1% في مايو/ايار مقارنة بالعام الماضي، وهو أكبر تراجع منذ أكتوبر/تشرين الأول، ما يعكس تفاقم الضغوط الانكماشية وتداعيات الرسوم الجمركية الأميركية المتزايدة. ويُثير هذا الانكماش مخاوف بشأن تراجع ثقة الشركات، واحتمال تقليصها لخطط التوظيف والاستثمار في المستقبل القريب.
ارتفاع غير مسبوق في إيجارات طوكيو: تشهد إيجارات الشقق في العاصمة اليابانية طوكيو أسرع وتيرة ارتفاع لها منذ ثلاثة عقود، في مؤشر إضافي على اتساع نطاق التضخم داخل الاقتصاد الياباني. فقد ارتفعت الإيجارات بنسبة 1.3% على أساس سنوي خلال شهري إبريل/نيسان و مايو/أيار، وهو أعلى معدل زيادة منذ عام 1994، ما يضع ضغوطًا جديدة على بنك اليابان في سياق سياساته النقدية.
الأسواق الناشئة والعالم
المكسيك تستمر في خفض الفائدة: واصل البنك المركزي المكسيكي سياسته التيسيرية بخفض سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في يونيو، في خطوة تهدف إلى دعم الاقتصاد المتباطئ. وقد ألمح صناع السياسات إلى احتمال اللجوء إلى تخفيضات أقل حدة في الفترات المقبلة، في ظل استمرار المخاوف من عودة التباطؤ الاقتصادي، بعد أن نجحت البلاد بالكاد في تفادي الدخول في ركود خلال الأشهر الماضية.
تحديثات من البنوك المركزية: إلى جانب قرار المكسيك بخفض الفائدة، أبقت البنوك المركزية في كل من باراغواي، المغرب، المجر، تايلاند، التشيك، غواتيمالا، وكولومبيا على أسعار الفائدة دون تغيير. ويأتي هذا التوجه في ظل حالة من الترقب الحذر لتطورات الاقتصاد العالمي، حيث توازن هذه الدول بين محاولات دعم النمو ومخاطر التضخم وتقلبات الأسواق الدولية.
