شنت إيران هجوماً صاروخياً عنيفاً على مواقع مختلفة في دولة الاحتلال الإسرائيلي في وقت مبكر من ليلة السبت/الأحد 15 يونيو/حزيران 2025 مما أحدث دماراً كبيراً في تل أبيب وما حولها٬ وأدى لمقتل وإصابات عشرات الإسرائيليين٬ والإبلاغ عن عدد من المفقودين تحت الأنقاض٬ فيما قال الإعلام العبري إنها “أصعب ليلة” على الإسرائيليين منذ بداية الحرب.

وتقول طهران إنها استخدمت صواريخ جديدة بعضها “فرط صوتية” يصعب اعتراضها٬ وتمتلك قدرات تدميرية كبيرة٬ رغم أن طهران أطلقت 80 صاروخاً ليلة الأحد في موجتي قصف فقط على شمال ووسط “إسرائيل”٬ وهو أقل بكثير مما أطلقته على دولة الاحتلال يوم السبت 14 يونيو/حزيران رداً على الهجوم الإسرائيلي المباغت لإيران٬ والذي أدى لمقتل عشرات القادة العسكريين والعلماء النوويين ومدنيين آخرين٬ وإحداث دمار في العديد من المنشآت النووية والعسكرية الأخرى.

وفي مساء اليوم نفسه، بدأت إيران الرد على الهجوم بسلسلة من الضربات الصاروخية الباليستية والطائرات المسيّرة، بلغ عدد موجاتها 8 في اليوم الأول٬ خلفت قتلى وجرحى، فضلاً عن أضرار مادية كبيرة طالت مباني ومركبات في عدة مناطق وبلدات إسرائيلية.

“أصعب ليلة على إسرائيل”.. ما الذي حدث ليلة الأحد؟

• ارتفعت حصيلة القتلى الإسرائيليين جراء سقوط صواريخ إيرانية على منطقة “بات يام” في منطقة “بات يام” قرب تل أبيب إلى 6 قتلى على الأقل، إضافة 7 مصابين بجروح خطيرة و40 متوسطة و298 طفيفة يتلقون العلاج بالمستشفيات٬ وعدد آخر من المفقودين٬ ليرتفع إجمالي القتلى الإسرائيليين منذ بدء الرد الإيراني إلى 13 قتيلاً خلال يومين٬ حتى صباح الأحد.​​​​​​​
  
• وجهت طهران في هذه الليلة بحسب تقديرات رسمية إسرائيلية نحو 80 صاروخاً باليستياً ذات قدرات تدميرية عالية في موجتي القصف على شمال ووسط “إسرائيل”٬ بالإضافة إلى عدد غير معلوم من الطائرات المسيرة. وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية: “في أصعب ليلة منذ بداية الحرب: إصابات مباشرة في بات يام ورحوفوت”.

• بحسب الإذاعة الإسرائيلية العامة٬ فقدت دمرت هذه الصواريخ عشرات المنازل والمباني في مدينة بات يام قرب تل أبيب. كما قالت صحيفة “معاريف” إن “6 مواقع في تل أبيب ومحيطها أصيبت بشكل مباشر بصواريخ إيرانية”. وأفادت القناة 14 الإسرائيلية بأن سقوط الصواريخ الإيرانية تركز على مدينتي بات يام ورحوفوت في تل أبيب الكبرى.

- مستوطن إسرائيلي يوثّق بكاميرته الدمار الواسع في المباني بـ #تل_أبيب، عقب سقوط صاروخ إيراني فجر اليوم. pic.twitter.com/fNxfrhCOWd

— عربي بوست (@arabic_post) June 15, 2025

• سبق الهجوم على تل أبيب قصف صاروخي على مدينة حيفا المحتلة٬ حيث اعترف الاحتلال بسقوط قتلى وجرحى واندلاع حرائق في ميناء حيفا وانقطاع الكهرباء في بعض البلدات بالجليل شمال البلاد. وبعد ساعات من الهجوم٬ قالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن خطوط الأنابيب وخطوط النقل في مصفاة حيفا النفطية تضررت جراء الهجوم الصاروخي من إيران.

• ولليلة الثانية على التواصي تفرض الرقابة العسكرية حظراً للنشر على 4 أحداث “خطيرة” على الأقل وقعت داخل “إسرائيل” عقب القصف الإيراني٬ دون الكشف عن تفاصيل إضافية بسبب الرقابة الصارمة وتعليمات التعتيم المفروضة من قبل الجيش.

ما هو معهد وايزمان الذي تعرض للقصف الإيراني؟

• من أهم الأهداف الحساسة التي استهدفتها الصواريخ الإيرانية فجر الأحد، هو معهد وايزمان للأبحاث حيث اشتعلت فيه النيران وتضرر مبنى به بشكل كبير يضم عدة مختبرات٬ وتقول صحيفة “نيويورك تايمز” إنه استنادا إلى صور وصلت للصحيفة فقد أحدث الاستهداف الإيراني للمعهد دماراً كبيراً به.

• سمي معهد وايزمان للعلوم والأبحاث٬ على اسم حاييم وايزمان الرئيس الإسرائيلي السابق وهو مؤسس المعهد٬ ويعد أحد أبرز وأقدم المعاهد في إسرائيل منذ نشأتها (1949). ويقع هذا المعهد في منطقة رحوفوت جنوب مدينة تل أبيب٬ التي تعرضت لقصف صاروخي إيراني ليلة الأحد.

مشهد استهداف معهد #وايزمان للعلوم

في ضربة مركّزة، أُصيب معهد وايزمان للأبحاث في رحوفوت، أحد أهم المؤسسات العلمية والعسكرية في #إسرائيل.

الصاروخ الإيراني دمّر جزءاً من منشآته، وتعد المؤسسة من أهم مؤسسات #إسرائيل، وبدأ تأسيسها عام 1944، وكان لها دور كبير في تطوير… pic.twitter.com/3ukOAOXVrg

— عربي بوست (@arabic_post) June 15, 2025

• بحسب الموقع الإلكتروني للمعهد، فإن معهد “وايزمان” للعلوم هو أحد أبرز معاهد البحث الأساسية متعددة التخصصات في العالم في مجال العلوم الطبيعية والدقيقة. من بين الأبحاث العلمية التي يقوم بها تلك في مجال المواد الكيماوية والمصنعة والأدوات الطبية الدقيقة. ويضم المعهد أكثر من ثلاثين مختبراَ، ومكتبة علمية كبيرة وقاعات للمحاضرات وللمؤتمرات ومساكن للباحثين وطواقم العاملين.

• ويحصل المعهد على مساعدات مالية كبيرة من الجاليات اليهودية والمنظمة الصهيونية والجمعيات العلمية العالمية وحكومة إسرائيل. ويتعاون معهد وايزمان للعلوم بشكل وثيق مع كبرى شركات تصنيع الأسلحة في إسرائيل، بما في ذلك شركة “إلبيت سيستمز” وشركة الصناعات الجوية الإسرائيلية والدفاعية.

• كما يقدم المعهد برنامج ماجستير للجنود، وقد افتتح أكاديمية لإعداد طلاب المرحلة الثانوية للخدمة العسكرية الفعّالة، بحسب موقع “حركة مقاطعة إسرائيل (bds)”. قدّم معهد وايزمان أكثر من 12 ميزة للطلاب الجنود الذين شاركوا في الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة. كما سارعت الجامعة العبرية إلى إطلاق “حزمة مالية مُعزّزة” للطلاب الجنود الذين يرتكبون الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة، بالإضافة إلى المزايا الأكاديمية.

ما الصواريخ الجديدة التي استخدمتها إيران في هجومها؟

• نقلت وكالة فارس الإيرانية عن مسؤولين قولهم إن طهران استخدمت صواريخ نوعية جديدة من بينها صاروخ (فرط صوتي) في هجومها ليلة الأحد على حيفا وتل أبيب٬ من بينها صواريخ “عماد” و”قادر” و”خيبر شكن” و”الحاج قاسم”. وأوردت “فارس” أن الصواريخ المستخدمة تكتيكية وموجهة تعمل بالوقود الصلب ومزودة برؤوس شديدة الانفجار.

• وكانت المرة الأولى التي تعلن فيها إيران استخدام صواريخ فرط صوتية في حروبها٬ في الأول من أكتوبر 2024 عندما أعلن الحرس الثوري الإيراني استهداف 3 قواعد عسكرية إسرائيلية في مدينة تل أبيب، بصواريخ “فتاح” الباليستية الفرط صوتية. ويطلق مفهوم الصاروخ الفرط صوتي على الصواريخ التي لديها سرعة عالية تصل لخمسة أضعاف سرعة الصوت، ويمكنها المناورة داخل وخارج الغلاف الجوي، ويعتقد أنه ليست هناك أية أنظمة قادرة على التصدي لها حالياً.

الانفجارات تهز تل أبيب الآن.. القناة 14 العبرية: 20 إصابة على الأقل جراء سقوط صواريخ أطلقت من إيران في ضواحي تل أبيب. pic.twitter.com/vNJiAIvrcq

— Khair Eddin Aljabri (@Khair_Aljabri) June 15, 2025

• وبسبب عدم امتلاكها طائرات مقاتلة حديثة٬ تشكل الصواريخ الإيرانية المنظومة الأساسية في ردع خصومها والدفاع عن ذاتها٬ لذلك تمتلك طهران اليوم أضخم ترسانات الصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط. 

• هذا المسار تسارع بشكل كبير خلال الحرب الإيرانية العراقية وفي العقود التي تلتها٬ حيث عملت إيران على تطوير قدراتها الصاروخية بشكل سري بالتعاون مع دول مثل كوريا الشمالية، الصين، وليبيا٬ وهو ما جعلها تمتلك ترسانة صاروخية متنوعة، تشمل صواريخ باليستية وصواريخ كروز وصواريخ فرط صوتية، باتت تشكل ركيزة أساسية في استراتيجية الردع الإيرانية إلى جانب النفوذ الإقليمي والقدرات الدفاعية الأخرى.

وفيما يلي نبذة عن الصواريخ التي استخدمتها إيران في الموجة الأخيرة من القصف على “إسرائيل”:

1- صاروخ “فتاح” 

• صاروخ فتّاح هو أول صاروخ باليستي إيراني فرط صوتي، كشف عنه الحرس الثوري في السادس من يونيو/حزيران 2023 بحضور الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي الذي أشاد بالصاروخ الجديد، ووصفه حينذاك بأنه “من مكونات الاقتدار الوطني”. 
• تقول طهران إن قدرات صاروخ فتاح الفرط صوتي قادر على المرور عبر أهم أنظمة الدفاع الصاروخي المتقدمة والأكثر تطوراً، وقادر على استهداف أنظمة الدفاع الصاروخي له الوصول لأهداف داخل “إسرائيل” خلال 6 دقائق، واستهداف القواعد العسكرية والسفن الأمريكية في منطقة الخليج بما فيها حاملات الطائرات، وهو ما يضيف لطهران قوة ردع كبيرة ضد خصومها.
• في 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 أعلن الحرس الثوري الإيراني، أنّه استهدف 3 قواعد عسكرية إسرائيلية في مدينة تل أبيب، بصواريخ “فتاح” البالستية الفرط صوتية للمرة الأولى٬ قائلاً إن 90% من الصواريخ أصابت أهدافها.

2- صاروخ “قدر”

• “قدر” هو صاروخ أرض – أرض الباليستي، يبلغ مداه 2000 كيلومتر. يعد هذا الصاروخ نسخة متطورة من صاروخ شهاب 3 الإيراني، ويبلغ طوله 15.86 متراً، بقطر 1.25 متر.  
• يبلغ وزنه 17 طناً ويمتلك رأساً حربياً يصل وزنه 700 إلى ألف كيلوغرام٬ وهو قادر على ضرب هدفه بدقة عالية.
• تبلغ سرعة صاروخ قدر نحو 9 ماخ٬ ويعمل بالوقود السائل في المرحلة الأولى، والوقود الصلب في المرحلة الثانية، وهو قادر على التخفي عن الرادارات ويمكن إطلاقه من منصات متحركة. 

3- صاروخ “عماد”

• هو صاروخ باليستي أرض-أرض، ويمكن التحكم فيه من لحظة إطلاقه حتى وصوله إلى الهدف، ويصل مداه 1700 كيلومتر، فيما تبلغ سرعته 11 ماخ، بدقة تصل إلى 10 أمتار. 
• كشف النقاب عن صاروخ عماد لأول مرة في أكتوبر/تشرين الأول 2015، وقد صمم وصنع جميع مراحله الخبراء الإيرانيون في مؤسسة الصناعات الدفاعية.
• يتميز الصاروخ بنظام توجيه يعمل على زيادة دقة الاستهداف بشكل كبير، مزود برأس حربية قابلة للانفصال وله القدرة على تغيير مساره في المرحلة الأخيرة من الطيران. ويمتلك الصاروخ “عماد” 4 شفرات تزيد من استقراره وتعطيه قدرة عالية على المناورة ومن ثم درجة أعلى من الدقة.
• صرحت مصادر في حزب الله أن صاروخ عماد الإيراني سُمي نسبة للقيادي السابق في الحزب عماد مغنية، الذي اغتالته إسرائيل في فبراير/شباط 2008 في سوريا.

4- صاروخ “خيبر شكن”

• “خيبر شكن” (كاسر خيبر) هو أحد صواريخ الجيل الثالث للحرس الثوري ويعمل بالوقود الصلب٬ وهو صاروخ باليستي يبلغ مداه 1450 كيلومتراً٬ ويمتلك طولاً 5.10 أمتار وقطر 800 ملم ووزن 4500 كيلوغرام. 
• يحمل صاروخ “خيبر شكن” رأساً حربياً بوزن 500 كيلوغرام، فضلاً عن أن سرعته تصل إلى أكثر من 5 آلاف كيلومتر في الساعة٬ وهو الأسرع بين أقرانه من صواريخ الجيل الثالث الإيرانية. وأنتجت صناعات الجوفضاء للحرس الثوري الإيراني هذا الصاروخ، وأزاحت الستار عنه في 11 فبراير/شباط 2022.

5- صاروخ “الحاج قاسم”

• نقلت وكالة “فارس” عن مصدر مطلع أن من ضمن الصواريخ المستخدمة في سلسلة الهجمات الأخيرة على تل أبيب، كان صاروخ “الحاج قاسم” (نسبة إلى قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني) شديد الانفجار.
• صاروخ “الحاج قاسم” هو صاروخ باليستي تكتيكي موجه يعمل بالوقود الصلب٬ ويبلغ مداه 1400 كيلومتر. يبلغ وزنه 7 أطنان، وله القدرة على حمل 500 كيلوغرام من المتفجرات، ويمكنه التحرك بسرعة 12 ماخ ويضرب الهدف بسرعة 6 ماخ. 
• يبلغ طول جسم هذا الصاروخ 11 متراً، ويتراوح قطر جسمه بين 85 إلى 95 سم. ويتكون الصاروخ من 8 كتل، وتقول طهران إن دقة هذا الصاروخ أقل من 10 أمتار.