
عربي
أقرّ نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، اليوم الأربعاء، بأن الدفعة القوية التي شكلتها قمة الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والأميركي دونالد ترامب، في قاعدة أنكوريج في ولاية ألاسكا الأميركية في منتصف أغسطس/آب الماضي، تم استنفاد مفعولها بدرجة كبيرة. وبينما أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أن على أوروبا أن تعزز دفاعاتها لردع "الحرب الهجينة" التي تشنّها روسيا عليها، بعد سلسلة توغلات جوية وهجمات إلكترونية وأضرار لحقت بكابلات تحت البحر، اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا بالسعي إلى زعزعة استقرار أوروبا من خلال استخدام الطائرات المسيرة.
وقال ريابكوف في كلمة ألقاها أمام مجلس الدوما (النواب) الروسي: "للأسف، نضطر إلى الإقرار بأن الدفعة القوية التي شكلها لقاء أنكوريج بهدف التوصل إلى اتفاقات، تم استنفادها بدرجة كبيرة نتيجة لجهود الخصوم وأنصار الحرب حتى آخر أوكراني". وأضاف أن "هذه نتيجة للعمل الهدام الذي يقوم به بالدرجة الأولى الأوروبيون، ونؤكد ذلك بشكل صريح ومباشر".
في سياق آخر، نفى ريابكوف أن تكون روسيا قد تلقت رداً رسمياً من الولايات المتحدة على مبادرة بوتين بشأن الالتزام بالقيود العددية على الأسلحة النابعة من معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية (ستارت-3) لمدة عام آخر بعد انتهاء سريان مفعولها في فبراير/شباط المقبل، مؤكداً في الوقت نفسه أنه لا يجري الحديث عن تمديد المعاهدة.
وتابع قائلاً: "أشدد على أن الحديث لا يجري عن مقترح لتمديد المعاهدة، وإنما عن الالتزام بالقيود العددية المركزية المنصوص عليها في المعاهدة لمدة عام بعد انتهاء سريان مفعولها بشكل رسمي، شريطة ألا تتخذ الولايات المتحدة خلال ذلك العام إجراءات من شأنها المساس بالتكافؤ والتوازن القائمين".
وكان بوتين قد حذر خلال اجتماع عقده مع مجلس الأمن الروسي في 22 سبتمبر/أيلول الماضي، من أن انتهاء سريان مفعول معاهدة ستارت-3 في 5 فبراير 2026، سيعني اختفاء لآخر اتفاقية في مجال القيود المباشرة على الأسلحة النووية والصاروخية، مؤكداً استعداد روسيا للالتزام بالقيود العددية على الأسلحة النابعة من المعاهدة، لمدة عام آخر بعد انتهائها. وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أعرب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، هو الآخر عن قناعته بأن تحقيق مبادرة بوتين المتعلقة بالالتزام بالقيود العددية على الأسلحة الاستراتيجية بموجب معاهدة ستارت-3 سيتيح تجنب سباق التسلح.
في غضون ذلك، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أن على أوروبا أن تعزز دفاعاتها لردع "الحرب الهجينة" التي تشنّها روسيا عليها. وقالت دير لاين في خطاب أمام البرلمان الأوروبي عن الهجمات الروسية "هذه الحوادث محسوبة لتبقى ملفوفة بغموض يسمح بإنكارها. إنها ليست مضايقات عشوائية، بل حملة متماسكة ومتصاعدة". وأضافت أن "حادثين قد يقعان بالصدفة، لكن وقوع ثلاثة، خمسة، عشرة حوادث بالصدفة.. هذه حملة متعمدة وموجهة ضد أوروبا، ويجب على أوروبا الرد عليها".
وشهدت كل من بولندا وإستونيا ورومانيا توغلات جوية روسية بينما رُصدت مسيّرات مجهولة في كل من الدنمارك وألمانيا وبلجيكا. وسبق أن زادت البلدان الأوروبية إنفاقها الدفاعي إلى مستويات غير مسبوقة منذ انتهاء الحرب الباردة في مواجهة الحرب الروسية على أوكرانيا والشكوك حيال الدعم الأميركي في عهد دونالد ترامب.
ويسعى الاتحاد الأوروبي حاليا لوضع خطط لمشاريع مشتركة يمكن للتكتل المكوّن من 27 دولة إقامتها وتشمل "جداراً" من الدفاعات المضادة للمسيّرات.
وقالت فون دير لاين "علينا ألّا نكتفي بردود الفعل، بل يجب أن نقوم بالردع. لأننا إذا ترددنا في التحرّك، فإن نطاق المنطقة الرمادية سيتّسع".
وأضافت أن "المهمة التي تأسس عليها الاتحاد الأوروبي تتمثّل بالمحافظة على السلام ويعني ذلك اليوم امتلاك القدرة على ردع العدوان والاستفزازات".
وسيسعى قادة الاتحاد الأوروبي إلى الاتفاق أثناء قمة مقررة في بروكسل في وقت لاحق هذا الشهر على "خريطة طريق" تهدف لتحضير التكتل لمواجهة تهديدات من روسيا في السنوات المقبلة. وشددت فون دير لاين على أن التعامل مع "حرب روسيا الهجينة" يتطلب "عقلية جديدة تماما منا جميعا". وأضافت أن "الخيار أمامنا بسيط للغاية. بإمكاننا إما أن نبتعد ونتابع التهديدات الروسية وهي تتصاعد أو أن نواجهها بالوحدة والردع والتصميم".
زيلينسكي يتهم روسيا باستخدام المسيرات لزعزعة استقرار أوروبا
وفي سياق متناغم مع تصريحات دير لاين، اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا بالسعي إلى زعزعة استقرار أوروبا من خلال استخدام الطائرات المسيرة في أعمال تخريب وإرباك.
وقال زيلينسكي في كلمته المصورة مساء الثلاثاء إن موسكو تستخدم ما يعرف بـ "أسطول الظل" ليس فقط لتمويل الحرب عبر نقل النفط بواسطة الناقلات، بل أيضا "لأعمال تخريب ومحاولات متعددة لزعزعة الاستقرار في القارة الأوروبية".
وأضاف أن "عمليات الإطلاق الأخيرة للطائرات المسيرة من ناقلات النفط تمثل أحد هذه الأمثلة"، مشيرا إلى معلومات استخباراتية حصلت عليها الأجهزة الأوكرانية.
ومضى قائلاً: "نشارك المعلومات التي لدينا مع شركائنا، ومن الضروري أن يتخذوا خطوات ملموسة ردا على تصرفات روسيا"، مضيفا أن هناك مزيدا من الاجتماعات والمفاوضات المقررة، بعضها علني والآخر سري، من دون أن يقدّم تفاصيل إضافية.
وشدد على أنه "يجب أن يدرك الروس أن أيا من أعمالهم التخريبية، كل ما يفعلونه من أفعال دنيئة، لن يمر من دون رد من العالم".
ميدانياً، قال حاكم منطقة بيلجورود الروسية اليوم الأربعاء إن ثلاثة أشخاص قتلوا وأصيب شخص واحد في قصف أوكراني للمنطقة.

أخبار ذات صلة.

إيطاليا تخفّض عمليات ترحيل مهاجري تونس
العربي الجديد
منذ 22 دقيقة