
عربي
يُحرم طلاب الثانوية العامة في قطاع غزة للعام الثالث على التوالي من حقهم في تقديم اختبارات "التوجيهي" داخل قاعات المدارس بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي، والذي طاول البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المؤسسات التعليمية وشبكات الكهرباء والاتصالات.
واضطرت الحرب وزارة التربية والتعليم إلى اعتماد آلية التقديم الإلكتروني للاختبارات، باعتبار ذلك خياراً اضطرارياً يضمن استمرار العملية التعليمية في حدود الممكن، لكن هذا الحل المؤقت يواجه تحديات جسيمة، أبرزها انقطاع الكهرباء وضعف أو انعدام خدمات الإنترنت، ما أدى إلى تدهور جودة البيئة الامتحانية، وفقدان مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب.
في كثير من مناطق غزة تتعرض خدمة الإنترنت للتشويش، أو لانقطاعات متكررة نتيجة تضرر محطات البث أو ضعف الصيانة، ليجد الطلاب أنفسهم منشغلين بمحاولات يائسة لتأمين اتصال مستقر بالإنترنت، أو البحث عن مكان تتوفر فيه الكهرباء.
ولا تستطيع غالبية الأسر تأمين أجهزة ذكية لأبنائها، ولا يملك الجميع اشتراك إنترنت خاصاً، والبعض يعتمد على باقات هاتفية ضعيفة، والبعض الآخر يتنقل بين منازل الأقارب أو مراكز الإيواء التي تفتقر بدورها إلى البنية المناسبة للتقديم الإلكتروني، ليتحول تقديم الامتحانات من حق إلى معركة يومية في مواجهة الظروف القاهرة.
يقول الطالب النازح من حي الشجاعية إلى مدينة دير البلح محمد صبيح (17 سنة)، إنه يمر بتجربة صعبة مع تقديم الاختبارات إلكترونياً بعد الدراسة المنفصلة عن التعليم الوجاهي من جراء تدمير الاحتلال للمدارس أو تحولها إلى مراكز نزوح، ويوضح لـ"العربي الجديد" قائلاً: "كل امتحان هو معركة، وأحياناً ينقطع الإنترنت فجأة، والوقت المحدد يجعلني في حالة متواصلة من القلق والتوتر، والتفكير في بقاء الإنترنت أكثر من التفكير في الإجابات، الأمر الذي يؤثر على قدرتي على التركيز".
ويبين صبيح أن "تقديم الامتحانات يأتي في ظل واقع صعب تعيشه الأسر الفلسطينية، بما فيها الطلاب، خاصة مع تكرار النزوح، والحرمان من كل مقومات الحياة ومن الحقوق الأساسية وفي مقدمتها التعليم. نخوض العديد من الحروب اليومية المرهقة".
تبين طالبة الثانوية العامة سجى خضير، من حي النصر في وسط مدينة غزة، أن انقطاع الإنترنت وضعفه يصيبها بحالة من التشتت وغياب التركيز خلال تقديم الإجابات، إذ ينصب تركيزها على جودة الإنترنت أكثر من الإجابة، ما يؤثر على الاختبارات، وتقول لـ"العربي الجديد": "أحياناً أبكي وأنا أمسك بالجهاز اللوحي غير قادرة على إكمال الامتحان بسبب الانقطاع المتواصل في الإنترنت وشعوري بأنني سوف أخسر تعب العام كله".
وتتابع: "التوتر والخوف من انقطاع الإنترنت يجعلني أجيب بسرعة ومن غير تركيز، فيما يتواصل القصف من حولي، ما يخلق حالة رعب خلال تقديم الامتحان. أنا طالبة علمي، وحلمي أن أدرس الصيدلة، لكنني لا أعرف إذا كانت ستسمح لي الظروف بتحقيق هذا الحلم".
ويُضاف إلى التحديات التقنية ضغط نفسي هائل يعيشه الطلبة نتيجة أصوات الطائرات الحربية والقصف المتواصل، ومخاوف فقدان أحد أفراد العائلة، والقلق المستمر من فشل تقني يؤدي إلى إلغاء أو إعادة الاختبار، وكلها عوامل تخلق بيئة غير ملائمة لأي عملية تقييم عادلة.
يواجه الطالب يزن عليوة الواقع ذاته، إذ نزح من مدينة غزة إلى مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة، حيث تنعدم مختلف الخدمات الأساسية، ما يضطره إلى الاستعانة بنقاط الإنترنت وشحن الهواتف، رغم الضجة الموجودة فيها، والتي لا تساعده على تقديم الامتحان كما يجب، ويقول لـ"العربي الجديد": "أواجه تحديات كثيرة أثناء تقديم الامتحان إلكترونياً، أهمها اللحظة التي يفصل فيها الإنترنت خلال الفترة المخصصة للاختبار، وكذلك عدم الثقة بوصول الإجابات من جراء ضعفه الشديد. هاجسي الدائم أن الإنترنت سيفصل قبل إرسال الإجابات، ما يتسبب في خسارتي للامتحان بعد فترة عصيبة من الدراسة داخل الخيمة، ووسط ظروف غير آدمية. لا يمكنني تخيل أن أخسر كل ذلك بسبب مشكلة فنية ليست بيدي".

أخبار ذات صلة.

أزمة متصاعدة بين الفاتيكان وإسرائيل
الشرق الأوسط
منذ 14 دقيقة