الحرب والمانغروف
عربي
منذ يوم
مشاركة

عندما يُضاف اسم إلى آخر، فذلك يعني أن المضاف إليه هو الأصل. وبذلك عندما نقول "مكان الأشجار" بإضافة المكان إلى الأشجار، فذلك يشير إلى الأهمية، فالأيكة، أو القرم، أو المانغروف، تتخذ بذلك مكانة أرفع بين الأشجار، فالاسم يتكون من كلمتين "مانغو" وتعني في البرتغالية شجرةً، و"غروف" الإنكليزية وتعني مكاناً.
تمثل غابات المانغروف التي تحتوي على 450 نوعاً من النباتات والشجيرات التي تنمو في المياه الضحلة على سواحل البحار والمحيطات، نظاماً بيئياً فريداً يختلف عن بقية النظم الإيكولوجية للغابات. ونعرف منها أنواعاً عدة في الوطن العربي، أشهرها القرم، والشورى، على سواحل البحر الأحمر الشرقية والغربية، إضافة إلى مناطق أخرى في الخليج العربي، وخليج العقبة. وتضم الإمارات أحد الأنواع النادرة، ويطلق عليه القرم الرمادي أو أفيسينيا مارينا.
وتستمد أهميتها البيئية من امتصاص الكربون من الجو وتخزينه في أعماق تربتها لعشرات السنين، وبإمكانها تخزين عشرة أضعاف كمية الكربون مقارنة بالغابات الأخرى، وتعتبر مناطق حضانة للأسماك والقشريات والرخويات، كما تعزز الثروة السمكية. كما أنها تسهم في حماية الشواطئ من التآكل، ومن الأعاصير، وتحافظ على جودة المياه، وتعزيز التنوع الأحيائي والتوازن البيئي، وتعتبر ملاذاً ومأوى للعديد من الطيور المهاجرة، إلى جانب إنتاجها نوعاً من العسل ذي قيمة غذائية عالية، وهي تدخل في صناعة الصبغات والمستحضرات، وأيضاً تعتبر مناطق جذب بيئي وسياحي وعلمي.
وفي عام 2008، أدرجت الهيئة العالمية التي تعنى بحماية البيئة أشجار المانغروف في قائمتها الحمراء للأنواع الحيّة المهددة بالخطر، وتحدّد 26 يوليو/ تموز من كل عام يوماً عالمياً للتذكير بأهمية المانغروف.

نعترف بأن الحرب قد منحتنا فرصة التفكير في ما يحدث حولنا، ففي ظل هذه الفوضى العارمة تزداد فرص التعدي على أشجار المانغروف المهددة أصلاً بالانقراض، وحذرت دراسة علمية أجراها فريق من الباحثين الفرنسيين في المركز الفرنسي للأبحاث العلمية، من أن أشجار المانغروف الساحلية النادرة، المنتشرة عبر 123 منطقة، مهددة بالانقراض بمعدل يراوح ما بين ثلاث إلى خمس مرات أسرع من الغابات الأخرى بسبب تغير المناخ، وارتفاع درجات حرارة الأرض، وارتفاع منسوب مستوى سطح البحر بفعل ذوبان الجليد بمعدلات متسارعة، إضافة إلى الأنشطة البشرية.
نشير إلى ضعف الحماية لدينا وانعدامها أمام هجوم أصحاب الإبل الذين يرون فيها غذاءً متوافراً، وما قد يتسبب فيه من تدهور مريع لهذا المورد. ومن ذلك غابات المانغروف التي كانت تغطي مساحة 1200 فدان (308 هكتارات) في ولاية البحر الأحمر شرقي السودان، فهل ما زال الأمر على ما هو عليه بعد الحرب المتواصلة؟

(متخصص في شؤون البيئة)

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية