الأمم المتحدة: وقف النار يصمد بالسويداء لكن الأزمة الإنسانية تتفاقم
عربي
منذ 5 أيام
مشاركة

قالت الأمم المتحدة، اليوم الخميس، إنه رغم الهدوء النسبي في القتال بمحافظة السويداء جنوبي سورية، فإن الوضع الإنساني تفاقم بشكل كبير. وبحسب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لا تزال الاشتباكات المتفرقة تُسجَّل في المناطق الريفية، في أعقاب العنف الطائفي الذي اندلع مؤخراً بين جماعات مسلحة من الطائفة الدرزية والعشائر العربية. وأشارت الأمم المتحدة إلى أنه رغم انخفاض وتيرة العنف، فإن البنية التحتية قد انهارت، وتواجه المستشفيات نقصاً حاداً في الطواقم الطبية والكهرباء والمياه والإمدادات الضرورية. كما توقفت الخدمات العامة بشكل كامل في العديد من البلدات.

في السياق ذاته، قال وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى، الخميس، إن إسرائيل لا ترغب بوجود سورية موحدة ومستقرة، واتهم أطرافًا في الداخل بـ"خدمة السياسات الإسرائيلية من أجل حسابات سياسية ضيقة". جاء ذلك في مقابلة خاصة مع وكالة "الأناضول"، تطرّق خلالها مصطفى إلى وقف إطلاق النار في محافظة السويداء جنوبي سورية، والاعتداءات الإسرائيلية، إضافة إلى المحادثات المتعلقة بالاتفاق بين الحكومة وقوات "قسد".

وفي ما يتعلق بأحداث السويداء في يوليو/ تموز الجاري، أكد المصطفى أن وقف إطلاق النار الذي تحقق جاء نتيجة وساطات عدة دول، بينها الولايات المتحدة الأميركية. وقال: "بعد العدوان الإسرائيلي على دمشق، أتيحت مساحة للتحرك نحو الحلول السياسية في السويداء، والتي شكلت الخيارات المطروحة من قبل الدولة، التي لم تقم بأي عملية عسكرية، ولم تكن لديها نية لذلك". وأضاف أن الدولة، وعلى مدار الأشهر الستة الماضية، حاولت تفعيل هذه الحلول، وتوصلت إلى مجموعة من التفاهمات مع مختلف الفصائل السياسية والعسكرية في السويداء، بما في ذلك الشيخ حكمت الهجري.

وتابع: "الدولة قدمت تنازلات كثيرة، بما فيها الضابطة العدلية التي أصرّت بعض فصائل السويداء على أن تكون ضمن المدينة، لذلك، المقاربات والحلول السياسية واضحة، وهذا أقصى ما يمكن الوصول إليه، وأقصى مطالب قدمتها الفصائل داخل السويداء". وأشار إلى أن التوترات القديمة بين الدروز والبدو، التي تعود إلى عقود، تفجّرت ووضعت الدولة أمام خيارين: إما الاستجابة لها وتشكيل قوات فصل، أو البقاء على الحياد، بما يحمّلها المسؤولية، مؤكداً أن التدخل العسكري الذي جرى لم يكن مخططًا له مسبقاً.

ولفت إلى أن وقف إطلاق النار هو "نوع من أنواع التفاهمات" أكثر من كونه اتفاقًا مكتوبًا، ويتكوّن من ثلاث مراحل. وبحسب المصطفى، تتمثل المرحلة الأولى في فض الاشتباكات، وسحب القوات الحكومية من مدينة السويداء، وإخراج المجموعات القتالية التابعة للعشائر التي دخلت المدينة، على أن تعيد الدولة انتشارها في الريف لضمان عدم تجدد الاشتباكات. وأضاف: "حصل هذا خلال ثلاثة أيام تقريبًا، رغم وجود بعض المجموعات الخارجة عن القانون التابعة للهجري، التي حاولت في مرات عديدة خرق اتفاق وقف إطلاق النار أو القيام بإجراءات استفزازية".

وأوضح أن وقف إطلاق النار كان هشًّا في بدايته، لكنه تعزّز في اليوم الثاني، وتحسّنت نتائجه في اليوم الثالث، ما أدى إلى الوصول إلى حالة مقبولة تتيح الانتقال إلى المرحلة الثانية. وأشار إلى أن الاشتباكات تسببت في نقص حاد في الاحتياجات الأساسية كالوقود والخبز، وأثرت على قطاعات حيوية مثل الاتصالات والإنترنت، إضافة إلى انقطاع التبادل التجاري، ما فاقم معاناة السكان. وشدد على أن "الدولة تقارب مواطنيها بسواسية، ومسؤوليتها تشمل جميع السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم".

وأكد أن الدولة تتحمل مسؤولية إيصال المساعدات الإنسانية، وهو ما قامت به، مضيفًا: "عقلية الدولة تختلف عن عقلية الجماعة أو الفئة. فجماعة الهجري، وغيرها من الجماعات المشابهة، تفكر تفكيرًا انعزاليًا وفئويًا، وتسعى إلى فرض روايتها الخاصة". ورأى المصطفى أن الهجري "قامر بمستقبل السويداء"، مشددًا على أنه "لا ينبغي طرح فكرة الحصار مطلقًا، فهي غير واقعية لأي سوري وطني".

وأضاف أن الهجري استأثر بالمساعدات التي أدخلتها الدولة، ويحاول أحيانًا استخدامها لـ"شراء الولاءات ومعاقبة الخصوم داخل السويداء". وأكد الوزير السوري رفض "أي دعوات سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر خطاب طائفي كانتوني صادر عن جماعات خارجة عن القانون السوري". وشدد على أن "خطاب الدولة واضح: حياة المدنيين يجب أن تبقى خارج أي توظيف سياسي، وأن الخصومة السياسية تتطلب تحييدهم"، مؤكدًا أن حماية المدنيين وتأمين احتياجاتهم من مسؤولية الدولة.

وتطرق المصطفى إلى الموقف الإسرائيلي، معتبرًا أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "يخاطر بالمنطقة خدمةً لمستقبله السياسي". وأشار إلى أن الموقف في غزة وصل إلى حد افتراق بين إسرائيل وحلفائها الغربيين على الأقل بشأن الأزمة الإنسانية. وأضاف: "إسرائيل لا تنظر بإيجابية إلى وجود سورية جديدة وموحدة، وتسعى إلى زعزعة استقرارها. وللأسف، هناك جهات داخلية تعمل وفق الحسابات الإسرائيلية الضيقة، وهو ما شهدناه في السويداء".

وأكد أن "إسرائيل لم تتدخل يومًا لحماية الدروز"، لافتًا إلى أوضاعهم داخل الخط الأخضر، حيث "تضطهدهم إسرائيل بدلًا من دعمهم". وبيّن أن إسرائيل تحاول نقل تجربتها مع الدروز داخل الخط الأخضر إلى الواقع السوري، لكنها تعلم أن الغالبية العظمى من دروز سورية تنظر إلى دمشق، ولم ترَ في إسرائيل إلا كيانًا احتلاليًا.

وتحدث المصطفى عن الانتهاكات التي وقعت خلال الاشتباكات بين عشائر البدو وجماعات درزية، قائلاً: "هناك مقاطع مصورة توثق انتهاكات لم ترتكبها القوات الحكومية، لكن بعضها ارتكبته فعلاً، والحكومة معنية بإجلاء الحقيقة، لأن كل مواطن سوري يهم الدولة السورية الجديدة". وأضاف: "الحكومة تمتلك الشجاعة للاعتراف بأخطائها، وتدرك أن تحييد الإعلام أو الانتقائية قد تفيد بعض الجماعات مؤقتًا، لكنها لن تنجح على المدى الطويل"، مؤكدًا إيمان الحكومة بحرية الإعلام والصحافة.

وأشار إلى أن سورية تمرّ بمرحلة انتقالية صعبة، تترافق مع تحولات في بناء الدولة والجيش، موضحًا أن الانقسامات الاجتماعية أفرزت الكثير من الضغائن، وسورية اليوم في بدايات تشكيل جيش محترف. وتطرّق إلى محاولات جماعات غير قانونية (لم يسمها) لإقامة كيان طائفي كانتوني، مؤكدًا أن "الحلول التقسيمية والكانتونية فشلت تاريخيًا، ولن تنجح في سورية، وعزل السويداء عن محيطها الوطني يتنافى مع إرادة سكانها، ناهيك عن صعوبة تطبيق ذلك على الأرض".

(أسوشييتد برس، الأناضول)

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية