سورية: رفع الحجز عن ممتلكات 58 ألف مواطن بينهم وزراء حاليون
عربي
منذ 7 ساعات
مشاركة

أعلن وزير المالية في الحكومة السورية محمد يسر برنية عن استكمال إجراءات رفع الحجز الاحتياطي عن أصول أكثر من 58 ألف مواطن سوري، كانوا مشمولين بقرارات صادرة بتوجيه من الأجهزة الأمنية خلال السنوات الماضية، من دون صدور أحكام قضائية. وفي منشور عبر حسابه الرسمي على منصة "لينكدإن"، أوضح برنية أن هذا الإجراء يأتي استناداً إلى المرسوم رقم 16 لعام 2025، الصادر عن رئيس الجمهورية، في إطار ما وصفه بـ"مساعي الدولة السورية الجديدة لرفع الظلم وإعادة الحقوق إلى أصحابها". وأضاف أن "الوزراء والمسؤولين في الحكومة الجديدة الذين شملهم الحجز في فترات سابقة، طلبوا تأجيل رفع الحجز عنهم إلى ما بعد الانتهاء من استكمال رفعه عن عموم المواطنين"، في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة لإبراز انحياز رمزي لـ"أولوية المواطن".

عقود من الحجز خارج القضاء

منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، أصدرت حكومة النظام السابق آلاف قرارات الحجز الاحتياطي بحق معارضين سياسيين واقتصاديين، بتوجيهات مباشرة من الأجهزة الأمنية، من دون المرور عبر أي مسارات قضائية واضحة أو شفافة. وقد شكّل المرسوم التشريعي رقم 63 لعام 2012 الغطاء القانوني لتلك الممارسات، إذ أتاح لوزارة المالية فرض الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة لمن يُشتبه بارتكابهم "جرائم تمس أمن الدولة"، من دون إثبات قانوني أو محاكمة.

وطاولت هذه الإجراءات شريحة واسعة من السوريين، شملت مصادرة أملاك خاصة، وشركات، وعقارات، وأرصدة مصرفية. وغالباً ما استُخدمت كأداة للانتقام السياسي، أو لتصفية الحسابات داخل أجهزة الدولة، أو حتى للاستيلاء على ممتلكات رجال أعمال ضمن منظومة من الفساد المؤسسي.

وأكد مصدر مسؤول في وزارة المالية لـ"العربي الجديد" أن عملية رفع الحجوزات تمت وفق "دراسة قانونية وفنية شاملة"، وأنها لم تقتصر على الحالات الفردية، بل شملت "كل من لم يثبت عليه أي مخالفة قانونية أو جنائية موثقة". وأشار المصدر إلى أن هذه الخطوة "تمثل جزءاً من توجه سياسي أوسع لإغلاق ملفات الماضي التي شكّلت عبئاً على الدولة والمجتمع والاقتصاد"، خاصة في ظل سعي الحكومة الجديدة لتقديم صورة مغايرة عن النظام السابق، وخلق مناخ قانوني ملائم لجذب الاستثمارات.

في هذا السياق، يؤكد المحامي السوري سليمان الحسين، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الحجز الاحتياطي كان خلال سنوات الحرب "واحدة من أكثر أدوات الابتزاز الاقتصادي استخداماً من قبل النظام المخلوع"، مشيراً إلى أن "غالبية القرارات كانت تستند إلى تقارير أمنية غير موثقة، وغالباً بلا تهم فعلية أو ملفات قضائية حقيقية". ويضيف: "حتى مع رفع الحجز، تبقى الخسائر غير قابلة للتعويض، إذ فقد كثيرون ممتلكاتهم فعلياً، أو تعرّضوا لإفلاس، أو لحصار مالي استمر لسنوات، دون محاكمات أو أي فرصة للرد أو الطعن".

خطوة رمزية

اللافت في إعلان وزير المالية أن عدداً من الوزراء والمسؤولين الحاليين الذين شملهم الحجز سابقاً "طلبوا تأجيل رفع الحجز عنهم حتى الانتهاء من رفعه عن المواطنين"، وهو تصريح اعتُبر محاولة لتأكيد مبدأ "العدالة أولاً"، في مشهد يبدو أنه يهدف إلى معاكس سلوك النظام السابق الذي كان يمنح امتيازات استثنائية لكبار المسؤولين. إلا أن منتقدين اعتبروا هذا الإعلان مجرد خطوة رمزية، في ظل غياب آليات واضحة للمحاسبة أو التعويض، وعدم إعلان القوائم السابقة، أو حتى الأسماء التي شملها الرفع فعلياً.

أرفقت وزارة المالية في تعميمها الرسمي عنوان بريد إلكتروني مخصص لتلقي استفسارات المواطنين بشأن ملفات الحجز، في محاولة لتعزيز الشفافية. غير أن كثيرين يرون أن غياب قاعدة بيانات منشورة، وعدم توفّر آلية تظلم مستقلة أو جهة رقابية قضائية، يجعل من الصعب التحقق من مدى العدالة والإنصاف في تطبيق المرسوم. وحتى الآن، لا توجد مؤشرات على تعويض المتضررين، أو محاسبة الجهات التي أصدرت تلك القرارات، أو على وجود ضمانات تمنع تكرارها في المستقبل، ما يجعل الخطوة، رغم أهميتها الرمزية، بعيدة عن كونها تسوية شاملة أو بداية إصلاح جذري.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية