جندي إسرائيلي: استخدمنا أولاداً دروعاً بشرية في غزة
عربي
منذ أسبوعين
مشاركة

تتواصل شهادات بعض الجنود الإسرائيليين حول حجم الإجرام في قطاع غزة، في إطار حرب الإبادة المستمرة منذ نحو عامين، بعضها حول استخدام أطفال دروعاً بشرية. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، اليوم الأربعاء، شهادة جندي في جيش الاحتلال، رمزت إليه بالحرف (ن)، كان قائداً لجنود في غزة في بداية الحرب، وتلقّى أخيراً امر استدعاء جديد في إطار خدمة الاحتياط.

وقال الجندي في حديثه: "تمركزنا أمام مستشفى في غزة، واستغرق الأمر عدة أيام حتى أمر قائد السرية بعدم إطلاق النار على الشيوخ والأطفال. طوال هذه الأيام، هذا ما كان يحدث". وحاول تفسير قتل الجنود للمدنيين والأبرياء بالقول: "كان واضحاً أنه أمر سيئ. لكنك تكون تحت تأثير ما، بعضهم تصرّف بدافع الانتقام، والبعض كان خائفاً جداً، والبعض ببساطة كان مرهقاً، وعندما تكون مرهقاً لا تفكّر".

وتابع في شهادته: "هناك حادثة حُفرت في ذاكرتي. أخذنا مراهقين (أولاد) واستخدمناهم دروعاً بشرية. كانوا يسيرون أمام القوة، ويفتحون أبواباً تحسباً لوجود عبوات ناسفة أو مسلّحين. أخذنا أشخاصاً عشوائيين من المحور الإنساني. طوال الوقت الذي كانوا فيه معنا، كانوا معصوبي الأعين ومقيّدي الأيدي. كان علينا أن نصحبهم إلى الحمام، وأن نفتح لهم سحّاب البنطال ونرى أنهم يرتجفون".

وأردف الجندي: "ما يحدث فعلياً هو أننا نؤذي عشرات الآلاف من المدنيين، وكذلك المخطوفين (المحتجزين الإسرائيليين في غزة). يضعونك (أي المسؤولين) في خطر (أي على الجنود)، أصدقاؤك يُقتلون، وأنت تفعل شراً أكثر من الخير. هذا شعور بأنك تتعرض للخيانة". وأضاف: "لديّ جنود انحرفت حياتهم تماماً. هذا الأمر يلازمني طوال الوقت، وينهكني".

الجندي في شهادته: كان علينا أن نصحبهم إلى الحمام، وأن نفتح لهم سحّاب البنطال ونرى أنهم يرتجفون

الصحافية روتم أيزيك، التي أوردت الشهادة في مقال، كتبت أنه "عندما لا يكون هناك ما يكفي من الجنود (في إشارة إلى أزمة التجنيد واستنزاف الجنود وإرهاقهم)، لا يهم من يحمل غزة في قلبه. المهم أن يحضر. أن ينفذ الأوامر. ألا يطرح أسئلة، وألا يُظهر مشاعر. ألا يُفعّل عضلة النقد. ألا يتساءل بصوت عالٍ عن أهداف هذه الحرب التي لا تنتهي، والتي بسببها ينام بحذائه بين الكمائن. والتي كتب من أجلها وصية على هاتفه واحتفظ بها في الملاحظات. وكان يُحدّثها في كل مرة يدفن فيها أصدقاء. كل هذا لم يمنحه الحق في التشكيك بما يجري في القطاع".

وترى الكاتبة أن "الحكومة الإسرائيلية تفضّل أن لا يسمع الجمهور، أن لا يعلم، أن يستمر في الاعتقاد بأن الحرب والجيش والأخلاق هي أمور تسير معاً. وتستمر في إسكات كل من يجرؤ على التشكيك في الرواية الرسمية، في الانتصار المطلق، وصفر أخطاء، وأخيار مطلقون وأشرار خالصون. ومقولة لا أبرياء في غزة، وأنه لا وجود لأوامر غير قانونية واضحة. الرحمة ضعف، والنقد عار ... لكن هناك أمراً غريباً بخصوص الواقع، فهو ببساطة موجود. وعندما يكون سيئاً، فإنه يسمّم الهواء والأرض للجميع..".

وأوضحت أن (ن) له اسم، "لكنه غير مذكور هنا لأن الواقع الإسرائيلي مشوّه. لأن شباناً رأوا مشاهد تحرق الروح، ولم يستطيعوا الانضمام إلى الكتيبة بأغاني الحماسة، ويشعرون بالخجل. لأن هناك جنوداً ... يريدون فقط التوقّف عن الشعور بأن الخير والشر قد امتزجا لدرجة أن كل شيء أصبح يشبه خليطاً كثيفاً من العدم".

وتعتقد الكاتبة أن "الحرب تخلق يومياً المزيد من هؤلاء الجنود... بعضهم سيتحدّث عنها، وبعضهم سيفضّل الصمت. بعضهم سيجد طريقه للاستمرار، وبعضهم سيستسلم. المزيد والمزيد من الأخبار تُنشر عن رجال شباب لم يستطيعوا الاستمرار"، ربما في إشارة من الكاتبة إلى ازدياد حالات الانتحار في صفوف جنود الاحتلال.

وخلصت إلى أنه "يجب إنهاء هذه الحرب. من أجل إخوتنا وأخواتنا الذين ما زالوا في الأسر (أي المحتجزين الإسرائيليين في غزة)، ومن أجل الجنود في الخدمة النظامية والاحتياطية وعائلاتهم، ومن أجل سكان غزة، الأطفال والكبار. ومن أجل ذلك الشاب المتألم من الداخل، البالغ من العمر 22 عاماً (تقصد الجندي ن) والذي يغمض عينيه في الليل ويرى الحقيقة".

وتتطابق قضية استخدام الأطفال دروعاً بشرية مع ما أوردته وكالة أسوشييتد برس في مايو/أيار من شهادات صادمة عن استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي فلسطينيين دروعاً بشرية خلال الحرب المستمرة على غزة. وتحدثت الوكالة مع سبعة فلسطينيين وصفوا استخدامهم دروعاً بشرية في غزة والضفة الغربية المحتلة، ومع عنصرين من الجيش الإسرائيلي قالا إنهما شاركا في هذه الممارسة المحظورة بموجب القانون الدولي. وتدقّ جماعات حقوق الإنسان ناقوس الخطر، قائلةً إنّها أصبحت إجراءً روتينياً يُستخدم على نحوٍ متزايد في الحرب. وتقول منظمات حقوقية إنّ إسرائيل استخدمت الفلسطينيين دروعاً بشرية في غزة والضفة الغربية لعقود. وقد حظرت المحكمة العليا هذه الممارسة عام 2005، لكن المنظمات الحقوقية استمرت في توثيق انتهاكات كهذه.

وقبل ذلك، كشف تحقيق نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية، في أغسطس/آب من العام الماضي، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم بشكل ممنهج مدنيين فلسطينيين دروعا بشرية عند تمشيط الأنفاق والمباني بقطاع غزة. وأضافت الصحيفة أن استخدام المدنيين الفلسطينيين دروعاً بشرية بغزة يجري بمعرفة مكتب رئيس الأركان هرتسي هليفي وضباط كبار بالجيش الإسرائيلي. وعبر سلسلة شهادات من جنود وقادة بجيش الاحتلال الإسرائيلي، كشفت الصحيفة أن عناصره يقومون بنقل فلسطينيين من غزة غير مشتبه بكونهم "مسلحين" إلى وحدات مختلفة تابعة له، حيث يحتجزهم، ثم يرسلهم لمرافقة قواته عند تفتيش الأنفاق والمنازل بالقطاع.

وأضافت أن "هؤلاء الفلسطينيين عادة ما يكونون في العشرينيات من أعمارهم، وغالبا ما يرتدون زي الجيش الإسرائيلي، لكن بنظرة أكثر تركيزاً ستكتشف أنهم ينتعلون أحذية رياضية، وأيديهم مكبلة خلف ظهورهم، ووجوههم تظهر عليها علامات الخوف". وتابعت الصحيفة: "هؤلاء هم الفلسطينيون الذين تستخدمهم وحدات الجيش الإسرائيلي في غزة بهدف واحد: أن يكونوا دروعا بشرية للجنود في عملياتهم، حيث يمشطون الأنفاق والمباني قبل دخول القوات إليها".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية