خوان سينتيس.. جحا المصري وبدايات الكاريكاتير
عربي
منذ 4 ساعات
مشاركة

لم يحتمل الخديوي إسماعيل صدور مجلة أبو نضارة لصاحبها يعقوب صنوع سوى عام واحدٍ، ليغيّب الكاريكاتير عن الصحافة المصرية منذ إغلاقها سنة 1878، وحتى عام 1921 مع إنشاء مجلة الكشكول على يد سليمان فوزي. مع استثناء الأعداد المهربة إلى مصر من "أبو نضارة" التي واصل صنوع إصدارها في باريس حتى 1910.

عودة الكاريكاتير في بداية العشرينيات كانت مختلفة عن التجربة السابقة، إذ كانت رسومات الفنان الإسباني خوان سينتيس (1881 - 1945)، على صفحات الكشكول موجهة لعموم القرّاء سواء في تجسيد شخصيات عامة معروفة أو في كتابة تعبيرات بالدارجة المصرية في تلك الرسوم، اتسمت بالنقد والسخرية التي وصلت حدود التجريح أحياناً.

تلفت الباحثة سارة عواد في أطروحة الدكتوراه التي أعدتها بعنوان "الحياة الاجتماعية للصور الحضرية.. دراسة لفن الشارع الثوري في مصر" (جامعة آلبورغ الدنماركية، 2018)، إلى أن سينتيس الذي يستعيد معهد ثربانتس في القاهرة تجربته في معرض افتتح الأربعاء الماضي ويتواصل حتى نهاية الشهر المقبل، عبّر عن سياسة المجلة التي قدّر توزيعها بعشرة آلاف نسخة. وفعل الشيء نفسه عندما رسم الكاريكاتير لمجلة السياسة الأسبوع التي صدر عددها الأول عام 1926.

عمِل في مجلات عديدة، منها: الفكاهة وكل الدنيا وروز اليوسف

المناخات التي ظهرت فيها رسومات سينتيس شهدت صعود الهوية الوطنية المصرية التي تعكس نشوء دولة وطنية حديثة متحرّرة من ارتباطاتها بالدولة العثمانية، بحسب أطروحة عواد، التي تبيّن أن الفنان الإسباني ترك تأثيره الكبير على رسامي الكاريكاتير في مصر الذين بدأوا تجاربهم لاحقاً، مثل محمد عبد المنعم رضا وعبد السميع عبد الله وصلاح جاهين وجورج بهجوري وآخرين.

يضيء المعرض الاستعادي سيرة سينتيس الذي استدعاه الأمير يوسف كمال لتدريس مادة الحفر في مدرسة الفنون الجميلة التي تأسست في مايو/ أيار 1908، وهناك، التقى بالعديد من الفنانين المصريين الذين شكلوا النواة الأولى لحركة الفن التشكيلي في البلاد. لكن بيان المنظّمين يشير إلى أن أثر سينتيس لم يأتِ من قاعات الدرس بل من الصحافة، حيث عمل في مجلات عديدة، منها: الفكاهة، وكل الدنيا، وروز اليوسف، كما أصدر مجلة ساخرة خاصة به بعنوان جُحا، نُشرت باللغتين العربية والفرنسية. يميز المعرض تقديمه 500 عمل أصلي لكنه وقع في فخٍ تكرر في جميع المعارض التي أقيمت لسينتيس خلال العقد الأخير، حيث لم تُكتب سيرة موثقه له بالمصادر والمراجع تقدّم أكثر مما تتداوله الصحف المصرية عن الفنان الذي أقام في مصر إقامة متواصلة حتى رحيله عام 1945، وتضيف شيئاً لعمله أستاذاً في كلية الفنون، أو أعمال في الرسم والحفر مع الإشارة إلى أن المعرض ضمّ مجموعة من لوحاته التي تتضمن وجوهاً نسائية بملامح إسبانية، أو معلومات حول أيّ معارض شارك فيها وعلاقته مع مجايليه من الفنانين المصريين، وتلامذته من الأجيال اللاحقة.

المعرض الذي ينظّم بالتعاون مع متحف الكاريكاتير في مدينة الفيوم، يضمّ رسومات تنتقد فساد الحكومة باعتباره السبب الرئيس لمعاناة  المصريين، وتسخر من أداء الباشوات والمسؤولين المصريين السياسي وافتقارهم للأمانة والانضباط، وكذلك سياسات المسؤولين البريطانيين والأجانب الذين كان يتحكّمون بمفاصل القرار آنذاك ويتآمرون على الشعب المصري. إلى جانب رسومات تشيد بشجاعة السياسيين الذين يناهضون المستعمر البريطاني، وفق الأعمال المعروضة.

أصدر مجلة ساخرة بعنوان جُحا، نُشرت بالعربية والفرنسية

تُظهر الرسوم المعروضة تأثر سينتيس بالمدرسة الفرنسية في الكاريكاتير في ما يخصّ دقة التفاصيل أو في حس السخرية الذي يمتزج بالمشاعر الإنسانية. ومن جهة أخرى، رسّخ الفنان تقاليد الكاريكاتير المتعلقة بالثيمات أو الشكل الفني، حيث ترسّخ هذا الفن كأداة للنقد الاجتماعي والسياسي في التعامل مع الأحداث والأزمات ومنها انهيار أسعار القطن خلال الثلاثينيات.

عُرف سينتيس أيضاً برسم شخصيات ثقافية وفنية، تصميم الإعلانات ومنها حفل لكوكب الشرق أم كلثوم في حديقة الأزبكية عام 1937. كما كانت له محاولات متكررة في رسم شخصية جحا، التي أعاد تقديمها بطريقة مصرية الطابع، وبحسّ شعبي يجمع بين الطرافة والحكمة.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية