
Arab
تجري المملكة العربية السعودية محادثات لجمع ما يصل إلى 10 مليارات دولار في صفقة قرض نادرة، في خطوة جديدة ضمن جهود المملكة لتأمين التمويل لخطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد. وقالت مصادر مطلعة إن وزارة المالية السعودية تتواصل مع عدد من البنوك، بما في ذلك مصارف وول ستريت الكبرى، للحصول على القرض. طلبت المصادر عدم الكشف عن هويتها لكون المعلومات خاصة، وأضافت أن المملكة لم تتخذ قرارًا نهائيًّا بعد، وقد تختار في نهاية المطاف عدم المضي في الصفقة إذا لم تحصل على السعر المناسب أو إذا كانت ظروف السوق غير مواتية.
حتى الآن، ركزت السعودية بشكل أساسي على جمع الأموال من خلال إصدارات السندات، وأصبحت واحدة من أكثر الجهات السيادية نشاطاً في أسواق الدين الناشئة، حيث جمعت ما يقرب من 20 مليار دولار هذا العام، وهو رقم قريب من الرقم القياسي السنوي المسجل في عام 2017. وتُعد القروض السيادية السعودية نادرة نسبيًّا، إلا أن المملكة أبرمت منذ عام 2016 صفقتين كبيرتين على الأقل بقيمة 10 مليارات دولار أو أكثر، وفقًا لبيانات جمعتها "بلومبيرغ". ولم ترد وزارة المالية على طلب للتعليق، لكن مسؤولين سعوديين صرحوا سابقًا بأنهم يسعون إلى استكشاف خيارات تمويل بديلة في إطار خطط لتنويع مصادر تمويل المملكة.
وفي الأسبوع الماضي، توقعت السعودية أن يصل عجز موازنة عام 2025 إلى 65 مليار دولار، أي أكثر من ضعف التقدير السابق، نتيجة زيادة الإنفاق وتراجع الإيرادات. وقبل المراجعة الأخيرة، كانت الرياض تتوقع أن تقترض نحو 37 مليار دولار هذا العام، معظمها من خلال الأسواق المالية، وحوالي 30% عبر قنوات خاصة. ووفقًا لتقرير لوكالة "فيتش" صدر يوم الجمعة، من المرجح أن يأتي جزء أكبر من التمويل المستقبلي من مصادر غير سوقية، نظرًا إلى احتياجات المملكة الكبيرة للاقتراض والمخاطر المرتبطة بزيادة إصدار الديون التي قد تؤدي إلى ارتفاع التكاليف.
وعلى الرغم من الضغوط الناتجة عن ضعف أسعار النفط وارتفاع الإنفاق المحلي، واصلت الكيانات السعودية الكبرى تنفيذ صفقات ضخمة. فقد كان صندوق الاستثمارات العامة أكبر المساهمين في تمويل صفقة الاستحواذ العملاقة على شركة "إلكترونيك آرتس" الشهر الماضي، بقيمة 36 مليار دولار من الأسهم.
تأتي هذه الخطوة في إطار مساعي المملكة العربية السعودية لتحقيق أهداف رؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والرامية إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط مصدرًا رئيسيًّا للإيرادات. ومنذ تراجع أسعار النفط في السنوات الأخيرة، بدأت الرياض بتنفيذ سياسات مالية أكثر مرونة، تشمل الاقتراض الخارجي وإصدار السندات، لتأمين تمويل مشاريع البنية التحتية العملاقة والاستثمارات الاستراتيجية داخل المملكة وخارجها.
وأسهمت هذه السياسة في تعزيز مكانة السعودية بوصفها أحد أبرز اللاعبين في أسواق الدين العالمية، حيث استطاعت جذب اهتمام كبريات المؤسسات المالية الدولية بفضل الاستقرار المالي النسبي والاحتياطيات النقدية القوية. ورغم ذلك، تواجه المملكة تحديات اقتصادية متزايدة، أبرزها ارتفاع الإنفاق الحكومي وتراجع عائدات النفط، ما يدفعها إلى البحث عن أدوات تمويل جديدة لتغطية العجز وضمان استمرارية المشاريع الكبرى مثل نيوم والقدية والبحر الأحمر.
تعكس التحركات السعودية الأخيرة حرص الحكومة على تنويع أدوات التمويل وتخفيف الضغوط على أسواق السندات، بما يضمن استقرار تمويل خططها الطموحة طويلة الأمد. وفي الوقت نفسه، تشير هذه الخطوة إلى إدراك المملكة للتحديات التي تواجهها في بيئة اقتصادية عالمية مضطربة، تتسم بتقلبات أسعار النفط وارتفاع تكاليف الاقتراض عالميًّا. وبينما يُنتظر أن تحدد ظروف السوق وأسعار الفائدة مسار القرار النهائي بشأن القرض، يعكس المسعى السعودي مزيجًا من البراغماتية المالية والرغبة في الحفاظ على زخم مشاريع التحول الاقتصادي التي تمثل حجر الأساس في رؤية 2030.

Related News

رئيس الوزراء الفرنسي المستقيل: مهمتي انتهت
al-ain
5 minutes ago