برنامج "أقوى" لدعم أطفال لبنان جرحى الحرب الإسرائيلية
Arab
1 week ago
share
بعد مرور عام على تصعيد إسرائيل حربها على لبنان، ما زال أطفال كثيرون يعانون من جرّاء الإصابات التي خلّفتها الاعتداءات الإسرائيلية في أجسادهم منذ ذلك الحين، وكذلك في نفوسهم. وتبيّن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أنّ الأطفال في لبنان اليوم "ما زالوا يدفعون الثمن الأكبر"، مع العلم أنّ العدوان الإسرائيلي على جنوبي لبنان كان قد بدأ في أكتوبر/تشرين الأول 2023، ثمّ تصاعد في سبتمبر/أيلول 2024 ليطاول مختلف المناطق اللبنانية، قبل أن يدخل وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024، مع العلم أنّ إسرائيل تواصل انتهاكاتها حتى الساعة. وفي آخر اعتداءاتها، مجزرة بنت جبيل في جنوب لبنان، سقط ثلاثة أطفال شهداء قبل أيام، إلى جانب والدهم وأحد أقربائهم، في حين أنّ أختهم الأكبر سناً البالغة من العمر 13 عاماً ووالدتهم ما زالتا ترقدان في المستشفى. ولأنّ الأطفال يُصنَّفون من الفئات الأكثر هشاشة في خلال الحروب، وبهدف الإحاطة بهؤلاء الصغار الذين استهدفتهم آلة الحرب الإسرائيلية، أُطلق برنامج "أقوى" في شهر مارس/آذار الماضي، بوصفه "أوّل نهج شامل متعدّد القطاعات، بقيادة وزارة الصحة العامة في لبنان ومنظمة يونيسف، وبالشراكة مع المنظمة الدولية للإغاثة والمساعدة - إينارا وصندوق غسان أبو ستّة للأطفال". وقد استهدف البرنامج حتى اليوم، بحسب بيانات منظمة يونيسف، 426 طفلاً من أصل 1.400 طفل حُدّدوا بوصفهم حالات في حاجة إلى دعم فوري، وقُدّمت لهم خدمات علاج طبي متخصص وعمليات جراحية وأطرافاً صناعية وتأهيلاً فيزيائياً ودعماً نفسياً-اجتماعياً. ومنذ سبتمبر 2024، قتلت إسرائيل أكثر من 300 طفل وأدّت إلى جرح نحو 1.500 آخرين. وتؤكد منظمة يونيسف أنّه "حتى بعد وقف إطلاق النار، ما زالت حياة الأطفال مهدَّدة"، شارحةً أنّ "ما لا يقلّ عن 13 طفلاً إضافياً قُتلوا وأُصيب العشرات في ضربات متواصلة، من بينهم ثلاثة أطفال من عائلة واحدة (المشار إليهم آنفاً) فقدوا حياتهم في خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي". أضافت أنّ "أطفال لبنان تعرّضوا لأذى بليغ"، إذ أُصيب بعضهم بجروح جسدية كارثية مثل إصابات الدماغ أو الحروق أو بتر الأطراف، في حين عانى كثيرون آخرون "صدمات نفسية واجتماعية قد تلازمهم مدى الحياة". One year on from the escalation of conflict in #Lebanon, children still bear the brunt of violence every single day. With the ceasefire repeatedly broken, dangers remain constant. With the generous funding of @eu_echo, we can ensure, through the ACWA programme, that children… pic.twitter.com/2PzdochZap — UNICEF Lebanon (@UNICEFLebanon) September 25, 2025 في سياق متصل، زار وزير الصحة العامة في لبنان ركان ناصر الدين، مع وفد من منظمة يونيسف والاتحاد الأوروبي وصندوق غسان أبو ستة للأطفال، أمس الأربعاء، عدداً من الأطفال مصابي الحرب الذين يتلقّون علاجهم في إطار برنامج "أقوى"، الذي يهدف إلى مساعدة الأطفال الجرحى والمتضررين من الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان ورعايتهم. ولا يقتصر دور برنامج "أقوى" على الاستجابة الطارئة، بل يتخطاها ليضمن حصول الأطفال على رعاية شاملة ومستمرة في خلال رحلة تعافيهم، بدءاً من إدارة الحالات وإعادة التأهيل وصولاً إلى الإحالات لخدمات التعليم والدمج الاجتماعي، وفقاً لما أوضحته منظمة يونيسف. كذلك يساعد "أقوى" العائلات للاستفادة من بدل نقدي مخصّص للأشخاص ذوي الإعاقة، وتعزيز المساءلة الفاعلة، وصون سياسات حقوق الطفل، والتنسيق مع الأنظمة الوطنية. وإذ أشاد وزير الصحة العامة بـ"أهمية برنامج أقوى في مرحلة شديدة الصعوبة على لبنان"، تقدّم بالشكر إلى الطبيب الجرّاح الفلسطيني-البريطاني غسان أبو ستّة على جهوده الكبيرة، وكذلك إلى الاتحاد الأوروبي ومنظمة يونيسف اللذَين يواصلان دعم الوزارة باستمرار؛ ليس فقط عبر برنامج أقوى، بل من خلال برامج ومبادرات عديدة من شأنها أن تعزّز وضع الأطفال وتدعم المستشفيات الحكومية". ووعد ناصر الدين بأنّه سوف يعمل "بلا كَلال لضمان استدامة هذا البرنامج على المستوى الوطني، ليبقى حاضراً لما بعد الأزمة الراهنة". من جهته، قال أبو ستّة، الذي كان شهد بدايات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة من هناك وعاش ويلاتها وحاول قدر المستطاع إنقاذ الجرحى الفلسطينيين قبل أن يضطر إلى مغادرة القطاع وقد نفدت كلّ وسائل العلاج، "نحن لا ننظر إلى الطفل بمعزل عن محيطه، بل نرى عائلته كذلك، وهذا ما يتيح لنا التدخّل ووضع مسار علاجي متكامل ومصمَّم خصيصاً لكلّ طفل على حدة، يتجاوز حدود التدخّل الجراحي وحده". أضاف: "نأمل أن نتمكّن، مع تقدّم عملنا، من متابعة هؤلاء الأطفال حتى بلوغهم الثامنة عشرة"، موضحاً أنّ "الطفل المصاب من جرّاء الحرب يحتاج، وفقاً للأدبيات الطبية، إلى ما بين ثماني عمليات جراحية و12 عملية، إذ ينمو جسده فيما يعجز الجزء المصاب عن مواكبة هذا النموّ". ورأى أبو ستّة، الذي تستقبل مؤسسته في لبنان أطفالاً فلسطينيين من قطاع غزة لاستكمال علاجاتهم بعد إجلائهم، أنّه "لا مكان أشدّ وحدةً في هذا الكون من سرير طفل جريح فقد عائلته ولم يعد هناك من يعتني به". يُذكر أنّ هذا الطبيب الفلسطيني-البريطاني عمل كذلك على علاج أطفال لبنانيين أُصيبوا في 17 سبتمبر 2024 بهجوم البايجر الذي استهدفت إسرائيل فيه لبنان كذلك، قبيل تصعيد عدوانها عليه. وفي خلال الزيارة نفسها للأطفال المصابين، أمس الأربعاء، شدّد ممثل منظمة يونيسف في لبنان ماركولويدجي كورسي على أنّ "الحرب في لبنان سرقت طفولة الأطفال ومستقبلهم وحياتهم"، محذّراً "لا ينبغي لأيّ طفل أن يدفع ثمن العنف". ولفت إلى أنّ "كلّ طفل يُقتل أو يُصاب هو مأساة لعائلته وخسارة لمستقبل لبنان". وأوضح كورسي أنّه "من خلال برنامج أقوى (ACWA)، نقف إلى جانب الأطفال وأسرهم لضمان حصولهم ليس فقط على الرعاية الطبية العاجلة، بل كذلك على إعادة التأهيل والدعم النفسي-الاجتماعي طويل الأمد، بهدف معالجة الجروح الظاهرة والندوب غير المرئية". وطالب كورسي بـ"وجوب توقّف الأعمال العدائية فوراً لضمان حماية كلّ طفل"، وشدّد على أنّه "من غير الممكن لأطفال لبنان الانتظار أكثر. فمع تكرار خرق وقف إطلاق النار، ما زالت المخاطر حاضرة في كلّ لحظة". بدوره، أشاد نائب رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان سامي سعادة ببرنامج "أقوى" الذي وصفه بأنّه "شامل وحيوي". وبيّن أنّ "الاتحاد الأوروبي، من خلال تمويله الإنساني (...)، يوفّر العلاج الطبي العاجل والجراحات الترميمية ورعاية الصدمات والدعم النفسي-الاجتماعي للأطفال الجرحى وعائلاتهم المتضررة من جرّاء النزاع". وأشار سعادة إلى أنّه "في خلال زيارة اليوم (أمس)، استمعنا إلى قصص أطفال وعائلات دُمّرت حياتهم بفعل العنف"، مشدّداً على أنّ "هذه الشهادات تذكّرنا بوضوح بالعواقب المدمّرة للحرب على المدنيين، والأثر غير المقبول الذي يتحمّله الأطفال خصوصاً".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows