غزة: القصف الإسرائيلي على المدارس يُبرِز الخطر على المدنيين 
Society
14 hours ago
share
Click to expand Image مدرسة الزيتون ج في مدينة غزة، التي استهدفتها غارة جوية إسرائيلية في 21 سبتمبر/أيلول 2024، ما أسفر عن مقتل 34 فلسطينيا على الأقل، بينهم 21 طفلا على الأقل، كانوا يلجؤون إليها.  © 2024 داوود أبو الكاس/الأناضول عبر غيتي إيمجز الغارات الإسرائيلة على المدارس حيث يلجأ مدنيون فلسطينيون والتي أوقعت قتلى تسلط الضوء على غياب الأماكن الآمنة للنازحين، الذين يشكّلون الغالبية العظمى من سكان غزة.منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، شنت إسرائيل مئات الهجمات التي استهدفت أكثر من 500 مبنى مدرسي، كثير منها كان يُستخدم مأوًى، ما أسفر عن مقتل مئات المدنيين وإلحاق أضرار جسيمة بمدارس غزة جميعها تقريبا.حرمت الهجمات الإسرائيلية المدنيين من الملاجئ الآمنة، وستساهم في تعطيل التعليم لسنوات عديدة، إذ قد يتطلب إصلاح المدارس وإعادة بنائها الكثير من الموارد والوقت. 

(القدس) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الهجمات القاتلة التي شنتها القوات الإسرائيلية على المدارس التي تؤوي مدنيين فلسطينيين تسلط الضوء على غياب الأماكن الآمنة للنازحين في غزة. منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، شنت السلطات الإسرائيلية مئات الغارات على المدارس التي تأوي فلسطينيين نازحين، منها هجمات عشوائية غير قانونية باستخدام ذخائر أمريكية، قتلت مئات المدنيين ودمرت مدارس غزة جميعها تقريبا أو ألحقت بها أضرارا جسيمة. 

الضربات الإسرائيلية الأخيرة على المدارس التي تحولت إلى ملاجئ تأتي ضمن الهجوم العسكري الحالي للقوات الإسرائيلية الذي يدمر معظم البنية التحتية المدنية المتبقية في غزة، ويهجّر مجددا مئات آلاف الفلسطينيين، ويفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلا. ينبغي للحكومات، بما فيها الولايات المتحدة، التي زودت إسرائيل بالأسلحة المستخدمة في الهجمات غير القانونية، حظر توريد الأسلحة إلى الحكومة الإسرائيلية واتخاذ تدابير عاجلة أخرى لإنفاذ "اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها" (اتفاقية الإبادة الجماعية). 

قال جيري سيمبسون، المدير المشارك لقسم الأزمات والنزاعات والأسلحة في هيومن رايتس ووتش: "الغارات الإسرائيلية على المدارس التي تؤوي عائلات نازحة هي عيّنة من سفك الدماء الذي ترتكبه القوات الإسرائيلية في غزة. على الحكومات الأخرى ألا تتسامح مع هذا القتل المروع بحق المدنيين الفلسطينيين الباحثين عن الأمان".

حققت هيومن رايتس ووتش في الهجمات الإسرائيلية على "مدرسة خديجة" للبنات في دير البلح في 27 يوليو/تموز 2024، التي قتلت 15 شخصا على الأقل، ومدرسة الزيتون ج في حي الزيتون بمدينة غزة في 21 سبتمبر/أيلول 2024، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 34 شخصا. لم تجد هيومن رايتس ووتش أي دليل على وجود هدف عسكري في أي من المدرستين.

استندت هذه النتائج إلى مراجعة صور الأقمار الصناعية والصور الفوتوغرافية والفيديوهات للهجمات وآثارها، ومواد من وسائل التواصل الاجتماعي تتعلق برجال عُرف أنهم لقوا حتفهم في الهجومين، ومقابلات هاتفية مع شخصين شاهدا آثار الهجوم على مدرسة خديجة وشخص آخر كان حاضرا أثناء الهجوم على مدرسة الزيتون ج. 

لم تقدم السلطات الإسرائيلية معلومات علنية عن الهجمات التي وثّقتها هيومن رايتس ووتش، بما في ذلك تفاصيل عن الهدف المقصود أو أي احتياطات اتُّخذت لتقليل الأضرار بالمدنيين. كما لم تردّ على رسالة بتاريخ 15 يوليو/تموز تلخص نتائج هيومن رايتس ووتش بشأن هذه الضربات وتطلب معلومات محددة.

غياب الهدف العسكري في القصف على مدرستَيْ خديجة والزيتون يجعل هذه الهجمات عشوائية بشكل غير قانوني، في انتهاك للقانون الإنساني الدولي. المدارس والمرافق التعليمية الأخرى هي أعيان مدنية ومحمية من الهجمات. وهي تفقد هذه الحماية عندما تُستخدم لأغراض عسكرية أو تحتلها قوات عسكرية. استخدام المدارس لإيواء المدنيين لا يغيّر وضعها القانوني.

بين 1 و10 يوليو/تموز 2025، قصفت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن 10 مدارس تحولت إلى ملاجئ، بعضها كان قد تعرض سابقا لأضرار، ما أسفر عن مقتل 59 شخصا وتهجير عشرات الأسر مجددا، وفقا لـ "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" (أوتشا). وأفادت "وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى" (الأونروا) أن حوالي مليون نازح في غزة لجأوا إلى المدارس وسط الأعمال العدائية، وأنه حتى 18 يوليو/تموز، قُتل 836 شخصا على الأقل من الذين لجأوا إلى المدارس وأصيب 2,527 آخرون على الأقل. 

ووجد أحدث تقييم أجرته "مجموعة التعليم في الأراضي الفلسطينية المحتلة" أن 97% من المباني المدرسية في غزة (547 من أصل 564) لضرر بمستوى معين، بما في ذلك 462 (76%) "تضررت بشكل مباشر"، وأن 518 (92%) تتطلب "إعادة بناء كاملة أو أعمال إعادة تأهيل كبرى لتصبح صالحة للاستخدام مجددا".

وقد حرمت الهجمات الإسرائيلية المدنيين من المأوى وستساهم في تعطيل التعليم لسنوات عديدة، إذ سيتطلب إصلاح المدارس وإعادة بنائها الكثير من الموارد والوقت، مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية كبيرة على الأطفال وأولياء الأمور والمعلمين.

أفاد الموقعان الإسرائيليان "مجلة +972" و"سيحا ميكوميت" (محادثة محلية) في 24 يوليو/تموز أن الجيش الإسرائيلي أنشأ "خلية خاصة للقصف لتحديد المدارس بشكل منهجي، والتي يشار إليها باسم 'مراكز الثقل'، من أجل قصفها، بدعوى أن عناصر حماس يختبئون بين مئات المدنيين". وأشار التقرير إلى أن الضربات "المزدوجة" – وهي هجمات ثانية في الموقع نفسه تهدف إلى ضرب الناجين من الضربة الأولى وعناصر الإنقاذ – "أصبحت شائعة بشكل خاص في الأشهر الأخيرة عندما قصفت إسرائيل المدارس في غزة".

وادعى الجيش الإسرائيلي فيما يتعلق بعشرات الهجمات على المدارس أن ثمة تمركز لعناصر حماس أو مقاتلين فلسطينيين آخرين أو مراكز "قيادة وسيطرة" في المدرسة، دون تقديم معلومات محددة. ولا تعلم هيومن رايتس ووتش سوى بسبع حالات نشر فيها الجيش الإسرائيلي أسماء وصور لأفراد مزعومين من فصائل مسلحة فلسطينية قال إنهم كانوا موجودين في مدرسة وقت الهجوم.

بعد هجوم 6 يونيو/حزيران 2024 على مدرسة "السردي"، حدد الجيش الإسرائيلي 17 اسما لمقاتلين مزعومين. لكن مراجعة هيومن رايتس ووتش للأسماء كشفت أن ثلاثة منهم كانوا على ما يبدو قد قُتلوا في هجمات سابقة.

وجود فصائل مسلحة فلسطينية في أي من المدارس التي تعرضت للهجوم لا يجعل الهجمات قانونية بالضرورة. تحظر قوانين الحرب شن هجمات على أعيان عسكرية إذا كان الضرر المتوقع بالمدنيين والأعيان المدنية غير متناسب مع المكاسب العسكرية المتوقعة من الهجوم. 

كما تنص قوانين الحرب على أن تعطي الأطراف المتحاربة، ما لم تمنع الظروف ذلك، "إنذارا مسبقا فعالا" بالهجمات التي قد تؤثر على السكان المدنيين.

نشر الفصائل المسلحة في المدارس التي تحولت إلى ملاجئ يعرّض المدنيين لخطر غير مبرر. وتلزم قوانين الحرب الأطراف المتحاربة باتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة ضد آثار الهجمات وتجنب وضع أهداف عسكرية بالقرب من المناطق المكتظة بالسكان. 

تشكل الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب من قبل أفراد ذوي نوايا إجرامية – أي عمدا أو بتهور – جرائم حرب. ويمكن أيضا أن يتحمل الأفراد المسؤولية الجنائية عن المساعدة في جرائم الحرب أو تسهيلها أو الإعانة عليها أو التحريض عليها. وجميع الدول الأطراف في نزاع مسلح ملزمة بالتحقيق في جرائم الحرب المزعومة التي يرتكبها أفراد قواتها المسلحة.

يهدف "إعلان المدارس الآمنة"، وهو التزام سياسي دولي أقرّته 121 دولة، إلى حماية التعليم في أوقات الحرب من خلال تعزيز الوقاية من الهجمات على الطلاب والمعلمين والمدارس والجامعات والتصدي لها، بسبل تشمل تجنب استخدام المرافق التعليمية لأغراض عسكرية. في حين أن إسرائيل لم تنضم إلى الإعلان، أيدته فلسطين في العام 2015.

ينبغي للحكومات تعليق نقل الأسلحة إلى إسرائيل، نظرا إلى الخطر الواضح المتمثل في إمكانية استخدام هذه الأسلحة لارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي أو تسهيلها. تزويد الحكومة الأمريكية إسرائيل بالأسلحة، التي استُخدمت مرارا وتكرارا في ضربات على مدارس تحولت إلى ملاجئ ولارتكاب جرائم حرب مفترضة، جعل الولايات المتحدة متواطئة في استخدامها غير القانوني.

في 10 يونيو/حزيران، أفادت "لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية، وإسرائيل" أن السلطات الإسرائيلية "دمرت النظام التعليمي في غزة" وأن هجماتها على المواقع التعليمية والدينية والثقافية في الأراضي الفلسطينية المحتلة كانت ضمن "هجوم واسع النطاق لا هوادة فيه ضد الشعب الفلسطيني ارتكبت فيه القوات الإسرائيلية جرائم حرب وجريمة ضد الإنسانية تتمثل في الإبادة".

قال سيمبسون: "بعد نحو عامين من الهجمات الإسرائيلية المتكررة التي قتلت مدنيين في المدارس وأماكن محمية أخرى، لا يمكن للحكومات التي تقدم الدعم العسكري لإسرائيل أن تقول إنها لم تكن تعلم عواقب أفعالها. على الحكومات أن تعلق جميع عمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل وتتخذ إجراءات أخرى لمنع المزيد من الفظائع الجماعية".

الهجمات الإسرائيلية على المدارس التي تحولت إلى ملاجئ


مدرسة خديجة للبنات، دير البلح، 27 يوليو/تموز 2024
في 27 يوليو/تموز 2024، منذ قبل الظهر بقليل وحتى الساعة 3 بعد الظهر تقريبا، شنت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن ثلاث غارات جوية، اثنتان منها بذخائر أمريكية، على مدرسة خديجة للبنات في دير البلح، فقتلت 15 شخصا على الأقل. وأفاد "الدفاع المدني الفلسطيني" في غزة، وهو هيئة تقدم خدمات الطوارئ والإنقاذ، أن المدرسة كانت تؤوي حوالي 4 آلاف نازح منذ أشهر عدة. وقال مدير "مستشفى شهداء الأقصى" في مدينة غزة، على بعد حوالي كيلومتر واحد شرق المدرسة، إن المدرسة تضم "مستشفى ميدانيا" متصلا بمستشفاه. وبدأت التقارير عن الهجوم تظهر على وسائل التواصل الاجتماعي قبل الظهر بقليل.

تتكون المدرسة من خمسة مبانٍ بجوار ملعب على مساحة نحو 5 آلاف متر مربع. 

Click to expand Image طفل يقف على أنقاض مدرسة خديجة في دير البلح، وسط قطاع غزة، التي أصابتها غارة جوية إسرائيلية في 27 يوليو/تموز 2024، ما أسفر عن مقتل 15 فلسطينيا نازحا على الأقل.  © 2024 رزق عبد الجواد/شينخوا عبر غيتي إيمجز

لم تجد هيومن رايتس ووتش أي دليل على وجود هدف عسكري في المدرسة أو بالقرب منها يوم الهجوم. ولم تظهر أي أدلة على وجود جماعة مسلحة فلسطينية في المدرسة إثر مراجعة وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالرجال الذين عُرف أنهم قُتلوا في الهجوم، والصفحات الإلكترونية للفصائل المسلحة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية. لم يرد الجيش الإسرائيلي على طلب هيومن رايتس ووتش للحصول على مزيد من المعلومات حول الهدف.

راجعت "إير وورز"، وهي منظمة غير حكومية تحقق في الأضرار اللاحقة بالمدنيين في مناطق النزاع، وسائل التواصل الاجتماعي ومصادر مفتوحة أخرى، وعثرت على أسماء 15 شخصا قُتلوا، بينهم سبعة رجال وأربع نساء وأربعة أطفال، بالإضافة إلى شخصين آخرين بدون اسم كامل. كما عثرت إير وورز على الأسماء الكاملة لتسعة جرحى، بينهم أربعة رجال وطفلان وثلاثة ذكور مجهولي الهوية. القتلى والجرحى المحددون ينتمون إلى 18 عائلة. راجعت هيومن رايتس ووتش وسائل التواصل الاجتماعي ومصادر مفتوحة أخرى، لكنها لم تعثر على أسماء إضافية.

قالت وزارة الصحة في غزة إن الهجوم قتل 30 شخصا وجرح 100 آخرين على الأقل. نُقل الضحايا إلى مستشفى شهداء الأقصى القريب.

تحدثت هيومن رايتس ووتش عبر الهاتف مع صحفي كان موجودا في المستشفى. قال إنه وقت الظهيرة تقريبا سمع انفجارا واحدا من اتجاه المدرسة وركض نحوه. قال الصحفي: "عندما وصلنا، رأيت مشهدا مروعا. رأيت نساء وأطفالا ومسنين وجرحى وبعض الأطباء في ملابسهم الطبية. كانت النساء يصرخن: 'أين أطفالي؟' أو 'ابني، أريد ابني'".

تحدثت هيومن رايتس ووتش أيضا مع صحفي آخر كان على بعد حوالي كيلومترين من المدرسة عندما سمع قرابة الظهر صوت سقوط قنبلة ثم انفجار. وصل إلى المدرسة بعد حوالي 20 دقيقة.

قال: "رأيت مبنى من طابقين على الجانب الشرقي من المدرسة وقد دُمر بالكامل. هل يمكنك أن تتخيل مبنى مليئا بالنازحين يُدمر في لمح البصر؟ رأيت أشخاصا مصابين بجروح خطيرة وأخرى طفيفة، ثم رأيت أشلاء بشرية على الأرض".

تحققت هيومن رايتس ووتش من أربعة فيديوهات تتعلق بالهجمات على المدرسة، لكن لم يظهر أي منها الهجوم الأول. نشرت القناة الإخبارية السعودية "شرق نيوز" المقطع الأول على مواقع التواصل الاجتماعي، ويظهر من تحليل الظلال في الفيديو أنه تم تصويره حوالي منتصف النهار. يُظهر الفيديو أضرارا وحطاما في الجزء الشمالي من الحرم المدرسي، بالإضافة إلى جرحى يتم نقلهم من أحد المباني.

حللت هيومن رايتس ووتش مقطعي فيديو آخرين نُشرا على وسائل التواصل الاجتماعي في 27 يوليو/تموز، تم تصويرهما في وقت ما بين الساعتين 2 و3 بعد الظهر. يظهر المقطع الأول لحظة إصابة المدرسة بقنبلتين في وقت متقارب. أما الثاني، الذي صُوِّر على بعد حوالي 200 متر جنوب شرق المدرسة، فيُظهر انفجارا قويا، تليه مجموعة من الأشخاص يركضون عبر سحابة من الدخان ويدخلون إلى مجمع المدرسة. ثم يظهر المقطع أضرارا جسيمة في الجزئين الغربي والجنوبي من حرم المدرسة، بما في ذلك مبنيان دمرهما الانفجار بالكامل. وبعدها تنتقل الكاميرا إلى بقايا ذخيرة عالقة في الأرض في وسط مجمع المدرسة. 

يُظهر فيديو رابع نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي من حساب نشر فيديوهين آخرين عن الهجوم وحدة ذخيرة لم تنفجر داخل ما قيل إنه إحدى غرف المدرسة. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد مكان تصوير الفيديو وتوقيته، على الرغم من أن لون إطارات النوافذ المدمرة يتطابق مع الفيديو الأول من المدرسة. 

استنادا إلى الصور والفيديوهات وبقايا الذخائر التي يمكن التعرف عليها، بما في ذلك وحدة ذخيرة لم تنفجر، خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن الهجوم استخدم على الأقل قنبلتين صغيرتين من طراز "جي بي يو-39" (GBU-39) ألقيتا من الجو. تنتج "شركة بوينغ" هذه الذخائر وتسلمها إلى إسرائيل بموافقة الحكومة الأمريكية في إطار برنامج "مبيعات الأسلحة الأجنبية" أو برنامج "المبيعات التجارية المباشرة".

أفاد "المكتب الإعلامي الحكومي" في غزة أن طائرات حربية إسرائيلية ألقت ثلاث قنابل على المستشفى الميداني في المدرسة. قال شاهد لصحيفة "واشنطن بوست" إن أربعة صواريخ أصابت المدرسة، جميعها حوالي الظهر.

ووصف رجل قال إنه كان على بعد حوالي 500 متر من المدرسة حوالي منتصف النهار هجومين تضمّنا قنابل عدة. وقال لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات الإسرائيلية اتصلت بعد الهجوم الأول بسكان منزل قريب من المدرسة وأمرتهم بأن "يغادروا المنطقة لأنهم سيقصفون المدرسة مرة أخرى". وأضاف أن الهجوم الثاني استخدمت فيه قنابل عدة دمرت تماما المبنى الذي أصيب خلال الغارات الأولى. 

كما وجد "مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان" أن الجيش الإسرائيلي أصدر تحذيرا قبل الضربتين الثانية والثالثة، "لكنه لم يصدر تحذيرا قبل الضربة الأولى التي وقعت فيها معظم الإصابات، حسبما ورد".

بعد حوالي ساعة من الهجوم، قال الجيش الإسرائيلي على قناته على "تيليغرام" إنه "قصف إرهابيين يديرون مركز قيادة وتحكم تابع لحماس داخل مدرسة خديجة في حي في وسط غزة". ولم يقدم الجيش الإسرائيلي مزيدا من التفاصيل.

راجعت هيومن رايتس ووتش المواد المنشورة على الإنترنت المتعلقة بالرجال السبعة الذين أوردت إير وورز أسماءهم ضمن قتلى الهجوم، وقنوات تيليغرام وقنوات التواصل الاجتماعي المرتبطة بالجناح المسلح لحماس، "كتائب عز الدين القسام"، والجناح المسلح لـ "الجهاد الإسلامي"، "سرايا القدس". غالبا ما يعلن هذان الفصيلان عن مقتل مقاتليهما، لكن أيا منها لم يذكر الهجوم. 

لم يقدم الجيش الإسرائيلي أي معلومات تثبت وجود هدف عسكريمن أي نوع داخل المبنى أو بالقرب منه. كما لم يذكر الجيش سبب عدم إعطاء إنذار مسبق فعال لمن لجأوا إلى المدرسة وسكان المباني المجاورة لإخلائها قبل الهجوم الأول في وقت الظهر. 

مدرسة الزيتون ج، مدينة غزة، 21 سبتمبر/أيلول 2024

لم تجد هيومن رايتش ووتش أي مؤشر على وجود هدف عسكري في المدرسة أو بالقرب منها يوم الهجوم. لم تظهر أي أدلة على وجود جماعة مسلحة فلسطينية وقت الهجوم، بعد مراجعة مواقع التواصل الاجتماعي لرجال معروفين أنهم قتلوا في الهجوم، والصفحات الإلكترونية للفصائل المسلحة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية، ومقابلة مع رجل كان يعيش في المدرسة. لم يردّ الجيش الإسرائيلي على طلب هيومن رايتس ووتش الحصول على مزيد من المعلومات حول هدف الهجوم، ولا على طلب الصحفيين الحصول على معلومات عن الهدف المقصود. أفادت "بي بي سي" أن مصدرا لم يكشف عن هويته قال إن الهجوم استهدف وقتل "شخصية محلية من حماس" دون تقديم مزيد من التفاصيل.

أفاد الدفاع المدني الفلسطيني في غزة أن المدرسة كانت تؤوي "آلاف" النازحين. وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن العديد من النازحين هم من الأرامل والأيتام الذين تلقوا أيضا مبالغ نقدية صغيرة للمساعدة في تغطية تكاليف الطعام.

مدرسة الزيتون ج تشكّل مع "الزيتون أ/ب"، و"مدرسة ذكور الفلاح الابتدائية ب"، و"مدرسة ذكور الفلاح الإعدادية ب" مجمّعا من ثلاث مدارس. تضم الزيتون ج مبنيين رئيسيين إلى جانب مبانٍ عدة أصغر حجما، تقع جميعها على مساحة تبلغ حوالي 5 آلاف متر مربع.

Click to expand Image مدرسة الزيتون ج في مدينة غزة، التي استهدفتها غارة جوية إسرائيلية في 21 سبتمبر/أيلول 2024، ما أسفر عن مقتل 34 فلسطينيا على الأقل، بينهم 21 طفلا على الأقل، كانوا يلجؤون إليها.  © 2024 داوود أبو الكاس/الأناضول عبر غيتي إيمجز

استعرضت إير وورز وسائل التواصل الاجتماعي ومصادر مفتوحة أخرى للحصول على معلومات عن الهجوم، وعثرت على الأسماء الكاملة لـ 23 شخصاً قُتلوا من تسع عائلات، بينهم ثلاثة رجال وأربع نساء و16 طفلا. قالت وزارة الصحة في غزة والمكتب الإعلامي في غزة إن 22 شخصا قُتلوا، بينهم ست نساء و13 طفلا.

راجعت هيومن رايتس ووتش وسائل التواصل الاجتماعي ومصادر مفتوحة أخرى وعثرت على الأسماء الكاملة لأربعة أشخاص آخرين قتلوا. ومن بينهم امرأة وطفلان وفتاة مجهولة العمر.

تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى رجل كان في المدرسة وقت الهجوم وقال إن الغارة قتلت ثمانية من أفراد عائلته، أحدهم صبي مدرج في قائمة إير وورز. أما السبعة الآخرون فهم ثلاث نساء وثلاثة أطفال ورجل لم تحدد إير وورز هويتهم.

راجعت هيومن رايتس ووتش وسائل التواصل الاجتماعي بحثا عن أي ذكر للرجال الأربعة الذين أدرجتهم إير وورز على أنهم قتلوا في الهجوم، ولم تجد أي صلة لهم بأي فصائل مسلحة. 

قال الدفاع المدني الفلسطيني في غزة إن إحدى النساء القتلى كانت حاملا وإن حوالي 30 شخصا أصيبوا، بينهم تسعة أطفال اضطر الأطباء إلى بتر أطرافهم. يُظهر مقطع فيديو نشرته قناة "شرق" الإخبارية السعودية على وسائل التواصل الاجتماعي، وحللته هيومن رايتس ووتش، أحد عمال الإنقاذ واقفا أمام أحد مباني المدرسة حاملا جنينا ميتا، بحسب القناة.

نُقل الضحايا إلى "المستشفى الأهلي العربي المعمداني" في مدينة غزة. 

حللت هيومن رايتس ووتش فيديوهَيْن آخرين لآثار الهجوم نُشرا على وسائل التواصل الاجتماعي في 21 سبتمبر/أيلول. أكدت هيومن رايتس ووتش المواقع الجغرافية التي حددها في البداية باحثان مستقلان هما أنو نيمو وجاك ديف. 

يُظهر فيديو صُوِّر حوالي الساعة 11:30 صباحا رجلين يحملان طفلين مصابين وداميَيْن وهما يعبران الحرم المدرسي. كما يظهر أشخاص يحيطون بطفلين مصابين بجروح خطيرة، أحدهما لا يتحرك، ويحاولون علاج جراحهم. يُظهر فيديو ثانٍ فناء المدرسة بعد الغارة، وعشرات الأشخاص عند مدخل مبنى في الجانب الغربي من الحرم المدرسي، ثم أطفال قتلى عدة.

قال الرجل الذي فقد ثمانية من أفراد أسرته إن أربع قنابل أصابت المدرسة دون سابق إنذار. وقال شاهد آخر لصحفي إنه شاهد انفجارات عندما أصاب صاروخان المجمع. وقالت امرأة تعيش في المدرسة وكانت هناك أثناء الهجوم لصحفي آخر: "فجأة بدأت الصواريخ تمطر علينا – لم يكن هناك أي إنذار".

تُظهر ثلاث صور نُشرت على "إكس" تحمل شعار شبكة قناة القدس الإخبارية طفلا يحمل ثلاث قطع من بقايا ذخائر يمكن التعرف عليها في فصل دراسي. استنادا إلى هذه الصور، خلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن قنبلة صغيرة القطر من طراز جي بي يو-39 أمريكية الصنع أصابت مباشرةً مبنى واحدا على الأقل من مباني المدرسة.

قال الشاهد الذي فقد ثمانية من أفراد أسرته إنه لم يرَ أي أسلحة أو معدات عسكرية في المدرسة، وإنه لم يكن هناك أي مسلحين، "فقط مدنيون يبحثون عن الأمان".

لم تجد هيومن رايتس ووتش في مراجعتها للمواد المنشورة على الإنترنت المتعلقة بالرجال الذين أوردت إير وورز أسماءهم على أنهم قُتلوا في كل غارة، أي دليل على أن أي منهم كان مقاتلا. راجعت هيومن رايتس ووتش قنوات تيليغرام ووسائل التواصل الاجتماعي المرتبطة بالجناح المسلح لحماس، كتائب عز الدين القسام، والجناح المسلح لـ الجهاد الإسلامي، سرايا القدس. لم تذكر أي منها الغارة.

لم تُشِر الفيديوهات التي حللتها هيومن رايتس ووتش عن آثار الغارات على المدرسة إلى وجود أي جماعة مسلحة فلسطينية أو معدات عسكرية داخل المبنى أو بالقرب منه وقت الهجوم.

يوم الغارة، قال الجيش الإسرائيلي إنه "شن ضربة دقيقة على إرهابيين كانوا يعملون داخل مركز قيادة وتحكم تابع لحماس... يقع داخل مجمع كان سابقا مدرسة الفلاح". وفقا لشخص على دراية وثيقة بالمدارس تحدث إلى إير وورز، تقع مدرسة ذكور الفلاح الابتدائية ب ومدرسة ذكور الفلاح الإعدادية ب على بعد حوالي 200 متر من مدرسة الزيتون ج، وتفصل بينهما مدرسة الزيتون أ/ب. أفادت وسائل إعلام فلسطينية غارة إسرائيلية على مدرسة الفلاح في اليوم نفسه، أسفرت عن إصابات بحسب التقارير. ولم يصدر الجيش الإسرائيلي بيانا منفصلا بشأن الغارة على مدرسة الزيتون ج، ولم يقدم أي معلومات تثبت وجود هدف عسكري هناك.

كما لم يوضح الجيش سبب عدم إعطاء إنذار مبكر فعال لسكان مدرسة الزيتون ج والمباني المجاورة لإخلائها قبل الهجوم الأولي.

وقالت فتاة نجت من الهجوم لـ بي بي سي: "ماذا فعلنا نحن الأطفال؟ نستيقظ وننام مرعوبين. على الأقل احموا المدارس؛ ليس لدينا مدارس ولا منازل – أين نذهب؟".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows