السعودية تسجّل ارتفاعاً في تدفّقات الاستثمار الأجنبي المباشر
Arab
5 hours ago
share

سجّلت المملكة العربية السعودية ارتفاعًا ملحوظًا في تدفّقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الربع الأول من عام 2025، حيث بلغت التدفقات 6.4 مليارات دولار، وفقًا لبيانات أولية صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء اليوم الأحد. وتمثل هذه الأرقام زيادة بنسبة 24% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، في أقوى بداية سنوية تشهدها المملكة منذ عام 2022، وفقًا لـ"بلومبيرغ".

ويُعد هذا الارتفاع مؤشرًا أوليًا على تحسّن بيئة الاستثمار في السعودية، في وقت تسعى فيه الحكومة إلى تعزيز جاذبية السوق السعودية للمستثمرين الأجانب، ضمن جهود تحقيق أهداف "رؤية 2030" التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والرامية إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط مصدرًا رئيسيًا للإيرادات.

ورغم الزخم النسبي الذي أظهرته البيانات، إلا أن المملكة لا تزال بعيدة عن تحقيق هدفها السنوي المتمثل في جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 37 مليار دولار خلال عام 2025. وتشير التقديرات الأولية إلى أن الفارق لا يزال يبلغ عدة مليارات من الدولارات، ما يضع تحديات إضافية أمام صانعي القرار، خاصة في ظل الضغوط المالية الناتجة عن تراجع أسعار النفط وتزايد العجز في الموازنة العامة، بحسب ما نقلته "بلومبيرغ".

بالتوازي، أظهرت مؤشرات اقتصادية أخرى تحسّنًا في سوق العمل، حيث انخفض معدل البطالة في السعودية إلى أدنى مستوى تاريخي له عند 6.3% خلال الربع الأول من العام. ويُعزز هذا التراجع نظرة التفاؤل بشأن الأداء الاقتصادي العام، خاصة بعدما رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي في عام 2025 إلى 3.5% مقارنةً بتقدير سابق بلغ 3%.

الاستثمار الأجنبي محوري في التحول الاقتصادي

يُعتبر جذب الاستثمار الأجنبي المباشر أحد الأعمدة الرئيسة لـ"رؤية 2030"، حيث تراهن السعودية على هذه التدفقات لدعم مشاريع ضخمة في قطاعات غير نفطية، تشمل السياحة والتقنية والصناعة والطاقة المتجددة. وتُقدّر كلفة البرامج التنموية المرتبطة بالرؤية بتريليونات الدولارات، ما يستدعي مشاركة واسعة من القطاع الخاص المحلي والدولي. إلا أن المملكة واجهت في السنوات الماضية تحديات متعددة في مسار جذب الاستثمار الأجنبي، من أبرزها تعقيد الإجراءات البيروقراطية وغياب الصفقات الكبرى، إضافة إلى مخاوف تتعلق بالبيئة القانونية وفض النزاعات. كما أثّرت التوترات الجيوسياسية الإقليمية على ثقة بعض المستثمرين الدوليين.

ولتجاوز هذه العقبات، أطلقت السعودية سلسلة من المبادرات والإصلاحات لتحسين مناخ الأعمال، شملت تسهيل إجراءات التراخيص، وتوسيع نطاق القطاعات المفتوحة للملكية الأجنبية بنسبة 100%، وإنشاء مناطق اقتصادية خاصة تقدم حوافز ضريبية وتنظيمية مرنة. كما تعمل منصة "استثمر في السعودية" على الترويج للفرص المتاحة، إلى جانب دور محوري لصندوق الاستثمارات العامة في استقطاب رؤوس الأموال من خلال شراكات استراتيجية.

مشاريع كبرى لجذب الاستثمار

تعوّل المملكة على عدد من المشاريع الكبرى وسيلةً لتحفيز الاستثمار الأجنبي، أبرزها مشروع "نيوم" الذي يُعد من أضخم المدن المستقبلية عالميًا، إلى جانب مشروعي "القدية" و"البحر الأحمر" السياحيين، ومبادرات الصناعات الخضراء والتحول الرقمي. هذه المشاريع لا تقتصر على التنمية المحلية فحسب، بل تُطرح وجهاتٍ استثماريةً عالميةً في المحافل الاقتصادية الدولية.

في المقابل، تواجه السعودية منافسة حادة من دول مجاورة مثل الإمارات وقطر اللتين تتمتعان بخبرة طويلة في جذب الاستثمارات، وبنية قانونية أكثر استقرارًا، وتكامل اقتصادي أكثر نضجًا، ما يفرض على المملكة تسريع وتيرة الإصلاح وتعزيز الثقة الدولية ببيئة أعمالها. وتبرز البيانات الأخيرة علامةً إيجابيةً على تحسّن مناخ الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية، لكنها تبيّن أيضًا أن الطريق نحو تحقيق الأهداف الطموحة لا يزال يتطلب جهودًا إضافية. وفي ظل التحديات الاقتصادية والمالية الإقليمية، تبقى قدرة المملكة على تحويل اهتمام المستثمرين إلى التزامات فعلية واستثمارات طويلة الأمد العاملَ الحاسمَ في نجاح تحولها الاقتصادي المنشود.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows