
بعد أن هدأ جنون أسعار اللحوم في المغرب عقب قرار إلغاء شعيرة نحر الأضحية في عيد الأضحى، تشير التوقعات إلى إمكانية عودتها للارتفاع مجدداً مع حلول الصيف، مدفوعة بعدة عوامل موسمية واقتصادية واجتماعية تتشابك في وقت حرج من التعافي الزراعي والتمويني. وأظهرت من بيانات شركة التنمية المحلية للخدمات بالدار البيضاء، أن السعر الأدنى للحوم الأغنام في سوق الجملة انخفض من 12 دولاراً في فترة عيد الأضحى إلى 8 دولارات، بينما تراجع السعر الأقصى من 13.5 دولاراً إلى 10 دولارات للكيلوغرام الواحد.
وتشير بيانات الشركة التي تتولى تسيير مجزرة المدينة في الأسبوع المنصرم، إلى أن السعر الأدنى للحوم الأبقار انخفض من 9 إلى 7.5 دولارات، فيما سجل السعر الأقصى تراجعاً بحوالى دولارين من 11 إلى 9.4 دولارات. وكانت أسعار اللحوم قد قفزت إلى مستويات قياسية بسبب ارتفاع الطلب في فترة عيد الأضحى، حيث سعت الأسر للتزود باللحوم والأحشاء بعد إلغاء شعيرة العيد. وكان وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، قد أوضح أنه لُجئ إلى الاستيراد بهدف تلبية الطلب المحلي من الأغنام والأبقار واللحوم، بما يساعد على حماية القطيع المحلي المتأثر بتداعيات الجفاف.
وقرر المغرب إلغاء شعيرة عيد الأضحى بعدما أدى الجفاف الذي ضرب المغرب في السبعة أعوام الأخيرة إلى انخفاض في حجم قطيع الماشية بنسبة 38 في المائة، قياساً بالمستوى الذي بلغه في 2016، حيث تعوّل وزارة الفلاحة على عودة القطيع إلى المستوي الذي كان عليه قبل 2020. واتخذت الحكومة منذ أواخر العام الماضي، في ظل ارتفاع أسعار اللحوم، قراراً بتكثيف استيراد لحوم الماعز والأبقار والأغنام بهدف سد الخصاص على مستوى العرض في السوق. وأكد البواري أنه في العام الحالي استُورِد 90 ألف رأس من الأبقار و238 ألف رأس من الأغنام و1922 طن من اللحوم الحمراء والأحشاء.
ويذهب محمد الدهبي، الكاتب العام للاتحاد العام للمقاولات والمهن، إلى أن انخفاض الأسعار بعد العيد مرده إلى تراجع الطلب، حيث يرجح أن تكون الأسر قد خزنت كميات مهمة من اللحوم تفسر عدم الأقبال في الفترة على محلات الجزارة بكثافة. ويضيف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الأسعار قد تعود للارتفاع في يوليو/تموز وأغسطس/آب، مع ترقب زيادة الطلب المرتبط بحركة سفر الأسر المغربية وعودة المغتربين وموسم حفلات الزفاف التي تنطلق بين شهري يوليو وأغسطس. غير أنه يتوقع ألا تصل تلك الأسعار إلى المستويات التي بلغتها قبل عيد الأضحى، حيث كانت قد قفزت إلى مستويات قياسية، رغم ملاحظته أن الأسعار ما زالت مرتفعة، حسب أجزاء اللحوم التي يطلبها المشترون.
وشهد المغرب في العام الماضي ارتفاعاً قوياً لأسعار اللحوم الحمراء في الأشهر الأخيرة في سياق الجفاف وغلاء الأعلاف، حيث راوحت في الصيف الماضي بين 12 و14 دولاراً للكيلوغرام الواحد، بعدما كانت تراوح في فترات سابقة بين 8 و9 دولارات. وينتظر أن يتراجع العرض من اللحوم المنتجة محلياً في السوق بعدما أطلق المغرب خطة لإعادة تشكيل قطيع، حيث أُعلنَت تدابير لفائدة مربي الماشية تراوح بين إعادة جدولة الديون ودعم أسعار الأعلاف وتقديم دعم مالي مباشر، بما يساعد على إعادة تشكيل القطيع الوطني الذي تراجع بفعل تداعيات الجفاف.
وعقدت في الفترة الأخيرة اجتماعات على مستوى الأقاليم بين ممثلي وزارة الداخلية ووزارة الزراعة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات والمكتب الوطني للاستشارة الفلاحية، والمصلحة البيطرية التابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية بهدف بحث سبل تنزيل التدابير التي يراد من ورائها دعم المزارعين بهدف إعادة تشكيل القطيع الوطني. وأعلنت الحكومة تخصيص يناهز 300 مليون دولار في العام الحالي و320 مليون دولار في 2026، بهدف توفير الدعم المباشر للمربين الذين يلتزمون الحفاظ على إناث الماشية بهدف إعادة تشكيل القطيع.
وأكدت الحكومة التوجه نحو إعداد قاعدة بيانات رقمية وطنية تمكن من الإحاطة بالقطيع والمربين، بما يساعد، كما أكد ذلك وزير الزراعة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، على توجيه دعم مباشر للمربين المستحقين له. ويندرج ذلك ضمن تدابير لفائدة المربين تهم إعادة جدولة المربين ودعم سعر بيع الشعير ودعم سعر الأعلاف المركبة وترقيم إناث الماشية، بعد قرار منع ذبحها، وإطلاق حملة علاجية بهدف حماية 17 مليون رأس من الأغنام والماعز من الأمراض الناجمة عن الجفاف.

Related News

