معاناة المتقاعدين في مصر... 80% من أصحاب المعاشات تحت خط الفقر
Arab
5 hours ago
share

يعاني نحو 11.5 مليون من أصحاب المعاشات (المتقاعدين) في مصر من أوضاع معيشية صعبة، في ظل تصاعد معدلات التضخم وغلاء الأسعار، وتدني قيمة معاشات التقاعد التي تتراوح في الغالب بين 1500 و3000 جنيه، وهي مبالغ تقل كثيراً عن الحد الأدنى للأجور البالغ سبعة آلاف جنيه (نحو 140 دولاراً).

وقال مصدر مسؤول في لجنة القوى العاملة في مجلس النواب (البرلمان)، إن نحو 80% من أصحاب المعاشات يتقاضون أقل من ثلاثة آلاف جنيه شهرياً، ما يضعهم فعلياً تحت خط الفقر العالمي البالغ 2.15 دولار يومياً، أي ما يعادل نحو 3208 جنيهات (64.5 دولاراً) شهرياً، بحسب سعر صرف الدولار البالغ 49.75 جنيهاً.

وأوضح المصدر في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أن إجمالي ما يُصرف لأصحاب المعاشات شهرياً يقدر بنحو 38 مليار جنيه، بمتوسط 3300 جنيه لكل مستحق، مشيراً إلى أن الحد الأدنى للمعاشات المدنية يبلغ 1495 جنيهاً، بينما يصل الحد الأقصى إلى 11600 جنيه، تبعاً للدرجة الوظيفية والمدة التأمينية.

وأضاف أن الغالبية الكاسحة من أصحاب المعاشات تشتكي من الضغوط المتزايدة، في ظل تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار منذ مارس/آذار 2022، حين كان سعر الصرف نحو 15.70 جنيهاً، إلى قرابة 50 جنيهاً حالياً، وهو ما أدى إلى انخفاض حاد في القدرة الشرائية، خصوصاً مع استمرار الحكومة برفع أسعار السلع الأساسية، بما فيها الوقود والكهرباء والغاز.

2600 جنيه لا تكفي الإيجار

تقول ابتهال سلامة (62 عاماً)، وهي متقاعدة بعد نحو 40 عاماً من العمل في وزارة التربية والتعليم، إن معاشها لا يتجاوز 2600 جنيه، بينما تبلغ الأجرة الشهرية لمسكنها في حي فيصل الشعبي بالجيزة نحو 4250 جنيهاً، بعد زيادتها بنحو الضعف خلال العامين الأخيرين، نتيجة الارتفاع الكبير في الإيجارات، خصوصاً مع تزايد أعداد الوافدين من دول مجاورة كالسودان واليمن وليبيا وسورية.

وتوضح ابتهال لـ"العربي الجديد"، أنها تعيش بمفردها بعد وفاة زوجها منذ خمس سنوات، وسفر ابنها الوحيد للعمل في السعودية. وتضيف: "الطعام والشراب وحدهما يكلفان نحو ستة آلاف جنيه شهرياً، إلى جانب نحو ألف جنيه لفواتير الكهرباء والغاز والمياه". كما تحتاج إلى أدوية شهرية لأمراض مزمنة مثل السكري والضغط وهشاشة العظام، تقدر بنحو 1800 جنيه.

وتتابع: "مصروفاتي الأساسية تتجاوز 13 ألف جنيه شهرياً، دون احتساب الطوارئ الطبية أو صيانة العقار. أعيش فقط بفضل معاش زوجي البالغ 4170 جنيهاً، والمبلغ الذي يرسله لي ابني من السعودية (600 ريال سعودي، نحو 8 آلاف جنيه). لولا ذلك، ما استطعت الاستمرار من دون عمل".

بدوره، يقول جمال عبد الراضي (69 عاماً)، الذي يعمل حالياً حارساً في مركز طبي بحي المطرية في القاهرة، إن دخله الشهري من المعاش والعمل معاً لا يتجاوز تسعة آلاف جنيه. "المبلغ ضئيل، بالكاد أستطيع إعالة زوجتي وابنتي المطلقة وحفيدَيَّ، في ظل ارتفاع كل شيء"، يضيف عبد الراضي لـ"العربي الجديد".

ويؤكد أنه يضطر للاستدانة شهرياً من جهة العمل أو من معارفه لسد نفقات المعيشة، مشيراً إلى أن والد حفيديه يرفض الإنفاق عليهما، بينما تعمل والدتهما براتب بسيط في أحد المستشفيات. ويطالب عبد الراضي برفع الحد الأدنى للمعاشات إلى سبعة آلاف جنيه، أسوة بالحد الأدنى للأجور، "لمواجهة الارتفاع المتواصل في تكاليف المعيشة، من غذاء ودواء وإيجار وفواتير ومواصلات".

ارتفاع الأسعار بلا حماية كافية

تشير البيانات الرسمية إلى ارتفاع أسعار الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة بنسبة تتراوح بين 25 و40% خلال العام الأخير، وتجاوزت 50% في حالة الفيتامينات والمكملات الغذائية. كما ارتفعت أسعار الوقود أربع مرات خلال 13 شهراً، كان آخرها في 11 إبريل/نيسان الماضي بنسبة وصلت إلى 15%، ما أدى إلى زيادة نفقات النقل والمواصلات.

ورغم هذه الضغوط، قررت الحكومة المصرية تطبيق زيادة سنوية على المعاشات المدنية بنسبة 15% اعتباراً من العام المالي الجديد 2025-2026، والذي يبدأ في الأول من يوليو/تموز المقبل. وتطبق النسبة ذاتها على المعاشات العسكرية، لكن مع فارق جوهري يتمثل في عدم وجود حدين أدنى أو أقصى للزيادة في حالة العسكريين، على عكس ما هو معمول به في المعاشات المدنية.

تمييز تشريعي في المعاشات

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد صدق في عام 2020 على تعديل قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة، ما منح العسكريين امتيازات مالية أوسع، تشمل زيادة الحد الأقصى لإجمالي الراتب والتعويضات بنسبة 15% سنوياً لمدة سبع سنوات، وإتاحة الجمع بين أكثر من معاش في حدود الحد الأدنى المنصوص عليه في التأمينات الاجتماعية، إلى جانب تسويات خاصة لأسر ضباط الجيش.

ينص الدستور المصري في مادته 53 على أن "جميع المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس أو الأصل أو المستوى الاجتماعي أو لأي سبب آخر".

لكن واقع الحال يعكس فجوة واسعة في نظم الحماية الاجتماعية بين المتقاعدين المدنيين ونظرائهم العسكريين، في ظل ارتفاع أعداد كبار السن وضعف شبكات الدعم، ما يهدد شرائح واسعة من المصريين بالفقر في شيخوختهم، ويطرح تساؤلات حول مدى التزام الدولة بتأمين حياة كريمة للمتقاعدين على قدم المساواة.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows