
يتعرض العابرون على طريق دمشق - السويداء جنوبيّ سورية، للمرة الثالثة خلال أيام قليلة، لعمليات سطو وسرقة ينفذها عناصر حاجز "المسمية" الشهير زمن النظام المخلوع. ويقع الحاجز في منطقة خالية من السكان قرب بلدة المسمية التابعة إدارياً لريف درعا الشمالي. ويعيد هذا المشهد إلى الأذهان ممارسات الأجهزة الأمنية وعناصر "الفرقة الرابعة" الذين سيطروا على الحاجز لأكثر من 13 عاماً، واعتادوا خلالها فرض الإتاوات والسطو على العابرين.
وكتب المحامي عادل الهادي على صفحته الشخصية في "فيسبوك" بعد تعرضه للتفتيش على الحاجز: "كان عناصر الحاجز عبارة عن عصابة وليسوا عناصر أمن، ذكّرونا بحواجز الفرقة الرابعة". وجاء حديث الهادي عقب توقيفه من قبل عناصر الحاجز قبل ثلاثة أيام، حيث خضع مع سائق السيارة التي يستقلها لتفتيش دقيق، تولاه ستة عناصر استغرقوا نصف ساعة في تفتيش السيارة والركاب، قبل أن يقوموا بسرقة مبلغ 500 ألف ليرة سورية من محفظة السائق.
هذه الممارسات تكررت خلال الأيام الأخيرة، وطاولت عدداً كبيراً من التجار، خاصة العاملين في نقل الخضار والفواكه وشاحنات نقل البضائع ومواد البناء، ما دفع غرفة التجارة والصناعة في السويداء إلى إصدار بيان إدانة أمس الأربعاء. واستنكرت الغرفة في بيانها ما يقوم به عناصر الحاجز من ابتزاز للمواطنين والتجار، وعمليات سرقة ونهب للأموال والمقتنيات أثناء تفتيش المركبات العابرة إلى السويداء، مطالبة الجهات المعنية بالتدخل العاجل لوضع حد لهذه الممارسات المتكررة والخطيرة.
لكن البيان لم يلق آذاناً مصغية من المسؤولين، ولم يؤدِّ إلى كبح جماح أعمال السطو والسرقة على طريق دمشق - السويداء، حيث تعرض عدد من التجار القادمين إلى السويداء مساء الخميس وفجر اليوم الجمعة، لعمليات سطو وتشليح من قبل عصابة مسلحة بين بلدتي المسمية وبراق في ريف درعا الشمالي. وخسر التجار على إثر هذه العملية مبالغ مالية تزيد عن 40 ألف دولار، بالإضافة إلى السيارة التي كانوا يستقلونها، واضطروا إلى إكمال طريقهم مشياً حتى وصلوا إلى بلدة الصورة الكبيرة في ريف السويداء الشمالي، بعد تعرضهم للضرب والإهانة من أفراد العصابة.
وعلم "العربي الجديد" من مصادر مقربة من التجار الثلاثة أن عناصر حاجز المسمية أوقفوهم لفترة طويلة وأجروا عدة اتصالات بعد ملاحظتهم وجود مبالغ مالية كبيرة بحوزتهم، وحاولوا ابتزازهم، قبل أن يتعرضوا للهجوم على بعد كيلومترات قليلة من الحاجز. كما أفادت مصادر متقاطعة لـ"العربي الجديد" بأن رجل الأعمال المعروف شفيق غرز الدين تعرض لتفتيش مهين على حاجز المسمية فجر اليوم، حيث تمت مصادرة سلاحه الحربي المرخّص من دون تسليمه أي وثيقة تثبت عملية المصادرة، إلى جانب سرقة مبلغ مالي كبير كان بحوزته.
وقال الناشط هاني عزام لـ"العربي الجديد": "لم نلحظ أي فرق بين تعامل حواجز الأمن العام المنتشرة حالياً على طريق دمشق - السويداء، في مناطق المسمية والعدلية وقصر المؤتمرات، وبين الحواجز التي كانت تديرها أجهزة النظام البائد في نفس الأماكن. كلاهما يتبعان نفس أساليب الابتزاز والسرقة والنهب، وينتهجان ذات السلوك في إرهاب العابرين وإهانتهم". وأضاف عزام: "كما يتعاون الطرفان مع العصابات المنتشرة في المنطقة، إذ يلجأ عناصر الحاجز إلى التفتيش والتوقيف ريثما يتم تزويد العصابات الشريكة بالبيانات اللازمة عن الضحية ومقتنياته ونوع سيارته وتوقيت مروره عبر نقطة الاعتداء الملائمة".
وأضاف عزام أن "الفرق الوحيد بين عصابات الأسد وعناصر الأمن العام الحاليين هو أن الأولى كانت تدقق على العابرين باتجاه العاصمة دمشق خوفاً على المدينة من أي أعمال تخريبية، بينما كانت تجني الأرباح تحت مسمى الإتاوات، في حين أن الثانية تدقق فقط على العابرين إلى السويداء، حرصاً على عدم مرور أي مواد غذائية أو بضائع أو سلع دون دفع جباية".
