
رحبت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، حنة تيتيه، اليوم الثلاثاء، بعودة اجتماعات لجنة المتابعة الدولية لعملية برلين بشأن ليبيا في 20 يونيو/حزيران في العاصمة الألمانية تحت رعاية ألمانيا وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بعد انقطاع دام أربع سنوات. وجاء ذلك خلال إحاطتها الدورية أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك.
ووصفت تيتيه الاجتماع بأنه "يمثل نقلة نوعية نحو تنشيط التنسيق الدولي بشأن ليبيا، وتعزيز الدعم الدولي لجهود الأمم المتحدة في دفع العملية السياسية إلى الأمام". ولفتت الانتباه إلى أن 19 دولة عضوًا وثلاث منظمات إقليمية حضرت الاجتماع. وتناولت الاجتماعات الهدنة السارية في طرابلس، كما جرى الترحيب بعمل اللجنة الاستشارية في تحديد مسارات عملية لمعالجة القضايا الخلافية التي قد تُعيق الجهود المبذولة لوضع خارطة طريق سياسية جديدة لإجراء الانتخابات، ودعم مجموعات العمل الأربع (السياسية، والاقتصادية، والأمنية، وحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني). كما اتفق المجتمعون على عقد اجتماعات منتظمة لتنسيق وتوجيه الدعم الدولي للعملية السياسية التي تُيسّرها الأمم المتحدة.
وقالت تيتيه إن ليبيا "تمر بمنعطف حاسم في جهودها لتحقيق الهدف العام المتمثل في تعزيز الديمقراطية والمضي قدمًا نحو انتخاب حكومة تُوحّد مؤسسات الدولة، وتُعزز الحكم الرشيد، وتكون مسؤولة أمام مواطنيها". وتوقفت عند الاشتباكات المسلحة التي اندلعت في طرابلس في مايو/أيار الفائت والتي أدت إلى وفيات وإصابات في صفوف المدنيين، بالإضافة إلى أضرار في البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والجامعات وأحد السجون. ولفت الانتباه إلى أنه "ورغم الدعوات المتكررة، لم تُؤمّن الأطراف المشاركة في الاشتباكات أي ممرات إنسانية". وأشارت إلى استمرار المظاهرات وفي أعقاب الاشتباكات.
وعبرت عن قلقها البالغ "إزاء اكتشاف مقابر جماعية في منطقة أبو سليم، في أعقاب الاشتباكات. وتشير الأدلة المتكشفة إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات قتل خارج نطاق القضاء، وتعذيب، واختفاء قسري، يُزعم أن جهات أمنية تابعة للدولة ارتكبته، ولا سيما جهاز دعم الاستقرار. ويؤكد وجود رفات متفحمة، وجثث مجهولة الهوية في المشارح، وموقع احتجاز غير رسمي يُشتبه في أنه موجود في حديقة حيوانات أبو سليم، على حجم وخطورة هذه الانتهاكات". وشددت على أن هذه الحوادث "تُبرز الحاجة المُلحة إلى إصلاح أمني يرتكز على حقوق الإنسان، والسماح بوصول مستقل إلى جميع مرافق الاحتجاز. وبينما أُعلن عن تشكيل لجان وطنية، فإن آليات التحقيق المستقلة مهمة أيضًا للمساعدة في ضمان الحقيقة والعدالة والمساءلة".
ولفتت الانتباه إلى تقارير "تتحدث عن استمرار الحشد العسكري، وسط مخاوف الليبيين من استئناف الاشتباكات المسلحة". وقالت إن "حكومة الوحدة الوطنية تصف أحداث مايو بأنها عمليات إنفاذ قانون ضد المجرمين، تهدف إلى إنفاذ الأوامر القضائية الصادرة عن النائب العام الليبي، بهدف ترسيخ سيادة القانون ومحاسبة الأفراد على الجرائم الجسيمة. من شأن ذلك أيضًا أن يُعزز سيطرة الدولة على الجهات الأمنية؛ ومع ذلك، فقد تطورت ديناميكيات وظهرت سرديات تُنذر بإثارة الصراع بين المدن والأحياء في غرب ليبيا، مما يُهدد التماسك الاجتماعي ويُثير احتمال تصعيد إضافي". وأضافت "وقد أدى استمرار تدفق الأسلحة إلى طرابلس إلى انتشار الأسلحة الثقيلة ومستودعات الأسلحة في المناطق المدنية المكتظة بالسكان، مما يُشكل مخاطر جسيمة على أرواح المدنيين".
كما أشارت إلى قلق متزايد بأن "يؤدي تفاقم حالة عدم الاستقرار إلى انخراط الجهات الأمنية في الشرق وتقويض اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2020. من الواضح أن هذه الاشتباكات، وما تشكله من مخاطر على البلاد، تؤكد الحاجة إلى إصلاح قطاع الأمن، بالإضافة إلى مؤسسات عسكرية وأمنية موحدة ومهنية. ستعمل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على تعزيز المسار الأمني بالتعاون مع الجهات المعنية الرئيسية".
وأشارت إلى استطلاع إلكتروني للرأي مستمر حتى نهاية الشهر، يهدف إلى "الوصول إلى الجمهور الليبي الأوسع". ولفتت الانتباه إلى رسالة واضحة برزت من عمليات الاستفتاء تشمل مختلف الخلفيات والآراء السياسية. وعن تلك الرسالة قالت إن "العديد من الليبيين يشعرون بخيبة أمل عميقة لاستمرار الفترة الانتقالية لمدة طويلة، وقد فقدوا الثقة في المؤسسات والقيادة الحالية، متشككين في رغبتهم في تغليب المصالح الوطنية على مصالحهم الشخصية". وأشارت كذلك إلى وجود "رغبة قوية في عملية سياسية تعزز المشاركة الشعبية، وتتيح لهم فرصة انتخاب قياداتهم، وتُنتج حكومة ذات تفويض واضح، تُتيح لهم فرصة إحداث تغيير حقيقي وملموس. يطمحون إلى تجديد تفويض السلطتين التنفيذية والتشريعية، وإلى حكومة واحدة، ومؤسسات موحدة، بما في ذلك المؤسسات العسكرية والأمنية. يريدون حوكمة خاضعة للمساءلة، تعيد الشرعية وتعكس إرادة الشعب".
وأشارت إلى أن مخرجات هذه المشاورات ستشكل أساسًا لصياغة خريطة طريق توافقية نحو انتخابات وطنية ومؤسسات موحدة. وقالت إن "بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تعتزم تقديم خريطة طريق محددة زمنيًا وعملية سياسيًا، تعكس مطلب الشعب الليبي بتغيير ملموس، بهدف إنهاء العمليات الانتقالية. وآمل أن أعرض هذه الخريطة على مجلس الأمن لإقرارها خلال إحاطتي المقبلة في أغسطس/آب (المقبل)".
