تواصل الإدانات لتجريم الحكومة البريطانية حركة "بالستين أكشن"
Arab
4 hours ago
share

تتواصل الإدانات بشأن إعلان الحكومة البريطانية بقيادة حزب العمّال وضعها خططاً لاستخدام قوانين مكافحة الإرهاب لحظر حركة "بالستين أكشن" مطلع هذا الأسبوع، وتصنيفها حركة إرهابيّة بموجب قانون الإرهاب لعام 2000، وهو أمر يُساوي الحركة الناشطة لأجل حقوق الفلسطينيين مع تنظيم مثل "القاعدة". وقالت السلطات البريطانية اليوم إن الشرطة اعتقلت أربعة أشخاص فيما يتصل باحتجاج على مواصلة بريطانيا تزويد إسرائيل بالأسلحة وتورطها في الإبادة الجماعية في غزة الأسبوع الماضي، جرى خلاله رش طائرتَين عسكريتَين بالطلاء في قاعدة "بريز نورتون" التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني.

واقتحم ناشطان من حركة "بالستين أكشن" القاعدة الجوية في وسط إنكلترا في 20 يونيو/حزيران، وألحقا أضراراً بطائرتَين تستخدمان للتزود بالوقود والنقل ورشوا طلاء أحمر عليهما، وهو عمل ندد به رئيس الوزراء كير ستارمر ووصفه بأنه "مشين". حتى الآن، لم تصبح "بالستين أكشن" مُصنّفة حركةً "إرهابية" ويُمنع نشاطها نهائياً أو التعبير عن التضامن معها، إذ ما زال هناك عدد من الإجراءات تعمل عليها الحكومة لتحقيق ذلك، منها عرض القضية على البرلمان الذي يمتلك حزب العمّال أغلبية فيه، كما بإمكان الحركة الاعتراض على القرار أمام القضاء، وهو مسار ستلجأ إليه الحركة على الأرجح في حال لم تتراجع الحكومة عن التجريم.

وأثار نشاط الحركة المعروفة باستهدافها لمصانع وشركات الأسلحة في المملكة المتحدة التي تتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي نقاشاً كبيراً في الساحة السياسية والإعلامية، بعد اقتحام قاعدة "بريز نورتون"، واعتبر عدد من السياسيين الخطوة الاحتجاجية التي استهدفت طائرتَي فوييجر من أصل 14 التي تُشكل قوة التزويد الاستراتيجية التابعة لسلاح الجو الملكي "تجاوزاً للخط الأحمر ومساً بهيبة الدولة والجيش"، واعتبرها رئيس الحكومة "تهديداً للنظام الديمقراطي".

يُذكر أن رئيس الحكومة البريطانية، كير ستارمر، عندما كان محامياً في مجال حقوق الإنسان عام 2004، دافع عن رجل اقتحم قاعدة جوية تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في جنوب غرب إنكلترا وحاول إحراق طائرة حربية احتجاجاً على حرب العراق.

تحريض إعلامي ضدّ "بالستين أكشن"

وشنّت  وسائل إعلام عدّة هجوماً حاداً على " بالستين أكشن"، إذ تساءلت مجلة "سبيكتيتور" الأسبوعية ما إذا كان سلاح الجو الملكي "قد انزلق إلى حالة من السلم المفرط"، داعية إلى اعتبار اقتحام القاعدة العسكريّة عملاً من "طابور خامس يعمل كأغبياء مفيدين للعدو"، ونشرت صحيفتا "ذا تيلغراف" و"ذا تايمز" المحسوبتان على اليمين الداعم لإسرائيل، مقالات عديدة تهاجم الحركة، كما نشرتا يوم أمس أخباراً عن استعداد الحركة لشنّ المزيد من الهجمات على مواقع عديدة تابعة لسلاح الجو الملكي بعد اختراقهما لورشة عمل للحركة، على حدِّ تعبيرهما، وأصدرت "بالستين أكشن" توضيحاً بهذا الشأن عبر "إكس"، قالت فيه: "لا نضع خططاً في ورشة العمل العامة التي يُمكن لأي شخص الانضمام إليها".

في المقابل، أعرب العديد من أعضاء البرلمان البريطاني عن معارضتهم لخطوة وزيرة الداخلية إيفيت كوبر التي تحظى بتأييد جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل، وشركات الأسلحة. واعتبر الزعيم السابق لحزب العمّال النائب المستقل جيرمي كوربين أن "بالستين أكشن" تستهدف شركات الأسلحة المتورطة في توريد الأسلحة لإسرائيل، مشدداً على أن هذا النشاط هو "احتجاج سياسي مشروع"، و"ليس إرهاباً".

محاولة لتجريم التضامن مع فلسطين؟

وصدرت إدانات عن عدد من نواب حزب العمّال مثل النائب آندي ماكدونالد الذي أكد ضرورة التمييز بين الإرهاب والاحتجاج السياسي، معتبراً نشاط الحركة يندرج ضمن "المعارضة المدنية"، وليس ضمن تعريف الإرهاب، مشيراً إلى أن "تفعيل قانون الإرهاب في هذه الحالة يعكس دوافع سياسية، وليس أمنية". بدورها، قالت النائبة ناديا ويطم إنّ "استهداف المتظاهرين السلميين بهذه الطريقة هو استخدام خاطئ لصلاحيات مكافحة الإرهاب. إنّه يُنشئ سوابق خطيرة قد تستخدمها الحكومات ضد معارضيها".

أمّا النائبة كيم جونسون فقالت: "لدينا تاريخ طويل من الاحتجاجات، بعضها بمواقع عسكرية بريطانية، ولم تُصنف منظمات إرهابية"، وتساءل اللورد شامي تشاكرابورتي عن حزب العمال: "متى أصبح الضرر الجنائي إرهاباً؟". كذلك، انتقد عدد من نواب الحزب الوطني الأسكتلندي خطوة الحكومة البريطانية، معتبرين أنه يقوض الحريات المدنية. الأمر نفسه ذهب إليه السياسي المعروف من حزب المحافظين زاك غولدسميث الذي أعرب عن قلقه من استخدام قانون الإرهاب ضد الاحتجاجات السياسية، وانتقدت النائبة عن حزب الخضر إيلي تشاونز قائلة: "أشعر بقلق عميق من هذا الإعلان. إنه رد فعل مبالغ فيه تماماً على امرأتين استخدمتا طلاء".

وعلى صعيد منظمات المجتمع المدني، وصفت كل من منظمة العفو الدولية ومنظمة ليبرتي خطوة الحكومة بأنها "تصعيد صادم في حملة الحكومة على الاحتجاجات". كذلك، اعتبر كل المركز الأوروبي للدعم القانوني، ومركز قانون المصلحة العامة، والمركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين، وحملة مناهضة تجارة الأسلحة، وحملة التضامن مع فلسطين، واللجنة البريطانية الفلسطينية، وحركة الشباب الفلسطيني، في رسالة مشتركة إلى وزيرة الداخلية بأن هذه "محاولة صادمة وخطيرة لتقييد حق الاحتجاج من أجل فلسطين"، مُشيرين إلى التزامات المملكة المتحدة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية بـ"اتخاذ جميع التدابير المعقولة في حدود صلاحياتها لمنع ارتكاب إبادة جماعية".

واعتبرت صحيفة "ذا غارديان" في موقف لها حول القضية أن قرار الحكومة "تصعيد كبير في التعامل مع العصيان المدني"، قائلة: "يضع جماعةً معروفةً بإلقاء الطلاء الأحمر على المباني والطائرات العسكرية في نفس الفئة القانونية التي تُصنف فيها القاعدة وتنظيم داعش"، وأضافت الصحيفة: "هذه حكومةٌ تبدو مُتحمسةً جدًا لفرض سيطرتها على الاحتجاجات في وقتٍ تُعاني فيه سياستها الخارجية من عدم شعبيةٍ كبيرة. قد يبدو من الاستهزاء القول إنّ إعادة تعريف المعارضة الظاهرة بوصفها تهديداً للأمن القومي هو وسيلةٌ لاحتواء الغضب الشعبي، لكن النتيجة واحدة. عندما يتعلق الأمر بغزة، يُكافح الوزراء لتبرير أفعال المملكة المتحدة أو إسرائيل في القانون. ومع ذلك، لا يواجهون صعوبةً مماثلةً عندما يتعلق الأمر بمن يحتجون ضدّهما".

ضغوط إسرائيلية لملاحقة الناشطين

وفي سياق متصل، كشف موقع "ديكلاسيفايد" أن شركة إلبيت سيستمز، أكبر شركة أسلحة إسرائيلية، ضغطت على وزارة الداخلية لإعادة محاكمة مؤسَّسي "بالستين أكشن"، بعد إسقاط التهم الجنائية الموجهة إليهما. وأظهرت رسالة اطلع عليها الموقع لمدير الأمن في إلبيت في المملكة المتحدة، كريس مورغان، كتب فيها إلى وزير الشرطة البريطاني آنذاك، كريس فيلب، في 15 يناير/كانون الثاني 2024، إذ زعم أن "مؤسِّسَي بالستين أكشن الإجرامية، ريتشارد برنارد وهدى عموري، وهما العقلان المسيطران عليها، يخضعان للمحاكمة بتهم متعدّدة".

وأضاف مورغان: "بينما أُدين برنارد بتهمة التسبب في أضرار جنائية في أحد مواقعنا، لم تتوصل هيئة المحلفين إلى حكم بشأن سبع تهم أخرى لهما، بما في ذلك تهمتا سطو وقعتا عام 2020". ولهذا الغرض، أعرب مورغان عن مخاوفه من أن "إعادة المحاكمة ليست حتمية"، وأشار إلى أن "من المصلحة العامة إعادة النظر في هذه المحاكمة في أقرب فرصة"، مؤكداً على "الطبيعة الواسعة والخطيرة لجرائم منظمة بالستين أكشن"، وفق زعمه. وبرّأت هيئة المحلفين في محكمة سنيرزبروك كراون ستة نشطاء مؤيدين لفلسطين من تسع تهم في ديسمبر/كانون الأول 2023، بينما لم تتوصل إلى قرار بشأن 23 تهمة أخرى.

وجرى خلال السنوات الأخيرة عدد من اللقاءات بين مسؤولين إسرائيليين وبريطانيين، إذ دعا المسؤولون الإسرائيليون في هذه الاجتماعات إلى معاقبة نشطاء "بالستين أكشن" بحسب وثائق كُشفت. وأشارت وثائق أخرى اطّلع عليها موقع "ديكلاسيفايد" إلى أنّ شركة الأسلحة الإسرائيلية تولّت زمام الأمور في بريطانيا. ويُشير ملفٌ للشرطة إلى أن شركة "إلبيت سيستمز المملكة المتحدة" لديها "خلية استخبارات خاصة بها، وتُشارك المعلومات مع الشرطة في جميع أنحاء البلاد على أساسٍ أسبوعي".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows