
أعلنت إسرائيل صباح اليوم الثلاثاء، رسمياً، قبولها وقف إطلاق النار مع إيران، مؤكدة أنها توقفت عن شن هجمات عليها. وجاء ذلك خلال جلسة عُقدت ليل الاثنين، واستمرت حتى قرابة الساعة الثانية فجراً، ترأسها رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للمجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، أطلع فيها الوزراء على التفاهمات التي جرى التوصل إليها تمهيداً لوقف إطلاق النار مع إيران.
وعممت الحكومة الإسرائيلية بياناً جاء فيه: "عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، اجتماعاً للكابينت أمس، بمشاركة وزير الأمن، ورئيس الأركان، ورئيس الموساد، للإعلان عن أن إسرائيل حققت جميع أهداف عملية "شعب كالأسد" (تسمية نتنياهو للعدوان على إيران)، بل وأكثر من ذلك. إسرائيل أزالت عن نفسها تهديداً وجودياً مضاعفاً وفورياً، سواء في المجال النووي أو في مجال الصواريخ الباليستية. بالإضافة إلى ذلك، حقق الجيش الإسرائيلي سيطرة جوية كاملة في سماء طهران، ووجّه ضربة قاسية للقيادة العسكرية، ودمّر عشرات الأهداف الحكومية المركزية في إيران. وحتى خلال اليوم الأخير، واصل الجيش الإسرائيلي ضرب أهداف للنظام في قلب طهران، وقضى على مئات من عناصر الباسيج... واغتال عالماً نووياً بارزاً آخر".
وشكرت إسرائيل، بحسب البيان، الرئيس الأميركي دونالد ترامب والولايات المتحدة "على دعمهما في الدفاع، وعلى مشاركتهما في إزالة التهديد النووي الإيراني". وأضاف البيان: "بناءً على تحقيق أهداف العملية، وبالتنسيق الكامل مع الرئيس ترامب، وافقت إسرائيل على اقتراحه بوقف إطلاق نار ثنائي". وشدد على أن "إسرائيل سترد بقوة على أي خرق لوقف إطلاق النار. وعلى مواطني إسرائيل الاستمرار في الالتزام بتعليمات الجبهة الداخلية حتى يتم التأكد الكامل من تنفيذ وقف إطلاق النار".
وزعم بيان الحكومة الإسرائيلية، أن إسرائيل حققت خلال العدوان على إيران "إنجازات تاريخية عظيمة، ووضعت نفسها في صف واحد مع القوى العظمى في العالم"، مضيفاً: "إنه نجاح هائل لشعب إسرائيل ولمقاتليه الذين أزالوا التهديدين الوجوديين لدولتنا، وضَمِنوا خلود إسرائيل". كما لفت البيان إلى أن نتنياهو سيلقي خطاباً في وقت لاحق اليوم.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية (كان)، في وقت سابق اليوم، أنّ نتنياهو كشف خلال جلسة الكابينت، عن تفاصيل محادثة أجراها في وقت سابق مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أسهمت في إحراز تقدّم في هذا المسار. كذلك طلب من الوزراء الامتناع عن التصريحات الإعلامية، وانتظار اتضاح الصورة الميدانية.
ووفق ما أوردته "كان"، لم يُطلب من الكابينت التصويت أو التصديق على الخطوة، إذ اتُّخِذ القرار مسبقاً من قبل نتنياهو، وذلك بالتشاور مع كبار مسؤولي المؤسسة الأمنية. من جهتها، نقلت صحيفة هآرتس العبرية عن مصدر أجنبي مطّلع على تفاصيل وقف إطلاق النار لم تسمّه، قوله إنّ إسرائيل اشترطت موافقتها على وقف إطلاق النار بأن تتوقف إيران عن هجماتها، فيما أرسلت إيران إشارات إلى الولايات المتحدة تؤكد أنّ هذه هي نيتها بالفعل.
ووفقاً للمصدر، عرض ترامب على نتنياهو مقترحاً لوقف إطلاق النار، خلال مكالمة هاتفية جرت بعد ظهر أمس الاثنين. وفي السياق، قال مسؤول كبير في البيت الأبيض، طلب عدم الكشف عن اسمه، وفق "أسوشييتد برس"، للحديث عن محادثات يوم الاثنين، إنّ ترامب تواصل مباشرةً مع نتنياهو، من أجل تأمين اتفاق وقف إطلاق النار. وأضاف المسؤول أنّ نائب الرئيس جي دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، تواصلوا مع الإيرانيين عبر قنوات مباشرة وغير مباشرة.
وأكد البيت الأبيض أنّ القصف الأميركي لإيران يوم السبت ساعد في دفع إسرائيل إلى الموافقة على وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أن الحكومة القطرية لعبت دور الوسيط في التوصل إلى الاتفاق. من جهته، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، إن طهران ستوقف هجماتها إذا أوقفت إسرائيل غاراتها، لكن من غير الواضح الدور الذي لعبه المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، في هذه المحادثات، خصوصاً أنه كان قد أعلن عبر وسائل التواصل الاجتماعي أنه "لن يستسلم".
واجتمع الكابينت السياسي - الأمني الإسرائيلي الموسّع بعد اتصال ترامب ونتنياهو لساعات طويلة، حيث طلب نتنياهو من الوزراء الامتناع عن الإدلاء بأي تصريحات إعلامية حتى إشعار آخر. وبعد انتهاء الجلسة، بدأت جلسة الكابينت المصغّر لمواصلة النقاشات. ووفق مصدر "هآرتس"، حصلت الإدارة الأميركية على موافقة إسرائيل على وقف إطلاق النار، قبل أن تُقنع إيران لاحقاً، مشيرة إلى أن ترامب تواصل مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وطلب منه أن تُسهم بلاده في الوساطة. واستجابة لذلك، كلّف الأمير رئيس وزرائه، وزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إقناع إيران بقبول الاقتراح. وأضاف المصدر أن فانس أجرى محادثة مع رئيس الوزراء القطري، وتمكّنا معاً من بلورة التفاهمات التي أدّت في نهاية المطاف إلى موافقة إيران.
