الجزائر: قانون التعبئة العامة رداً على التوترات بالساحل وحرب إيران
Arab
1 week ago
share

يبدأ مجلس الأمة الجزائري، الغرفة الثانية للبرلمان، الأسبوع المقبل مناقشة قانون التعبئة العامة قبل إحالته الى المحكمة الدستورية. ويأتي ذلك في سياق إقليمي ودولي بالغ التوتر بخضم مشاكل أمنية متصاعدة في الفترة الأخيرة بالمنطقة والساحل بالإضافة للحرب الإسرائيلية على ايران، التي حضرت المزاج الرسمي والشعبي للقبول بضرورة الاستعداد الاستباقي لأية ظروف وتوترات مماثلة قد تجد فيها الجزائر نفسها في لحظة دفاع عن النفس.

وفي غضون أسبوع أو يزيد من الآن، سيكون قانون التعبئة العامة في الجزائر قد دخل حيز التنفيذ، بعد استكمال المسار الإجرائي المتعلق بتصديق مجلس الأمة وموافقة المحكمة الدستورية وتوقيع الرئيس عبد المجيد تبون على هذا القانون. ولم تُعلن أية اعتراضات بشأن القانون بدليل أن الأحزاب السياسية وكل الكتل النيابية، بما فيها كتلة المعارضة، صادقت على القانون، لكن ذلك لم يمنع إعلان حزمة من التحفظات والملاحظات التي أبدتها بعض القوى والنخب السياسية بشأن بعض التفاصيل المتعلقة بقانون التعبئة، تخص الحاجة إلى انفتاح سياسي يسمح للقوى السياسية بالمساهمة في التوعية بالمخاطر المحدقة بالبلاد، ورص الجبهة الداخلية، وإنهاء الإكراهات على المجال السياسي والإعلامي، بما يسمح للمجتمع بتحمل مسؤولياته.

وبالنسبة لنائب رئيس حركة مجتمع السلم والنائب في البرلمان، أحمد صادوق، فإن التحفظات الأساسية المسجلة بشان قانون التعبئة، التي أعلنتها الكتلة المعارضة في البرلمان "لا تمثل اعتراضات على نص القانون أو موانع، ولكنها جملة ملاحظات يتعين استدراكها سواء على الصعيد السياسي أو الميداني". وقال في حديث مع "العربي الجديد" إنها تهدف إلى "إزالة مختلف العوائق التي تحد مستوى الجاهزية والاستعداد. ويجب النظر للمسار نظرة كلية شاملة، وليس فقط في بعده القانوني والتنظيمي واللوجستي، اذ لا بد من مقاربة شاملة تتجاوز ما يتضمنه القانون، باعتبار أن التعبئة تستهدف حشد كل القوى الحية في المجتمع وتحضيرها لمواجهة أي تهديد داخلي أو خطر. وأعتقد أن على رأسها توظيف وتعبئة المجال السياسي والتمكين للأحزاب السياسية، باعتبارها رافدا رئيسيا وحيويا في التعبئة، والدفع نحو الشفافية والمحاسبة في كل المجالات".

ويتضمن قانون التعبئة حزمة من التدابير تخص تنظيم قطاع الدفاع الوطني، والتحضير لمجابهة أي خطر وشيك يهدد استقرار البلاد واستقلالها وسلامتها الترابية، والوسائل الكفيلة باتخاذ كل ما يلزم للاستعداد التام لمواجهة كل المخاطر المحتملة في حال "الانتقال من حالة السلم إلى حالة الحرب، ووضع القدرات الوطنية تحت التصرف لصالح المجهود الحربي، وإدارة كل أدوات الإنتاج التي تساهم في المجهود الحربي، وتنفيذ تدابير الدفاع الشعبي، وتسخير الأشخاص والممتلكات والخدمات لدعم المجهود الحربي، وفرض قيود في مجال تصدير المنتجات والمواد الاستهلاكية التي لها صلة باحتياجات القوات المسلحة"، بالإضافة إلى "تنظيم استدعاء عسكريي الاحتياط وتحضير الدفاع الشعبي وصلاحيات القطاعات الوزارية في ظل الحرب وتنظيم الجانب الدعائي. وتشدد المسودة على أحكام عقابية بحق كل شخص يخالف الدعوة وأحكام التعبئة، وكل من يرفض الاستجابة الفورية لتنفيذ تدابير الدفاع الشعبي أو للتسخير، وكل من لم يتقيد بالتدابير المتخذة من طرف السلطات المختصة المرتبطة بحالة التعبئة العامة".

ويعتقد مراقبون ومحللون في الجزائر أن جملة الأزمات المحيطة بالجزائر في ليبيا ومنطقة الساحل، والتوتر السياسي القائم في علاقات الجزائر مع مالي والنيجر وبوركينا فاسو وجزء من ليبيا، بالنسبة لحكومة شرق ليبيا الواقعة تحت سيطرة خليفة حفتر، تُضاف اليها الحرب التي اندلعت ضد ايران، كلها عوامل تغذي نوازع السلطة باتجاه سن قانوني الاحتياط العسكري ثم قانون التعبئة. وفي المقابل تعطي لهذه التوجهات مشروعية وتجد تفهماً كبيراً لدى النخب السياسية والشعبية، كخطوات استباقية وحمائية لأمن البلد، بغض النظر عن مواقف الكتل السياسية في الجزائر وتحفظاتها بشأن بعض السياسات الداخلية للسلطة خاصة في ما يتعلق بمجال النشاط السياسي والحريات واستقلالية المؤسسات.

وقال الباحث في القضايا والشؤون السياسية، حسين بلخير، في تصريح لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن الوضع المتوتر في منطقة الساحل والتحالفات السياسية التي بدأت تنشأ ضد الجزائر، ثم الحرب القائمة ضد إيران، سواء بسبب برنامجها النووي أو مواقفها المساندة للمقاومة ودورها في ذلك، والعلاقات الجزائرية الإيرانية الجيدة، كلها عوامل وأسباب تغذي طروحات السلطة السياسية في الجزائر، بالحاجة الى قانون للتعبئة وتوفير كل الآليات الاستباقية والحمائية التي تضمن الاستعداد الجيد لأية ظروف قلقة"، مضيفاً أن "هناك قناعة عامة في الجزائر، بأن البلد قد يتعرض إلى أشكال مختلفة مما يعرف بالحروب بالوكالة بسبب مواقفه وخياراته والتزاماته تجاه القضية الفلسطينية وحركات المقاومة".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows