
قالت مصادر عراقية، إن حكومة بغداد تبذل جهداً لضبط الفصائل العراقية الحليفة لطهران ومنع تدخلها بالمعركة الجارية منذ الأمس بين إسرائيل وإيران، وبينما لم تقدّم تلك الفصائل بعد أي تعهدات بذلك، وسعت القوات العراقية دائرة التشديد الأمني والاستخباري لضبط تحركات الفصائل وتأمين المصالح الأميركية في البلاد.
وتسود العراق حالة من الترقب والخوف من إمكانية جرّ البلاد الى دائرة الحرب، خاصة أن الطيران الإسرائيلي يخترق منذ الأمس الأجواء العراقية، ولا توجد ضمانات حقيقية تؤكد أن تلك الفصائل ستواصل سياسة النأي بالنفس مهما حدث من تطورات ميدانية.
وتعمل الحكومة العراقية باتجاهين لضبط الفصائل، الأول سياسي عبر الضغط عليها والثاني أمني عبر تقييد تحركاتها خاصة في المناطق الحيوية، ووفقاً لمسؤول حكومي رفيع، فإن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يبذل جهداً لإبعاد العراق عن دائرة الحرب، وعدد من قياديي الإطار التنسيقي يدعم تحركاته بالضغط على الفصائل ومنع تدخلها"، مبيناً أن "قياديين في الإطار نقلوا رسائل من السوداني إلى قيادات الفصائل، مفادها أن أي تحرك من قبلها سيواجه بتحرك أمني لمنعه، وأنها (الفصائل) تتحمل المسؤولية كاملة عن ذلك".
وأضاف المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن "الفصائل لم تقدم أي تعهدات بعدم التدخل"، مشيراً إلى أن "السوداني وضع تحركاتها تحت رقابة استخبارية مشددة، ووجه بتشديد الانتشار الأمني لحماية المصالح الأميركية في البلاد، ومنع أي تهديد من أي جهة كانت، حتى إذا استدعى ذلك القوة".
وحتى الآن لم يصدر عن تلك الفصائل أي تهديد صريح أو استعداد للتدخل، واتهمت مليشيا "حزب الله العراقية" القوات الأميركية بتمهيد الطريق للعدوان الإسرائيلي على إيران بفتح الأجواء العراقية، داعية الحكومة إلى "إخراج هذه القوات العدائية بشكل عاجل من البلاد". وقالت في بيان لها، أصدرته مساء أمس، إن "القوات الأميركية في العراق مهدت الطريق لهذا العدوان بفتح الأجواء العراقية، لتكون ممراً آمناً لسلاح الجو الصهيوني، فإذا قيل لا نريد للعراق أن يكون ساحة حرب، فقد كان الواجب يقتضي ضبط دور القوات الأجنبية الموجودة على الأراضي العراقية والمسيطرة على سمائها"، مشددة "ينبغي على الحكومة إخراج هذه القوات العدائية بشكل عاجل من البلاد، تجنباً لمزيد من الحروب في المنطقة، ودرءاً لسفك دماء شعوبها".
وعبرت عن أسفها لأن "العراق صار طريقاً للهجوم على أرض إيران وشعبها، ومرتعاً للموساد والمخابرات الأميركية في إقليم كردستان، ليتخذوا من حدوده منافذ لتهريب الأسلحة إلى داخل إيران، إمعاناً في قتل أبنائه وسعياً لإذلال شعبه".
بدوره، دعا زعيم مليشيا "النجباء" أكرم الكعبي، أيضاً الحكومة إلى "إخراج الاحتلال الأميركي بالكامل من جميع أراضي وسماء العراق"، وقال في بيان له نشره على حسابه الشخصي في "إكس"، إن "الانتهاك السافر لسيادة العراق وخرق أجوائه بالتنسيق مع المحتل الأميركي مراراً وتكراراً لن يمر من دون حساب".
— الشيخ اكرم الكعبي (@Akram_Alkabee) June 13, 2025
فيما دعت مليشيا "عصائب أهل الحق" بزعامة قيس الخزعلي، "المقاومين" كافة إلى "الاستعداد والجهوزية"، وقالت في بيان "على كافة المقاومين الشرفاء الرافضين للتطبيع مع الكيان الغاصب الاستعداد والجهوزية لنصرة الحق وأهله، والوقوف بوجه غطرسة العدو واستهتاره، لإيقافه عند حدّه"، مشددة على أن "هذا العدوان خرق واضح لكل الأعراف والمواثيق الدولية، ومن أجواء بلدنا المستباحة".
وأكدت أن "هذه الجرائم والانتهاكات لن تمرّ دون عقاب صارم وحازم"، مجددة دعوتها للمسؤولين في الحكومة العراقية لـ"اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بمنع اختراق العدو الصهيوني لأجواء العراق، وتسليح القوات المسلحة بمنظومات الدفاع الجوي الكفيلة بالكشف والتصدي، وعدم الرضوخ للضغوط الأميركية التي تمنع العراقيين من الدفاع عن سيادة بلدهم".
وكان مسؤول عسكري عراقي قد أكد أمس الجمعة لـ"العربي الجديد"، أن عدداً من الوحدات التابعة للجيش العراقي انتشرت بمحيط القواعد والمعسكرات والمنشآت التي تضم قوات أو مصالح أميركية في العراق.
وقدم العراق شكوى رسمية إلى مجلس الأمن ضد إسرائيل لاستخدام أجوائه في قصف إيران خلال الساعات الماضية، معتبراً أن هذه الممارسات تمثل انتهاكاً صارخاً لسيادة العراق، وتجاوزاً لأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لا سيما المبادئ المتعلقة باحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
