
أكد مسؤول عسكري عراقي لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، أنّ عدداً من الوحدات التابعة للجيش العراقي انتشرت بمحيط القواعد والمعسكرات والمنشآت التي تضم قوات أو مصالح أميركية في العراق، في حين حذر عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، ياسر وتوت، من أن تتسبب الفصائل المسلحة بجرّ العراق إلى ساحة المواجهة الحالية بين إيران والاحتلال الإسرائيلي.
وكشف المسؤول العسكري، وهو ضابط في رئاسة الأركان، أن توجيهات عليا صدرت بالعمل على منع جرّ العراق للحرب الحالية، وهناك تحرّك لضبط فصائل مسلحة وإلزامها بعدم اتخاذ أي خطوة عدائية داخل العراق ضد المصالح الأميركية، بعد العدوان الإسرائيلي على إيران. ووفقاً للمسؤول، فإنّ الإجراءات شملت فرض حظر دخول إلى محيط تلك القواعد بمسافة تصل إلى 8 كيلومترات، مع بدء تفتيش المركبات الكبيرة بما فيها تلك الحكومية، مع بدء عملية تمشيط واسعة ونشر وحدات من الجيش العراقي، مشيراً إلى وجود مخاوف من هجمات انتقامية قد تنفذها جماعات وصفها بـ"غير المنضبطة"، تجاه المصالح الأميركية.
وحول الأوضاع في الأجواء العراقية، أكد المسؤول أنّ "الولايات المتحدة تتحمل الخروقات الحالية للأجواء من قبل الكيان الصهيوني، كونها المسيطر عليها، والعراق لا يملك الوسائل الكافية لمواجهة تلك الخروقات"، وفقاً لقوله. ويوجد نحو 2500 عسكري أميركي في العراق ضمن التحالف الدولي، الذي تقوده واشنطن منذ سبتمبر/ أيلول 2014، ويتوزعون على ثلاثة مواقع رئيسية هي: قاعدة عين الأسد في الأنبار، قاعدة حرير في إربيل، ومعسكر فيكتوريا الملاصق لمطار بغداد الدولي. وليست جميع هذه القوات أميركية، إذ توجد أيضاً قوات فرنسية وأسترالية وبريطانية تعمل ضمن قوات التحالف، وأخرى ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي "ناتو" في العراق.
من جهته، وصف الخبير الأمني العراقي، أحمد النعيمي، الإجراءات العراقية الخاصة بحماية المصالح الأميركية بأنها "قد لا تكون حاسمة لوقف أي مخطط استهداف"، مضيفاً لـ"العربي الجديد" أنّ "الجماعات المسلحة تمتلك صواريخ وطائرات مسيرة، ويمكنها استهداف المواقع الأميركية أو غيرها من مسافات بعيدة"، لذا فإنّ الإجراءات العراقية "تندرج ضمن الحراك والموقف الرسمي الساعي لتحييد العراق عن الحرب التي قد تتوسع بشكل سريع ولا يمكن السيطرة عليها"، وفق قوله، مشيراً إلى أنّ هناك "حديثا عن حراك سياسي من الائتلاف الحاكم، تجاه قيادات الفصائل الحليفة لإيران، لمنعها عن التحرّك أو اتخاذ أي خطوة قد تسبب بجعل العراق ضمن دائرة الصراع العسكري، وهذا الحراك قد لا تكون نتائجه مضمونة".
وفي إطار الإجراءات التي اتخذتها الحكومة العراقية بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران، أعلنت وزارة النقل العراقية، فجر اليوم الجمعة، إيقاف حركة الطيران بشكل كامل في جميع المطارات العراقية، وإغلاق الأجواء العراقية بشكل مؤقت، وعزت الإجراء إلى أنه "من أجل الحفاظ على سلامة الطيران المدني في الأجواء العراقية"، كما أعلن "الحشد الشعبي" في العراق عن إلغاء احتفالات بمناسبة تأسيسه، كانت مقررة غداً السبت.
تحذير من جرّ فصائل العراق لأتون الحرب
وفي نفس السياق، حذر عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، ياسر وتوت، من أن تتسبب الفصائل المسلحة بجرّ العراق إلى ساحة المواجهة الحالية بين إيران والاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً أن أي انخراط للفصائل بهذه الحرب ستكون نتائجه كبيرة على العراقيين. وقال وتوت لـ"العربي الجديد" إنّ "انخراط الفصائل العراقية بالحرب سيعرّض العراق ومصالحه العليا إلى الخطر الأمني والاقتصادي، ودخول الفصائل على خط الحرب في المنطقة، وهذا له مخاطر كبيرة"، محذراً من أن "هذا الانخراط سيحوّل العراق إلى أرض معركة. وهنا يكون الخاسر الأكبر والوحيد هو العراق والعراقيون، ولهذا يجب الحذر من هكذا تدخلات لا تجلب للعراق إلا الضرر الأمني والاقتصادي".
وشدد وتوت على أن "الحكومة العراقية وكذلك الأطراف السياسية الفاعلة والمؤثرة يجب أن تمارس أقصى درجات الضغط على الفصائل المسلحة لمنعها من أي تدخل بأي حرب قد تندلع في المنطقة، فهذا الأمر لا يصبّ في صالح تلك الفصائل ولا مصلحة العراق والعراقيين، والتي يجب أن تكون هي فوق كل المصالح الأخرى مهما كانت".
ومن جهته، قال رئيس مركز "التفكير السياسي"، إحسان الشمري، لـ"العربي الجديد" إنه "من الواضح أنّ الفصائل المسلحة العراقية ستتحرّك، والبيانات التي صدرت من كتائب سيد الشهداء وقبلها تهديد كتائب حزب الله، وحتى البيانات التي صدرت عن عناوين جديدة وهي ذاتها الفصائل التقليدية، تبين بأن هناك جاهزية لتحرك عسكري لهذه الفصائل".
وأضاف أنّ "التقارير الإعلامية السابقة التي أشارت إلى وصول صواريخ باليستية لهذه الفصائل، قبل أشهر قليلة، تبين أن تلك الفصائل ستتحرك وسيكون لها نشاط عسكري، خاصة وأن تلك الفصائل هي مرتبطة بإيران وحليفة لها"، مشيراً إلى أن "البيانات الأميركية الأخيرة بشأن الخطورة والتهديد في العراق، مع بيانات الفصائل وتهديدها، يؤكد عدم قدرة حكومة (محمد شياع) السوداني على مواجهة هذه الفصائل".
وتوعد زعيم جماعة "كتائب سيد الشهداء"، أبو آلاء الولائي، في وقت سابق بـ"حرق الشرق الأوسط" في حال مهاجمة إيران. وقال الولائي في منشور على منصة إكس: "إذا اندلعت الحرب سيكون المئات من الاستشهاديين على الموعد، وسيذل كبرياء أميركا ثانية كما ذل أول مرة في العراق حين خرجت تجر أذيال الخيبة"، مشدداً على أنه "حينها لن تبقى باقية في الشرق الأوسط لها ولا لعملائها، وستسقط أنظمة كانت تحتمي بالاحتلال".
وقال الخبير في الشأن العسكري والاستراتيجي، أحمد الشريفي، لـ"العربي الجديد" إنّ "المعطيات تؤكد أنّ المنطقة ذاهبة نحو تصعيد عسكري خطير وكبير، والعراق لن يكون بعيداً عن هذا التصعيد. خاصة في ظل وجود الفصائل المسلحة التي تريد الانخراط بهذه الحرب إلى جانب إيران، وهذا الانخراط الخطير سيجرّ العراق نحو الحرب ويجعله أرضاً للمعركة المرتقبة".
وأكد الشريفي أن "الحكومة العراقية غير قادرة على السيطرة على عدد من الفصائل وتحركاتها العسكرية، لكن هذا الانخراط سيدفع العراق كدولة نحو الحرب، فالمجتمع الدولي لا يمكن له السكوت عن تحركات الفصائل في ظل ضعف الحكومة العراقية في منع الفصائل من أي أنشطة عسكرية ضد المصالح الأميركية أو حتى الإسرائيلية".

Related News
