
عربي
ارتفعت الأسواق الفرنسية بشكل طفيف، في وقت عبّر فيه رئيس الوزراء المكلّف بتسيير الأعمال عن تفاؤله بشأن الموازنة، قبيل بدء يومه الأخير من المحادثات لتشكيل الحكومة. وتراجعت عوائد السندات لأجل عشر سنوات بمقدار 0.05% لتصل إلى 3.52%، وهو أدنى مستوى منذ يوم الجمعة، فيما ضاق الفارق مع السندات الألمانية — وهو مقياس لمخاطر الائتمان — بثلاث نقاط أساس ليصل إلى 0.83%. كما ارتفع مؤشر الأسهم الرئيسي CAC 40 بنسبة تقارب 1%، مدعومًا بمكاسب قوية للبنوك.
يراقب المستثمرون عن كثب مسار المحادثات قبل الموعد النهائي مساء الأربعاء، الذي حدده الرئيس إيمانويل ماكرون. ومع انطلاق جولة المفاوضات الأخيرة، أقرّ سيباستيان لوكورنو بوجود رغبة عبر الطيف السياسي لإقرار موازنة العام المقبل. وقالت هنرييتا باكمان، كبيرة مديري المحافظ ورئيسة العمليات في قسم الدخل الثابت بشركة "All-Spring"، في مقابلة مع تلفزيون بلومبيرغ إن "ما يهم السوق في الوقت الحالي، هناك العديد من الخيارات المطروحة في فرنسا، ولهذا نرى تحركات محدودة فقط في أسواق السندات والأسهم."
تعافٍ حذر للسندات الفرنسية
كانت الأسواق قد شهدت انخفاضًا حادًا يوم الاثنين عقب استقالة لوكورنو المفاجئة، إثر فشله في التوصل إلى موازنة تحظى بدعم كافٍ في البرلمان المنقسم بشدة، واتسع الفارق في عوائد السندات حينها إلى نحو 0.90%، وهو من أوسع المستويات المسجلة هذا العام. وسيكون أي تقدم يوم الأربعاء عاملًا حاسمًا في قرار ماكرون، سواء بتعيين رئيس وزراء جديد إذا توافرت مؤشرات على إمكانية إقرار الموازنة، أو بالرضوخ للضغوط السياسية والدعوة إلى انتخابات جديدة لإنهاء حالة الجمود.
في الوقت نفسه، ارتفع مؤشر أسهم الشركات الفرنسية ذات المبيعات المحلية الكبيرة — الذي تتابعه " Barclays Plc"، بنسبة 1.3% وسجّل بنك سوسيتيه جنرال مكاسب بلغت 2.6%، بينما ارتفع كريدي أغريكول بنسبة 1.9%. وقال فرانسوا ريمو، كبير الاستراتيجيين في Credit Mutuel Asset Management SA، لوكالة بلومبيرغ إن معظم المتعاملين في السوق يشعرون بالقلق من احتمال إجراء انتخابات مبكرة أو استقالة ماكرون — وهو خيار استبعده الرئيس مرارًا. وأضاف: "أعتقد أن تسوية الأمور سياسيًا في وقت أقرب، سواء من خلال انتخابات جديدة أو حتى استقالة ماكرون، سيكون أفضل بكثير لآفاق الأسهم الفرنسية والاقتصاد الفرنسي على المدى الطويل."
تشهد فرنسا في المرحلة الراهنة تفاعلات سياسية واقتصادية دقيقة تنعكس مباشرةً على أداء أسواقها المالية. فبعد استقالة رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو بسبب فشل البرلمان في تمرير الموازنة، ارتفعت درجة القلق لدى المستثمرين بشأن المسار المالي للدولة، ما أدى إلى اتساع الفارق في العوائد على السندات الفرنسية مقارنة بنظيراتها الألمانية، وهو مقياس أساسي لمخاطر الائتمان السيادي. ومع ذلك، فإن عودة الحديث عن اتفاق محتمل حول الموازنة وإشارات الانضباط المالي ساهمت في تهدئة المخاوف ودفع العوائد نحو الانخفاض مجددًا، ما يعكس استعادة نسبية للثقة في قدرة باريس على الحفاظ على استقرارها المالي.
اقتصاديًا، تظل الأسواق الفرنسية رهينة التوازن بين التفاؤل السياسي المؤقت والمخاوف الهيكلية الأعمق. فمع اقتراب موعد الحسم الذي حدده الرئيس إيمانويل ماكرون لتشكيل حكومة جديدة أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة، يراقب المستثمرون عن كثب قدرة فرنسا على ضبط العجز وخفض مستويات الدين المرتفعة.
لذلك، أي تقدم ملموس في هذا الاتجاه قد يؤدي إلى تراجع علاوات المخاطر وتدفق استثمارات جديدة نحو الأسهم، خصوصًا في القطاعات البنكية والصناعية، بينما سيؤدي استمرار الجمود السياسي إلى انعكاسات سلبية على تصنيف الائتمان الفرنسي وثقة الأسواق في اقتصاد منطقة اليورو ككل.
