"مجلس المستقبل الصومالي"... ائتلاف معارض يؤزم المشهد
عربي
منذ يوم
مشاركة
تتصاعد الأزمة السياسية في الصومال والخلافات حول آلية تنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة لعام 2026، والتعديلات الدستورية التي أقرها البرلمان في إبريل/نيسان عام 2024، وسط غياب توافق محلي بين الحكومة الصومالية والشركاء السياسيين لتنفيذ النموذج الانتخابي المباشر. ويخشى أن تزداد الأمور تعقيداً بعد إعلان تشكيل "مجلس المستقبل الصومالي" في كينيا المجاورة. ويأتي تشكيل المجلس المعارض، في ظل مخاوف وتحذيرات من تشكيل حكومات انتقالية في المهجر، في حال تعقدت الأوضاع السياسية أكثر بين الحكومة الصومالية وقيادات المعارضة المنضوية تحت ائتلاف "منصة الانقاذ الصومالي". واحتضنت نيروبي، الخميس الماضي، لقاء بين رئيس ولاية جوبالاند أحمد مدوبي، ورئيس ولاية بونتلاند سعيد عبد الله دني، إلى جانب أعضاء من قيادات المعارضة، أبرزهم رئيس الوزراء الأسبق حسن علي خيري والنائب عبد الرحمن عبد الشكور، ورئيس الحكومة السابق محمد حسين روبلي. وبحث اللقاء الوضع القائم في البلاد، لا سيما القضايا المتعلقة بالسياسة والأمن، بالإضافة إلى سبل دعم الاستقرار الاقتصادي ومسار الانتقال السياسي. وبحسب البيان الختامي للقاء، فقد اتُخذت عدة قرارات، أبرزها: تأسيس "مجلس المستقبل الصومالي" ليكون إطاراً جامعاً يضم ممثلين عن منصة الإنقاذ الوطني وحكومتي ولايتي جوبالاند وبونتلاند، بهدف تنسيق الرؤى السياسية. كذلك دعا اللقاء إلى عقد اجتماع وطني شامل داخل الصومال في أقرب وقت ممكن، لمناقشة المرحلة الانتقالية والوصول إلى توافق وطني شامل بشأن مستقبل البلاد السياسي، بالإضافة إلى استكمال بناء مجلس المستقبل خلال الاجتماعات المقبلة، بما يضمن تمثيلاً واسعاً وشاملاً لمختلف الأطراف الصومالية. ووجه نداء إلى الشعب الصومالي لتوحيد الصفوف، ونبذ الخلافات السياسية والقبلية، والعمل المشترك من أجل تحقيق الاستقرار والسلام الدائم، ومنع أي محاولات لإعادة البلاد إلى حالة الانقسام وعدم الاستقرار. يأتي هذا اللقاء في ظل تزايد التوتر السياسي بين الحكومة الفيدرالية وبعض الولايات، وسط دعوات محلية ودولية لتسريع مسار الإصلاح السياسي، وضمان إجراء انتخابات شاملة تُنهي حالة الجمود القائمة. ومن المقرر أن تشهد مقديشو أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول الحالي، انتخابات بلدية بمشاركة نحو مليون ناخب، وذلك لأول مرة منذ خمسة عقود، تمهيداً لتنظيم انتخاب أعضاء مجلسي البرلمان (الشعب والشيوخ) منتصف العام المقبل. لكن الوضع السياسي المتأزم تفاقم بعد إعلان تشكيل "مجلس المستقبل الصومالي".  انتقاد تشكيل "مجلس المستقبل الصومالي" علّق وزير الدفاع الصومالي أحمد معلم فقي، في تدوينة على منصة فيسبوك عقب لقاء نيروبي والإعلان عن تشكيل "مجلس المستقبل الصومالي" بالقول إن "مستقبل الصومال يجب أن يُبنى ويُدار من داخل البلاد، بعيداً عن أي تدخل أجنبي". واعتبر أن "الأجانب لا يمكن أن يكونوا مسؤولين عن مصير دولة ذات سيادة"، مضيفاً أن الصومال "يواجه اليوم تحدياً حقيقياً مع وجود شخصيات معروفة تاريخياً بمعارضتها للحكومة الشرعية، الذين لا يرحبون بأي مشروع وطني يسعى إلى استقرار الدولة وبناء مؤسساتها". وأشار معلم فقي إلى أن مسؤولية حماية الأمن الوطني وضمان إدارة الموارد، مثل النفط، على عاتق الحكومة المنتخبة التي لا تزال في فترة ولايتها. وشدد على ضرورة أن تكون هذه الحكومة قادرة على توجيه الصومال نحو "انتخابات ديمقراطية قائمة على مبدأ شخص واحد وصوت واحد، بعيداً عن النفوذ التاريخي للشخصيات المعروفة بسجلها السلبي"، مضيفاً أنه "حان الوقت للتجاوز عن السياسات الضيقة والمصالح الشخصية، والعودة للعمل من أجل مصلحة الأمة، حتى لا تُهدر جهود الشعب وتضيع فرص التقدم والازدهار". عبد الرحمن معلم أحمد جيتي: الإعلان عن تشكيل المجلس هدفه الضغط على الحكومة لثنيها عن مسارها السياسي والانتخابي في هذا الصدد قال محرر إذاعة بنادر المحلية، عبد الرحمن معلم أحمد جيتي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الاجتماع في نيروبي والإعلان عن تشكيل "مجلس المستقبل الصومالي" هدفه الأساسي "ممارسة نوع من الضغط على الحكومة الفيدرالية لثنيها عن مسارها السياسي والانتخابي". وفي رأيه فإن "هذه الحملة السياسية تزداد مع اقتراب انتهاء ولاية الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والتي تنقضي في مايو /أيار المقبل"، مضيفاً ان "الحملة هذه مجرد نسخة طبق الأصل للخلافات السياسية المتكررة في الصومال خلال العقدين الأخيرين". وتفتقر المعارضة السياسية الحالية، وفق معلم جيتي، إلى تبني أجندات سياسية ورؤية فكرية واضحة لمواجهة الحكومة الفيدرالية، موضحاً أن هذه المعارضة عبارة عن "شركاء فقط لمعارضة الحكومة الصومالية والرئيس الصومالي، وسيكثفون من حملاتهم لتشويه سمعة الحكومة وعرقلة جهودها لتنظيم انتخابات مباشرة في البلاد". اختراق جدار المعارضة في تطور إضافي، بدأ الرئيس الصومالي، أول أمس الأحد، زيارة إلى مدينة كسمايو؛ عاصمة إقليم جوبالاند، حيث بحث مع رئيس الولاية أحمد مدوبي التطورات السياسية في البلاد وحلّ الخلافات بين الولاية والحكومة الصومالية، وذلك تمهيداً لإجراء انتخابات مباشرة في الولاية ومنح مدوبي مدة عام إضافي (في رئاستها)، والمشاركة في الانتخابات المقبلة. لكن لقاء شيخ محمود ومدوبي، انتهى أمس الاثنين، بالفشل، إذ رفض الأخير التراجع عن الانتخابات المحلية غير المعترف بها من قبل الحكومة المركزية والتي فاز فيها، بينما أصر شيخ محمود على عدم خوض نقاشات أخرى ما لم يتنازل رئيس جوبالاند عن موقفه، ما أدى إلى فشل جولة المباحثات بين الجانبين.  ويأتي اللقاء بين الرجلين لأول مرة منذ الأزمة التي أعقبت الانتخابات الرئاسية في ولاية جوبالاند عام 2024، والتي رفضت مقديشو الاعتراف بنتائجها. وتبادل الطرفان حينها قرارات قضائية تتعلق بإصدار أوامر اعتقال لكل منهما، ما زاد من حدة التوتر بين الحكومة الفيدرالية والسلطات المحلية في الولاية. أما سياق هذا اللقاء، فيأتي في محاولة لتهدئة التوترات السياسية وفتح قنوات للحوار بين الطرفين، في ظل متابعة دقيقة من المراقبين السياسيين في الصومال والمنطقة. خالد علي: أهمية زيارة الرئيس حسن شيخ محمود إلى جوبالاند تأتي باعتبارها حواراً صومالياً- صومالياً فقد رأى الباحث السياسي خالد علي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "زيارة الرئيس حسن شيخ محمود إلى ولاية جوبالاند تأتي في مرحلة حساسة يستعد فيها للتصالح مع الحرس القديم الذي ساعده في العودة إلى الرئاسة (2022) وتجاوز الصراع المسلح مع أحمد مدوبي؛ نتيجة الخلافات السياسية حول شكل الانتخابات وقضايا تعديل الدستور". وتكتسب هذه الزيارة أهميتها، وفق علي، كونها "حواراً صومالياً- صومالياً يسعى إلى تحقيق توافق سياسي بشأن الرؤى الوطنية قبل نصف عام من انتهاء ولاية الرئيس الحالي، كما يُنظر إلى الزيارة على أنها فرصة للرئيس لاختراق جدار المعارضة وكسب لاعب فاعل فيها". لكنه أشار إلى أن "نجاح هذه المحاولة مرتبط بالمرونة التي تتحكم بأجواء النقاشات الثنائية خلف الأبواب المغلقة بين حسن شيخ محمود وأحمد مدوبي"، موضحاً أن الفرصة قد تكون محدودة بسبب الترتيبات السابقة بين أطراف المعارضة التي تمثلت في تشكيل "مجلس المستقبل الصومالي" ككتلة معارضة. وفي رأيه فإنه من الممكن أن يستخدم مدوبي تلك الترتيبات "كورقة مساومة للحصول على اعتراف من الحكومة الفيدرالية بولاية جديدة حتى عام 2030". ورغم فشل المحادثات أمس، كانت النتائج المتوقعة من لقاء كسمايو، في رأي علي، تتمثل في "تجاوز حالة القطيعة بين الحكومة الفيدرالية وولاية جوبالاند، ما يحصن الرئيس حسن شيخ محمود من الضغوط الخارجية في توحيد الجهود السياسية الداخلية وتعزيز الاستقرار". وأضاف أنه "من الممكن أن يؤدي إلى اعتراف مقديشو بأحمد مدوبي رئيساً لولاية جديدة ومشاركة جوبالاند في إجراء انتخابات البلدية المحلية عبر الاقتراع المباشر وانضمام جهود الحكومة الفيدرالية لاستكمال دستور البلاد وتحويله إلى دستور دائم عبر البرلمان". من النتائج المتوقعة أيضاً "الإسهام في تحسين الأوضاع الأمنية في ولاية جوبالاند، وتوحيد الجهود العسكرية ضد حركة الشباب، بالإضافة إلى تسويات سياسية تقضي بإزاحة رئيس الحكومة الحالية حمزة عبدي بري ككبش فداء، مقابل كسب الرئيس حسن شيخ محمود تمديد ولايته".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية