
عربي
في بداية العام الدراسي الجديد، عمدت مدارس عدّة في الجزائر إلى توحيد الزيّ المدرسي، في حين تمضي فيها مدارس أخرى كانت قد التزمت بذلك في العامَين الأخيرَين، ولا سيّما أنّ نتائج التجربة أتت إيجابية بين التلاميذ والأهالي.
وتقدّم المدرسة الابتدائية بوضياف علي في ولاية المسيلة وسط الجزائر نموذجاً مميّزاً، بعد نجاحها في تطوير تجربة الزيّ الموحّد للتلاميذ، وتمثّل هذه الخطوة محاولة لبثّ روح الانضباط والتنظيم في المؤسسة التربوية. وتحافظ هذه المدرسة على النمط نفسه بشأن الزيّ المدرسي الموحّد، بدعم كامل من قبل أولياء الأمور، وذلك منذ ثلاثة أعوام. وقد أشارت مديرة المدرسة هاجر مزغاش، في خلال زيارة أجراها صحافيون للمدرسة، إلى أنّهم واجهوا صعوبات في البداية، في ما يخصّ إقناع عدد من الأهالي بالفكرة، لكنّ الأثر الإيجابي لذلك ظهر سريعاً.
بدورها، اعتمدت مدرسة البشير الإبراهيمي في ولاية ورقلة جنوبي الجزائر زيّاً رسمياً موحّداً لتلاميذها، في خلال العامَين الماضيَين. وتقول مديرتها بلة باسي لـ"العربي الجديد" إنّ "التجربة كانت ناجحة، ونحن في صدد إطلاق تصميم جديد للزيّ المدرسي الموحّد"، وذلك "في سبيل الأفضل".
في سياق متصل، بدأت مدرسة لوصيف مباركة في بلدة عين البيضاء بولاية أم البواقي شرقي الجزائر، هذا العام، تجربة تمهيدية لتوحيد الزيّ المدرسي، بتصميمَين للفتيان والفتيات، على الأقلّ بالنسبة إلى القمصان. والأمر نفسه سُجّل في مدرسة ابتدائية ببلدة أولاد بوغالم في ولاية مستغانم غربي الجزائر، الأمر الذي أحدث انسجاماً كبيراً في مشهد التلاميذ. وتتوسّع هذه التجارب، وإن لم تكن التشريعات المدرسية تفرض ذلك، بل تترك المبادرة ذاتية لإدارات المدارس، كلّ واحدة على حدة، بالتفاهم مع جمعيات أولياء أمور التلاميذ.
وعلى خلفية الآثار الإيجابية المسجّلة في تجارب توحيد الزيّ المدرسي في الأخيرة الأخيرة، راحت حكومة الجزائر تفكّر في احتمال توسيع التجربة وتعميمها على مستوى أكبر، مع إمكانية التوجّه نحو توحيد الزيّ أو إيجاد تصاميم مختلفة إنّما موحّدة على المستوى الوطني كلّه أو في الولايات.
وفي شهر مارس/ آذار الماضي، اقترح رئيس وزراء الجزائر سيفي غريب، الذي كان يشغل حينها منصب وزير الصناعة، توحيد الزيّ الخاص بتلاميذ المرحلة الابتدائية، أي مرايلهم، مع تحديد مواصفات الجودة والأسعار المناسبة، على أن يكون النموذج مشروعاً تجريبياً في ولاية جيجل شمال شرقي البلاد للعام الدراسي 2025ـ2026، على أن يُعمَّم لاحقاً على الولايات الأخرى. أتى ذلك في خلال زيارة قام بها لمصنع "أقمصة جن جن" للنسيج والألبسة في الولاية.
ويرى خبراء في التربية والتعليم أنّ توحيد الزيّ المدرسي فكرة مهمّة، تحمل أهدافاً تربوية بالغة التأثير إيجاباً في ما يخصّ تحقيق المساواة بين جميع التلاميذ، بغضّ النظر عن خلفياتهم الاجتماعية أو المادية، وترسيخ الشعور لديهم بالانتماء إلى المؤسسة التعليمية. ومن شأن ذلك تعزيز عامل دفع تركيز التلاميذ إلى العملية التعليمية، بدلاً من توجيهه إلى المظاهر، كذلك ثمّة عامل إيجابي يؤدّي إلى إعفاء العائلات من بذل الجهد لاختيار ملابس أطفالها للمدرسة.
وفي هذا الإطار، يقول الخبير التربوي مصطفى قبارين إنّ "ثمّة تجارب ناجحة في دول كثيرة، بما فيها دول أفريقية، بخصوص توحيد الزيّ المدرسي، الأمر الذي يسمح بإزالة كلّ الفوارق الاجتماعية بين التلاميذ، فلا يُبرز إمكانيات عائلاتهم". ويشير إلى "تجارب ناجحة وملهمة، منذ أعوام، في عدد من مدارس الجزائر العامة كما الخاصة"، مضيفاً أنّ من شأن ذلك أن يشكّل "أرضية مهمّة وتمهيدية بالنسبة إلى السلطات، للتفكير في احتمال توحيد الزيّ المدرسي".
