خفض تكلفة التحوّط للدولار يجذب المستثمرين في الولايات المتحدة
عربي
منذ 5 أيام
مشاركة
من المرجّح أن يؤدي الاستئناف المنتظر منذ فترة طويلة لدورة خفض أسعار الفائدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى خفض تكلفة التحوّط (استراتيجية إدارة المخاطر) من التعرّض للدولار بالنسبة للمستثمرين الأجانب، وزيادة دافعهم لحماية المزيد من أصولهم الأميركية من ضعف إضافي للعملة. ففي سبتمبر/أيلول الماضي، خفّض البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة بمقدار 0.25% إلى نطاق يتراوح بين 4.00-4.25%، بسبب المخاوف المتعلقة بسوق العمل، وأشار إلى أن المزيد من التخفيضات سيتبع في وقت لاحق من هذا العام، وفق ما نقلته وكالة رويترز.  هذا الخفض ضيّق الفارق في أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة ودول متقدمة أخرى، مما ساعد على خفض تكاليف التحوّط لصناديق التقاعد الأجنبية وصناديق الثروة السيادية والمستثمرين المؤسسيين الآخرين، بحسب محللين ومديرين ماليين. وشهد مؤشر الدولار الأميركي تراجعاً بنحو 10% منذ بداية العام، مدفوعاً جزئياً بزيادة نشاط التحوّط من جانب المستثمرين الأجانب القلقين من تأثير السياسات التجارية والجمركية الأميركية على أصولهم.  وفي هذا السياق، قال فان ليو، رئيس استراتيجيات الحلول العالمية للدخل الثابت والعملات الأجنبية في شركة "راسل إنفستمنتس" في لندن لوكالة "رويترز"، إن "هناك بعض الأشخاص الذين كانوا ينتظرون استئناف دورة الخفض من جانب الفيدرالي، والآن هم يميلون إلى رفع نسبة التحوّط، في انتظار اللحظة المناسبة أو محفزٍ ما". ويُعدّ التحوّط وسيلة للحد من الخسائر في المحافظ الاستثمارية عبر أدوات مالية مثل المشتقات، من خلال مراكز معاكسة غالباً ما تتضمن بيع الدولار عبر العقود الآجلة أو المقايضات. وبالتالي، فإن أي زيادة في نشاط التحوّط قد تؤدي إلى مزيد من الضغوط على العملة الأميركية. حاجة جديدة للتحوّط كانت تكاليف التحوّط المرتفعة والتوقعات الإيجابية تجاه الدولار عاملين رئيسيين كبحا نسب التحوّط في السنوات الماضية، وفقاً لتقرير لبنك التسويات الدولية في يونيو/حزيران. فسنوات قوة الدولار دفعت المستثمرين الأجانب لترك الأصول الأميركية دون تحوّط، إذ إنها عززت عوائدهم الإجمالية وكانت مصدراً للتنويع. لكن مع الانخفاض الكبير للعملة هذا العام واحتمال تراجعها أكثر مستقبلاً، أصبح التحوّط وسيلة لتقليص الخسائر الناتجة عن تحركات غير مواتية للعملة. الأسواق تسعّر حالياً مزيداً من التخفيضات بمقدار ربع نقطة مئوية خلال هذا العام، وهو ما قد يشجع المستثمرين على زيادة التحوّط بعدما كانت الكلفة عائقاً أساسياً. حماية الأصول من تقلبات العملات يمتلك الأجانب حالياً أكثر من 30 تريليون دولار في الأسهم والسندات الأميركية، منها 8 تريليونات بيد مستثمرين أوروبيين، وفقاً لمورغان ستانلي. ورغم ارتفاع الأسهم الأميركية، إذ صعد مؤشر S&P 500 بنحو 14% هذا العام، فإن المخاوف المتعلقة بقيادة الفيدرالي واستقلاليته، إلى جانب حالة عدم اليقين السياسي، أبقت الضغط على الدولار. وقال ستيف دولي، رئيس قسم رؤى السوق في "كونفيرا" في ملبورن إن "المكاسب القوية في سوق الأسهم الأميركية والانخفاضات الحادة في الدولار أمر غير معتاد، لكنه ليس غير مسبوق – ونعتقد أن زيادة التحوّط جزء من سبب هذا التباين". بالتزامن، أظهر تقرير دويتشه بنك أن مستثمري الأسهم في ألمانيا والنمسا رفعوا نسب التحوّط إلى 60-70% مقارنة بـ20-30% في بداية العام. أما البنك المركزي الدنماركي فكشف أن شركات التأمين وصناديق التقاعد تحمي أكثر من ثلاثة أرباع استثماراتها بالدولار. وأشار التقرير ذاته إلى خطط بعض الصناديق لتعزيز تلك النسب بعد الصيف. بدوره، صرح تييري ويزمان، استراتيجي العملات والفوائد العالمية في "ماكواري" بنيويورك بأن "المستثمرين الأجانب ما زالوا يميلون إلى التحوّط من تعرضهم للدولار، لذلك سيعودون في الأسابيع المقبلة... وسنشهد جولة جديدة من تحوّط المؤسسات الأجنبية". أما أبحاث "ميل تك إف إكس" فأظهرت أن 86% من الشركات الأوروبية تتحوّط حالياً من مخاطر العملات المتوقعة، ارتفاعاً من 67% في 2023، مع صعود متوسط نسبة التحوّط إلى 49% من 43%. وقال جوزيف هوفمان، الرئيس التنفيذي لشركة "ميسي روو" لإدارة العملات، إن هذا التحول لا يرتبط فقط بمزايا أسعار الفائدة قصيرة الأجل، بل هو "مدفوع برؤية هيكلية متشائمة تجاه الدولار متجذّرة في سياسة الفيدرالي، وعدم اليقين السياسي، والعجوزات المالية المستمرة". ما هي تكلفة التحوّط؟ رغم ذلك، تبقى الكلفة عائقاً أمام بعض المستثمرين. إذ تظل كلفة التحوّط السنوية للمستثمرين في اليابان وسويسرا عند نحو 4% استناداً إلى أسعار الفائدة الحالية، فيما تبلغ نحو 2% للمستثمرين من منطقة اليورو. ويقول فان ليو من "راسل": هناك مستوى نفسي، فإذا انخفضت تكلفة التحوّط إلى 1% أو أقل، وهو ما قد يتحقق للمستثمرين الأوروبيين خلال الـ12 شهراً المقبلة، فلن يقلق الناس حيالها كثيراً." وقال فان ليو من "راسل": أعتقد أن هناك مستوى نفسياً، فإذا انخفضت تكلفة التحوّط إلى 1% أو أقل، وهو ما يلوح في الأفق بالنسبة للمستثمرين الأوروبيين خلال الـ12 شهراً المقبلة، فلن يقلق الناس حيال ذلك كثيراً".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية