احتجاجات "جيل زد" في المغرب... امتحان لحكومة أخنوش
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
تواجه حكومة عزيز أخنوش في المغرب أكبر امتحان شعبي لها منذ ميلادها في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، بعد أن وجدت نفسها، على بعد سنة من انتهاء ولايتها، في مواجهة انفجار احتجاجات غير مسبوقة يقودها شباب "جيل زد 212"، للمطالبة بتحسين خدمات الصحة والتعليم ومحاربة الفساد. وعاش عدد من مدن المملكة منذ السبت الماضي على وقع احتجاجات، على خلفية نداء أطلقه ناشطون شباب تحت اسم "GENZ212"، وهي مجموعة ظهرت قبل أيام على تطبيق "ديسكورد" للتواصل واستقطبت آلاف المنخرطين في ظرف وجيز. وتركزت النقاشات فيها حول ملفات الصحة والتعليم وفرص العمل، مع تأكيد المنظمين سلمية مبادرتهم ودعمهم الملكية باعتبارها "ضامناً للاستقرار". وأُطلق على الحدث اسم "مسيرة الشباب المغربي" في بعض الملصقات المنتشرة عبر الإنترنت، في حين شدّد الواقفون وراء الدعوة إلى الاحتجاج على أن التظاهرة ستكون "سلمية وقائمة على مبدأ اللاعنف"، وأنه لن يُسمح بأي شكل من أشكال "العنف أو الاعتداء أو التخريب"، داعين المشاركين إلى احترام "المواطنين وقوات الأمن" والتصرّف بـ"أدب ولباقة الاحتجاج". وفيما يصرّ شباب "جيل زد" المغربي على مواصلة الاحتجاجات لليوم الرابع على التوالي، تبدو حكومة أخنوش أمام اختبار حقيقي لتهدئة الأوضاع الاجتماعية، في ظل الغضب الشعبي من السياسات المتبعة في التعاطي مع ملفات بالغة الأهمية مثل الصحة والتعليم والشغل ومحاربة الفساد. وعلى الرغم من رفعها شعار "الدولة الاجتماعية"، إلا أن الواقع المعيشي في البلاد، بحسب مراقبين، يخالف ذلك، في ظل استمرار غلاء الأسعار وهيمنة القطاع الخاص على قطاعات مجتمعية حساسة، ونسبة بطالة تجاوزت 12%، وضعف الاستجابة لحاجيات العالم القروي والمناطق الجبلية. وبينما يبدو لافتاً التزام حكومة أخنوش حتى الآن الصمت إزاء ما يجري بدلاً من مواجهة مطالب الشارع والرد على تساؤلات المواطنين، تأتي احتجاجات شباب "جيل زد 212" في ظرفية سياسية حساسة للحكومة الحالية، إذ لا يفصل المغرب سوى عام واحد عن تنظيم تشريعيات 2026، وهي ظرفية قد تنعكس سلباً على صورة الحكومة لدى المواطن وتضعف رصيدها السياسي، وبالتالي حظوظ الأحزاب الثلاثة المكوّنة لها (التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، والاستقلال) الطامحة لقيادة ما بات يعرف في المغرب بـ"حكومة المونديال" في 2026. وفي السياق، رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، عبد الحفيظ اليونسي، أن احتجاجات "جيل زد" تشكّل امتحاناً حقيقياً للحكومة الحالية التي كانت "تتويجاً لاختيار الدولة للقطع مع مطالب حراك 20 فبراير" (نسخة المغرب من الربيع العربي عام 2011). ولفت اليونسي إلى أن السمة الأساسية للاحتجاجات الحالية تكمن في أنها تمس أساساً المجال الحضري؛ أي أننا أمام اتساع دائرة الاحتجاج من الهامش والبادية إلى المدينة ذات خصوصيات حضرية، حيث ارتفاع المستوى التعليمي ومزيج انتماءات طبقية بين الفئات الفقيرة والمتوسطة والميسورة، مع وضوح المطلب في مجالي الصحة والتعليم. واعتبر اليونسي أن الاحتجاجات تمثّل "مأزقاً للدولة بكافة مؤسساتها، وحكومة أخنوش في طليعة هذا المأزق"، بالنظر إلى أن الحكومة تُدار بمنطق رجال الأعمال. وأضاف أن مصير استمرار حكومة أخنوش أو إعفائها مرتبط بزخم الاحتجاجات ومدى قدرتها على إحداث ارتباك في موازين القوى الحالية. من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، إسماعيل حمودي، أن الاحتجاجات تعبّر عن "تقييم سلبي للأداء الحكومي، خصوصاً في القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم والشغل والماء، وكذلك في البنى التحتية خارج محور طنجة - الرباط -مراكش". وقال حمودي إن الحكومة أعطيت الأولوية لمشاريع تتعلق بكأس العالم وتأهيل بنى تحتية رياضية، بينما اهتمت أقل بإنجاز طرق ومستشفيات إقليمية تستغرق سنوات. وأوضح أن احتجاجات "جيل زد" كشفت عن "الفجوة بين قطاعات تحظى بميزانيات ضخمة تذهب إلى لوبيات بعينها وبين قطاعات مهملة في أولويات الحكومة، على رأسها الصحة والتعليم"، مرجحاً أن تكون الاحتجاجات الحالية بمثابة "طرد رمزي" لهذه الحكومة قبل الانتخابات. في المقابل، اعتبرت الباحثة في العلوم السياسية شريفة لموير أن حكومة أخنوش وضعت نفسها في مأزق بصمتها عن الأحداث الجارية وعدم تعاطيها الإيجابي مع مطالب الشباب، مشددة على أن المبادرة بحوار مؤسساتي مسؤول كانت لتعزز ثقة الشباب في الفاعلين السياسيين، خصوصاً مع اقتراب محطة انتخابية. وقالت لموير إن غياب الاستجابة يعكس "عدم استعداد الحكومة للمبادرة والاستماع". ولفتت إلى أنه في ظل هذا الصمت واستمرار الشباب في النزول إلى الشارع "ليس من المستبعد تدخل المؤسسة الملكية التي تُعتبر الضامن للاستقرار في البلاد"، مستبعدةً في الوقت نفسه تكرار سيناريو 2011 الذي دعا فيه الملك محمد السادس إلى انتخابات مبكرة عقب احتجاجات حركة 20 فبراير/ شباط.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية