التوحّد... تعقيدات أكبر من توصيات ترامب
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
تحوّل الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى خبير يعطي آراء عن أسباب الإصابة بالتوحّد، وينصح النساء بتجنّب تناول تايلينول، لكن الحقائق أكثر تعقيداً. أوصى الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 22 سبتمبر/ أيلول الجاري، بأن تتجنب النساء الحوامل تناول مسكنّات "تايلينول" التي تتضمن مادة باراسيتامول، استناداً إلى رأيه الشخصي حول صلة "باراسيتامول"، الذي يُعرف باسم أسيتامينوفين في الولايات المتحدة، بالإصابة بالتوحّد، وأيضاً عن علاقة اللقاحات بالتوحّد. بعد يومين، استغلت عائلات تستأنف قرار رفض مئات الدعاوى القضائية ضد شركة "كينفو" التي تنتج "تايلينول"، وشركات أخرى، ما قاله ترامب، وزعمت أن "تايلينول" تسبب في إصابة أطفالهم بالتوحّد، وطالبت بأن تنظر محكمة الاستئناف في نصيحته. وكتبت محامية العائلات، آشلي كيلر، في رسالة إلى محكمة الاستئناف: "سيُثير أي حكم يؤيد قرار المحكمة الابتدائية مخاوف خطيرة بشأن فصل السلطات، لأن إدارة ترامب لجأت إلى خبير في تحديد موقفها، إذ استشهد مفوض الغذاء والدواء مارتي ماكاري، ووزير الصحة روبرت كينيدي جونيور ببحث أجراه أندريا باكاريلي، عميد كلية تي إتش تشان للصحة العامة في جامعة هارفارد، وهو أحد الخبراء حول تايلينول والتوحّد". في 16 إبريل/ نيسان الماضي، أعلن كينيدي جونيور في مؤتمر صحافي، أن معدل انتشار التوحّد في الولايات المتحدة ارتفع من واحد لكل 150 طفلاً في سن الثامنة في عام 2000، إلى واحد لكل 31 طفلاً في عام 2022. ووصف التوحّد بأنه "وباء ناجم عن سمّ بيئي"، علماً أن دراسات ربطت تعرض النساء لتلوث الهواء قبل الولادة بزيادة احتمال الإصابة بالتوحّد. ووجدت دراسة أميركية نُشرت في يونيو/ حزيران الماضي، وشملت أكثر من 8 آلاف طفل وأمهاتهم، أن التعرض لمستويات أعلى من الأوزون على علاقة بالتوحّد. وفي مايو/ أيار الماضي، أعلنت المعاهد الوطنية الأميركية للصحة مبادرة علوم بيانات التوحّد، والتي عرضت نحو 50 مليون دولار لتمويل دراسات حول أسباب التوحّد. وفي العادة يُرحب العلماء بالاستثمارات الكبيرة في البحوث، لكن ذلك لم يحصل هذه المرة، إذ أبدى عدد كبير منهم استياءهم من أن هذه التطورات تجاهلت عقوداً من العمل على تشخيصات التوحّد وتحديد أسباب تناميه. واستغربوا أن كينيدي جونيور صرّح بأن العوامل البيئية سبب رئيسي للتوحّد، في وقت تظهر فيه البحوث أن الوراثة تلعب دوراً أكبر، وأن تحديد عوامل التوحّد معقدة، كما تقول عالمة النفس في جامعة بوسطن بماساتشوستس، هيلين تاغر فلوسبرغ. ومن بين أسباب الاستياء أيضاً تشكيك الباحثين في أن كينيدي جونيور، وهو من أشد مناهضي اللقاحات، سيستخدم مؤشر مبادرة علوم بيانات التوحّد للترويج لفكرة مرفوضة علمياً تربط اللقاحات بالتوحّد. ويدرس الباحثون أسباب التوحّد منذ عقود، ويواجهون صعوبات في محاولة إيجاد أجوبة حاسمة. ويقول جيمس كوزاك، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "أوتيستيكس" الخيرية البريطانية، وهو مصاب بالتوحّد: "ببساطة لا نفهم الكثير عن كيفية عمل أي دماغ بشري، لذا نعتقد أن التوحّد أصعب بكثير مما كان يظنه الناس قبل 20 عاماً". وتقول عالمة الأوبئة في جامعة دريكسل بفيلادلفيا، ديانا شيندل: "ربما يكون التاريخ العائلي أقوى عامل خطر موجوداً. بعد العوامل الوراثية، تُشكل العوامل البيئية جزءاً صغيراً من العامل المسبب للتوحّد رغم وجود جدل حول حجم هذا التأثير". ويجادل بعض الباحثين بأن تأثير العوامل البيئية ضئيل للغاية، بينما يُعارض آخرون هذا الرأي.  وقدرت دراسة شملت خمس دول، ونُشرت في عام 2019، تأثير الوراثة على التوحّد بنحو 80%. رغم ذلك يعتبر باحثون أن تحديد الجينات الفردية المعنية بالوراثة أمر صعب. ويقول الباحث في مجال التوحّد بجامعة ولاية بنسلفانيا، غريغ نيوشافر: "الجينات نفسها معقدة جداً". وحاول باحثون تحديد الجينات عبر مقارنة أشخاص مصابين بالتوحّد مع غير مصابين ضمن عائلات، ما ساعد في تحديد مجموعة متغيّرات جينية نادرة، وهي اختلافات في تسلسل الحمض النووي تزيد نسبياً احتمالات الإصابة بالتوحّد، والعديد من هذه المتغيرات هي طفرات حديثة العهد، ويُعتقد أنها تُعدّ دافعاً للتوحّد لدى نحو 20% من المصابين به. ويقول عالم الوراثة في معهد باستور بباريس، توماس بورغيرون، إن البنية الجينية تختلف بين فرد وآخر، ووجد باحثون أن مئات وربما آلاف المتغيّرات الشائعة ذات التأثير الضئيل وحدها تملك تأثيراً كبيراً عند دمجها، وإذا كان لدى شخص عدد من المتغيّرات قد ينتهي الأمر بإصابته بأعراض تحتاج إلى تشخيص. وتتحدث دراسات عدة عن أن تقدم سن الوالدين يزيد احتمال إصابة الأطفال بالتوحّد، وأحد التفسيرات المحتملة أن أطفال الآباء الأكبر سناً أكثر عرضة للإصابة بطفرات جينية جديدة مقارنة بأطفال آباء أصغر سناً، علماً أن متوسط سن الإنجاب ارتفع في العديد من البلدان.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية