مخيم الجليل للاجئين الفلسطينيين في لبنان يعاني شحّ المياه وتلوثها
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
لم تفلح الآبار الأرتوازية في توفير مياه صالحة للشرب والاستخدام المنزلي لأهالي مخيم الجليل شرقي لبنان. وقد فاقم الجفاف وتراجع المتساقطات من حدة معاناة اللاجئين الفلسطينيين الذين يشكون تلوث المياه ببقايا حيوانية. يعاني أهالي مخيم الجليل للاجئين الفلسطينيين في مدينة بعلبك، شرقي لبنان، أزمة مياه خانقة تتفاقم منذ سنوات بعد ثبوت تلوث البئر الأرتوازية التي تزوّد الأهالي بمياه غير صالحة للشرب أو الاستخدام المنزلي، فضلاً عمّا تحمله من مخاطر صحية. وعلى الرغم من وجود عقد مع مصلحة مياه بعلبك لضخ كميات محددة يومياً، غير أن المياه لا تصل إلى المخيم إلا بنصف الحصة المتفق عليها، ما يزيد معاناة اللاجئين ويجبرهم على شراء المياه بتكاليف مرهقة، وسط استمرار الإهمال المزمن في واحد من أكثر المخيمات الفلسطينية حرماناً في لبنان. يقع مخيم الجليل عند مدخل مدينة بعلبك، على بُعد نحو 90 كيلومتراً شمال شرقي بيروت. أنشئ عام 1949 لإيواء اللاجئين الفلسطينيين الذين هُجّروا من منطقة الجليل في فلسطين المحتلة، ويُعرف أيضاً باسم "مخيم ويفل" نسبة إلى مدرسة فرنسية قديمة قريبة من المكان. ويُعدّ المخيم من أصغر المخيمات الفلسطينية في لبنان وأكثرها تهميشاً. وبحسب عضو لجنة المتابعة المركزية للجان الشعبية في لبنان، أسامة عطواني، فإن مساحة المخيم تبلغ 42 ألف متر مربع (نحو نصف كيلومتر مربع) وهو محاط بسور، وكان سابقاً عبارة عن ثكنة عسكرية أيام الانتداب الفرنسي للبنان بين عامَي 1920 و1943. وعلى أطراف المخيم وفي داخله "إسطبل" عبارة عن غرف للخيول، التي صارت منازل اللاجئين الفلسطينيين إلى المخيم بعد نكبة عام 1948، وهي منازل غير صحية تفتقر إلى التهوية وأشعة الشمس. ويلفت عطواني، المتحدر من بلدة لوبيا الفلسطينية، والمقيم في مخيم الجليل، إلى أنه بمرور الزمن، تضاعف عدد سكان المخيم، حيث يضم اليوم 650 عائلة فلسطينية مقيمة في لبنان، و150 عائلة فلسطينية نازحة من سورية. وعلى الرغم من سفر العديد من أهل المخيم إلى أوروبا ودول أخرى، غير أن المخيم لم يعد يتسع لهذا العدد من اللاجئين. ويوضح لـ"العربي الجديد" أن "مسؤولية تأمين مياه المخيم محصورة بوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). لكن للأسف يعاني المخيم منذ نحو عشرين عاماً من مشكلة المياه، وخصوصاً مياه الشرب. وبعد مناشدات طويلة حُفرَت بئر أرتوازية بتمويل من الاتحاد الأوروبي في ساحة المخيم، وكان من المفترض أن تُحفر البئر على عمق 450 متراً، لكن بعد متابعة اللجان الشعبية للمسألة تبيّن أن عمق البئر لا يتجاوز 326 متراً بفارق 124 متراً، وأن العمل كانت تشوبه شبهات منذ بداية الحفر وحتى انتهاء الأعمال، حيث أظهرت الفحوص المخبرية أن المياه ملوثة ببقايا حيوانية، وهي لا تصلح للشرب وغير آمنة للاستخدام المنزلي، وقد بلغت نسبة التلوث 432%". ويذكّر عطواني بأزمة مياه المخيم التي عادت إلى ما كانت عليه؛ المياه غير صالحة للشرب، تصدر عنها رائحة كريهة؛ غير أن الحلول كانت جزئية واقتصرت على الاستعانة بالصهاريج. ويقول: "اتُّفِق على تأمين 150 متراً مكعباً من المياه عبر محافظة البقاع، باشتراك تبلغ قيمته نحو 22 ألف دولار أميركي، لكن نتيجة التعديات، لم يصل إلى المخيم سوى خمسين متراً مكعباً". ويضيف: "عام 2018، وبتمويل من اليابان، حُفرت بئر جوفية عند أطراف المخيم بعمق 850 متراً، غير أن قوة ضخ المياه غير كافية للحاجات اليومية للمخيم، ما دفع اللجان الشعبية إلى رفع رسالة للرئيس الفلسطيني محمود عباس ودائرة شؤون اللاجئين، من أجل تأمين محطة تكرير توفّر مياه الشرب لأبناء المخيم. وفي عام 2020 أُنشئت محطة التكرير التي قمنا لاحقاً بزيادة سعتها ورفدها بالطاقة الشمسية، وذلك بتمويل من المجلس النرويجي للاجئين، أضف إلى تزويدها بمولد كهربائي قدمته دائرة شؤون اللاجئين. كانت المحطة تضخ مياه صالحة للشرب بما لا يقل عن 6 آلاف ليتر يومياً لأبناء المخيم والجوار من لبنانيين ولاجئين سوريين، لكننا اليوم أمام أزمة مياه خاصة يشهدها مخيم الجليل، وأزمة مياه على مستوى محافظة بعلبك - الهرمل، نتيجة تراجع المتساقطات وتغير المناخ، ما أدى إلى جفاف العديد من الآبار، وحتى الينابيع التي يبلغ عمقها 200 إلى 300 متر". ويكشف عطواني أن "نسبة المياه تدنّت إلى نحو 70% من المعدل العام السابق، ما انعكس سلباً على الآبار الخمسة الموجودة في المخيم، حيث نجد في الخدمة اليوم فقط بئرَين، لكن المياه موحلة، ما يشير إلى جفاف قريب سيصيبهما". ويتابع: "نتيجة الواقع الراهن، اتخذت "أونروا" واللجان الشعبية تدابير عديدة، منها تقنين المياه ومدة توزيعها، وإذا استمرت الحال على ما هي عليه، سنعتمد تقنيناً إضافياً أو تباعداً بالمدة الزمنية، وسندعو الأهالي إلى ترشيد استخدام المياه، خصوصاً في ظل التعديات على شبكات المياه. أما الحل، فيكمن بحفر بئر جديدة أو انتظار المتساقطات". ويلفت أمين سر اللجنة الشعبية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية في مخيم الجليل، طارق عطور، وهو المتحدر من بلدة فرّادة الفلسطينية، إلى أن "وكالة أونروا كانت منذ شهرين توزع المياه على أهالي المخيم لمدة ساعة يومياً، لكن بسبب الجفاف وتراجع منسوب المياه، تدنّت مدة الضخ إلى 40 أو 45 دقيقة في حد أقصى". ويؤكد لـ"العربي الجديد" أن المشكلة الأساسية هي الجفاف الناتج من قلة الأمطار، أما المشكلة الثانوية فهي التعديات على شبكة المياه. ويقول: "نسعى لتوجيه أهلنا إلى وقف هذه التعديات، لكن هناك بعض الحالات التي يستخدم فيها الشخص مضخة كبيرة تسحب كميات من المياه، ويحرم بالتالي جيرانه المياه، أو يتعدى بخطين على خزان واحد، أو يجرّ المياه مباشرة من الخط الرئيسي. هذه التصرفات تؤدي إلى خلل كبير بالتوزيع، علماً أن طبيعة المخيم معقدة، لأن الشبكة تكون أحياناً ظاهرة ومكشوفة، ومن الصعب مراقبتها بشكل كامل".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية