
عربي
شهدت سوق السيارات المستعملة في فرنسا وأوروبا، خلال شهر سبتمبر/ أيلول، هبوطاً ملحوظاً في الأسعار، وهو ما عكسته أحدث بيانات منصة "لو بون كوان"، إذ انخفض متوسط أسعار سيارات الديزل إلى 17324 يورو، بتراجع قدره 966 يورو مقارنة بسبتمبر/ أيلول 2024، فيما بلغت أسعار سيارات البنزين 17937 يورو بانخفاض قدره 670 يورو. أما السيارات الكهربائية، فقد سجلت أكبر تراجع، إذ استقرت عند 23214 يورو، أي أقل بما يقارب 10 آلاف يورو مقارنة بعام 2023، فيما بلغت أسعار السيارات الهجينة 30124 يورو، بانخفاض يقارب 1918 يورو.
والأسعار المعروضة لا ترتبط بسنة تصنيع محددة، بل تمثل متوسط أسعار جميع السيارات المستعملة المتداولة في السوق بغض النظر عن سنة الصنع. فالعرض يشمل طرازات قديمة وأخرى حديثة بسنوات قليلة، بعضها لا يزال تحت الضمان، وبعضها الآخر مرّ بعدة سنوات من الاستعمال. لذلك، فإن متوسط الأسعار يعكس صورة عامة للسوق، لا تصنيفاً بحسب سنة الإنتاج أو عمر السيارة.
وحتى في ألمانيا، وحسب موقع "موبيل دوت كوم"، وهي من أكبر المنصات لبيع السيارات المستعملة في أوروبا، فقد سجلت هبوطاً في الأسعار، حيث تراوح الفارق مقارنة بأغسطس/ آب بين ألف يورو و1500 يورو، خصوصاً بالنسبة إلى السيارات الكهربائية.
انعكاس على جنوب المتوسط
هذا الهبوط انعكس بالإيجاب على سوق السيارات المستعملة المستوردة من أوروبا نحو شمال أفريقيا، ولا سيما في الجزائر والمغرب وتونس، حيث يلجأ الكثير من مواطني هذه الدول إلى اقتناء سيارات مستعملة من الضفة الشمالية للمتوسط. في ظل ارتفاع أسعار السيارات الجديدة والمصنّعة محلياً، أو لمن لا يفضّل السيارات ذات الصنع الصيني.
وفي هذا السياق، يلاحظ الخبراء الذين تحدثوا إلى صحيفة لوباريزيان الفرنسية أن الطرازات ذات الكيلومترات القليلة، والتي لم يمضِ على إنتاجها سوى عامين أو ثلاثة، تباع بسرعة وبأسعار جيدة نسبياً، رغم تراجع السوق، بينما تشهد الطرازات الأقدم انخفاضات أكبر. ومن اللافت، بحسب الصحيفة، أن توسع عرض السيارات الكهربائية والهجينة، الذي قفز من نحو 7000 سيارة كهربائية مستعملة قبل ثلاث سنوات إلى 45 ألف اليوم، ساهم في خفض الأسعار بشكل واضح، خصوصاً مع المنافسة الشديدة التي فرضتها علامات مثل "بي واي دي" الصينية، فضلاً عن التخفيضات الحادة التي أجرتها تسلا للتخلص من مخزونها.
وقال الخبير في سوق السيارات الأوروبية وصاحب مساحات لبيع السيارات المستعملة وتوريدها لشمال أفريقيا إلياس جلال، لـ"العربي الجديد"، إن سوق السيارات المستعملة في أوروبا متقلبة ولا يمكن الوثوق بها، وأرجع الهبوط الكبير في الأسعار في سبتمبر/ أيلول الجاري إلى فترة الصيف التي عادة ما يشوبها الركود، فضلاً عن اقتراب نهاية العام الحالي، و"المستهلك دائماً يفضل في آخر ربع من السنة انتظار بداية العام الجديد لاقتناء سيارة جديدة".
أسباب انخفاض الأسعار
وقال إلياس إن الأمر يختلف بين السيارات العادية والسيارات الكهربائية، مشيراً إلى أن سوق السيارة الكهربائية المستعملة يعرف انخفاضاً، وشبّه السيارة الكهربائية بالهاتف الجوال الذي كلما كثر استعماله فقدت بطاريته جزءاً من استمراريتها، وبالتالي يقلّ السعر بنسبة كبيرة، وأشار إلى أن الفارق بين سعر الشراء ثم البيع يصل أحياناً إلى 30 ألف يورو.
من جهته، قال الطاهر عباري، وهو وسيط بيع السيارات المستعملة في باريس، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة الفرنسية شجعت كثيراً المواطنين على اقتناء السيارات الكهربائية ومنحتهم مزايا، لكن لا تزال السيارة الألمانية هي الأكثر رواجاً بالنظر إلى طول فترة استعمالها. أما بخصوص هبوط الأسعار، فأرجع ذلك إلى تفضيل من لديهم قدرة شرائية متوسطة اقتناء السيارات الصينية، وأيضاً لجوء البعض إلى اقتناء السيارات الكهربائية.
وحسب الطاهر، فإن انعكاس الأسعار على دول جنوب المتوسط، كالجزائر والمغرب وتونس، سيكون ظرفياً فقط، "فهناك رسوم إضافية سيدفعها مواطنو هذه الدول من جمرك، وغيرها". بذلك، يبدو أن سوق السيارات المستعملة في فرنسا وأوروبا تدخل مرحلة جديدة لا يُقاس فيها السعر فقط بسنة الصنع، بل أيضاً بنوع المحرك ومدة حياة السيارة المتوقع، ما يدفع المستهلك إلى التفكير أبعد من الكلفة الفورية.
