
عادت أسعار النفط والذهب إلى الارتفاع، اليوم الخميس، بعد موجة من الخسائر والتقلبات التي أثارتها التوترات الجيوسياسية والتوقعات الاقتصادية المتغيرة. ففي الوقت الذي شهدت فيه سوق النفط دعماً من انخفاض مفاجئ في المخزونات الأميركية، ساعد تراجع الدولار وتزايد التوقعات بخفض أسعار الفائدة على تعزيز جاذبية الذهب ملاذاً آمناً. وبينما تترقب الأسواق نتائج القمة الأميركية الروسية المرتقبة، تبقى حالة من الترقب والحذر تسيطر على المستثمرين وسط مخاوف من تصعيد العقوبات وفرض رسوم جمركية جديدة.
ارتفاع أسعار النفط بدعم من استقرار الطلب وتراجع المخزونات الأميركية
ارتفعت أسعار النفط، اليوم الخميس، لتُنهي سلسلة خسائر استمرت خمسة أيام متتالية، وسط مؤشرات إلى استقرار الطلب في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم، فيما هدأت المخاوف من اضطراب الإمدادات نتيجة احتمال إجراء محادثات أميركية روسية بشأن الحرب الأوكرانية، ما خفف من تأثير العقوبات المحتملة. بحلول الساعة 00:39 بتوقيت غرينتش، صعدت العقود الآجلة لخام برنت 20 سنتاً، أو 0.3%، إلى 67.09 دولاراً للبرميل، كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 22 سنتاً، أو 0.3%، إلى 64.57 دولاراً للبرميل.
وكان الخامان قد تراجعا بنحو 1% إلى أدنى مستوياتهما في ثمانية أسابيع أمس الأربعاء، عقب تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب حول إحراز تقدم في المحادثات مع موسكو. وأفاد مسؤول في البيت الأبيض بأنّ ترامب قد يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع المقبل، رغم استمرار الولايات المتحدة في استعداداتها لفرض عقوبات ثانوية قد تشمل الصين، للضغط على موسكو لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وتُعد روسيا ثاني أكبر منتج للنفط الخام في العالم بعد الولايات المتحدة.
في المقابل، تلقت أسواق النفط دعماً من تراجع أكبر من المتوقع في مخزونات الخام الأميركية الأسبوع الماضي. وقالت إدارة معلومات الطاقة، أمس الأربعاء، إنّ مخزونات النفط الخام انخفضت ثلاثة ملايين برميل إلى 423.7 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في الأول من أغسطس/ آب، وهو ما يفوق توقعات المحللين في استطلاع أجرته "رويترز" بانخفاض قدره 591 ألف برميل. وقد تراجع المخزون مع ارتفاع صادرات الخام الأميركية وزيادة معدل استهلاك المصافي.
ورغم ذلك، أشار هيرويوكي كيكوكاوا، كبير المحللين في "نيسان للاستثمار في الأوراق المالية"، إلى أنّ المستثمرين لا يزالون يتوخون الحذر في ظل الطبيعة غير المستقرة للمحادثات والوضع العام للعرض والطلب، مع زيادة الإنتاج من قِبل المنتجين الرئيسيين، وقال: "حالة عدم اليقين بشأن نتائج القمة الأميركية الروسية المرتقبة، والرسوم الإضافية المحتملة على الهند والصين، وهما من كبار مستوردي الخام الروسي، إضافة إلى التأثير الأوسع للتعرفات الجمركية الأميركية على الاقتصاد العالمي، كلها عوامل تدفع المستثمرين إلى توخي الحذر".
وأضاف كيكوكاوا: "مع الزيادات المتوقعة في إنتاج تحالف أوبك+ وتأثيرها على الأسعار، من المرجح أن يظل خام غرب تكساس الوسيط في نطاق يراوح بين 60 و70 دولاراً لبقية الشهر". وكان ترامب قد أعلن، أمس الأربعاء، عن رسوم إضافية بنسبة 25% على السلع الهندية، مبرراً القرار باستمرار الهند في شراء النفط الروسي. ومن المقرر أن تدخل رسوم الاستيراد الجديدة حيز التنفيذ بعد 21 يوماً. كما لوّح بفرض رسوم مماثلة على الصين بنسبة 25% بسبب مشترياتها من النفط الروسي.
الذهب يرتفع مع تراجع الدولار وتزايد توقعات خفض الفائدة
وارتفعت أسعار الذهب بشكل طفيف، اليوم الخميس، بدعم من تراجع الدولار، وسط توقعات متزايدة بخفض أسعار الفائدة الأميركية الشهر المقبل، بينما يترقب المتعاملون ترشيحات الرئيس دونالد ترامب لمجلس محافظي البنك المركزي. بحلول الساعة 00:57 بتوقيت غرينتش، ارتفع الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.1% إلى 3372.97 دولاراً للأوقية (الأونصة)، فيما صعدت العقود الأميركية الآجلة للذهب بنسبة 0.3% إلى 3442.20 دولاراً.
وحام مؤشر الدولار بالقرب من أدنى مستوياته في أكثر من أسبوع، بعد صدور بيانات وظائف أميركية ضعيفة الأسبوع الماضي، ما عزز التوقعات بخفض مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) لأسعار الفائدة في سبتمبر/ أيلول المقبل. ووفقاً لأداة "فيد ووتش" التابعة لـ"CME"، يتوقع المتعاملون الآن بنسبة 95% خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الشهر المقبل، مقارنة بـ48% قبل أسبوع.
وقال نيل كاشكاري، رئيس البنك الفيدرالي في مينيابوليس، إنّ المجلس قد يضطر إلى خفض الفائدة على المدى القريب استجابة لتباطؤ الاقتصاد الأميركي، رغم أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت الرسوم الجمركية ستستمر في دفع التضخم للارتفاع. وفي هذا السياق، أصدر ترامب أمراً تنفيذياً، أمس الأربعاء، بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على السلع الواردة من الهند، مشيراً إلى أن البلاد تستورد النفط الروسي بشكل مباشر أو غير مباشر، وذلك بالإضافة إلى الرسوم الجمركية السابقة بالنسبة نفسها.
ويُعد الذهب من أصول الملاذ الآمن في أوقات الضبابية السياسية والاقتصادية، ويميل إلى الازدهار في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة. وقال ترامب أمس، إنه قد يُحدد خلال الأيام المقبلة مرشحاً لشغل منصب شاغر قريباً في مجلس محافظي الاحتياط الفيدرالي، على أن يُترك قرار التعيين الدائم لاحقاً. أسعار المعادن النفيسة الأخرى، مثل الفضة، استقرت في المعاملات الفورية عند 37.83 دولاراً للأوقية، أما البلاتين، فقد ارتفع بنسبة 0.2% إلى 1336.74 دولاراً، وصعد البلاديوم، بنسبة 0.7% إلى 1139.98 دولاراً.
وول ستريت تغلق على ارتفاع مدعومة بمكاسب التكنولوجيا وتفاؤل المستثمرين
وأنهى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 جلسة التداول مرتفعاً بمقدار 46.06 نقطة، بما يعادل 0.72%، ليغلق عند 6344.67 نقطة. كما سجل مؤشر ناسداك المجمع أداءً قوياً، إذ قفز 251.97 نقطة، أو 1.21%، ليصل إلى 21168.52 نقطة، مدعوماً بمكاسب في أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى. وبدوره، صعد مؤشر داو جونز الصناعي بمقدار 79.42 نقطة، أي بنسبة 0.18%، منهياً الجلسة عند 44191.16 نقطة، وسط تداولات اتسمت بالحذر النسبي من جانب المستثمرين في القطاعات التقليدية.
ورغم بوادر الاستقرار في أسواق الطاقة والمعادن، إلا أنّ التوجهات المستقبلية تبقى رهينة التحركات السياسية والاقتصادية المتسارعة، بدءاً من محادثات واشنطن وموسكو، مروراً بقرارات مجلس الاحتياط الفيدرالي، وصولاً إلى سياسات الرسوم الجمركية التي تنتهجها الإدارة الأميركية. وفي ظل هذه المعطيات، يبقى الحذر سيد الموقف في أسواق المال، وسط مساعٍ حثيثة من المستثمرين لحماية رؤوس أموالهم في بيئة دولية تتسم بالتقلّب وعدم اليقين.
(رويترز، قنا، العربي الجديد)
